تدهور الحَضارة الغربيَّة \ اِشبنجلر
وأَخيرًا تخبو شعلة النَّفس على مطلع فجر المدينة الأغبر، لٰكن سرعان ما تنتفض القوىٰ المُتهالكة مرَّة ثانية فيلاقي مجهودها الاِبداعيّ نصف نجاح فتنتج التكلسك (Classicism ) المألوف في كلِّ حضارة تُعاني نزع الاحتضار، فتصبح النَّفس مرَّة أُخرى فريسة للافكار، و ترتمي في احضان الرومانطيكيَّة، وتعود بناظريها لتحلق في طفولتها كئيبة. وأَخيرًا، وبعد طویل اِجهاد وتردّد وبرودة، تفقد رغبتها في الحياة كما حدث في روما الإمبراطوريَّة عندما تمنَّت الهروب من رابعة النَّهار إلىٰ ظلام الصوفيَّة الأوليَّة، الهُروب إلىٰ رحم الأم، إلىٰ القبر. ويتلبَّس النَّفس سحرٌ و ”تدیّن ثان“، ويتوجَّه الإنسان الكلاسيكيُّ المُتأخِّر زمنًا إلى ممارسة طقوس أدیان ”میترا“ ،و”ازیيس“، والشمس، أنَّها الاديان ذاتها التي وُلِدت ضمنها نفس وليدة في الشرق، نفسٌ تسيل من جديد بخمرة الأحلام والمخاوف والتوحُّد.