معضلة القطار...علم الأخلاق


 


المسألة الأخلاقية القديمة 

معضلة القطار أو مفارقة القطار هي تجربة فكرية في علم الأخلاق والشكل العام للمشكلة هو :

هنالك عربة قطار تسير باتجاه خمسة أشخاص مقيدين أو عاجزين عن الحركة ممددين على السكة يعنى مسار القطار أنت تقف بالقرب من العتلة التي تتحكم بمحولة السكة الحديدية إذا سحبت العتلة، ستتابع العربة سيرها في المسار الثانوي الآخر وسيتم إنقاذ خمسة أشخاص على المسار الرئيسي لكن يوجد شخص واحد ممدد على المسار الثانوي أنت أمام خيارين :

الخيار الأول هو ألا تفعل شيئا وتسمح للعربة بقتل خمسة أشخاص على المسار الرئيسي .

الخيار الثاني هو سحب العتلة، وتحويل العربة إلى المسار الثانوي وسوف تقتل شخص واحد .

س/ ترى أي الخيارين هو أكثر أخلاقية مع التعليل لاختيارك ..؟




معضلة القطار هي تجربة فكرية شهيرة في مجال الأخلاق، تهدف إلى استكشاف المفاهيم الأخلاقية المتعلقة بالخير العام والتضحية. تتنوع معضلة القطار في تفاصيلها:


السيناريو الأساسي:


تخيل أنك تقف بجانب رافعة تحويل مسار قطار. يسير قطار خارج عن السيطرة على مسار يؤدي إلى قتل خمسة أشخاص. يمكنك سحب الرافعة لتحويل مسار القطار إلى مسار آخر يؤدي إلى قتل شخص واحد فقط.


الأسئلة الأخلاقية المطروحة:


هل من الأخلاقي التدخل وتغيير مسار القطار، وبالتالي التسبب في قتل شخص واحد، لإنقاذ حياة خمسة أشخاص؟

هل عدم التدخل يعتبر فعلًا أخلاقيًا، حتى لو كان يعني موت خمسة أشخاص؟

هل قيمة حياة الإنسان متساوية، بغض النظر عن العدد؟

هل النتيجة النهائية (عدد القتلى) هي المعيار الوحيد للحكم على الفعل الأخلاقي؟

تنوعات المعضلة:


تتنوع معضلة القطار في تفاصيلها، مما يؤدي إلى تغيير الأحكام الأخلاقية. من بين هذه التنوعات:


معضلة الرجل السمين: في هذا السيناريو، يمكنك دفع رجل سمين إلى مسار القطار لإيقافه، وبالتالي إنقاذ حياة الخمسة أشخاص. هل هذا الفعل يعتبر أخلاقيًا؟

معضلة الطبيب: في هذا السيناريو، طبيب لديه خمسة مرضى يحتاجون إلى أعضاء للزراعة. يأتي مريض سليم إلى المستشفى. هل من الأخلاقي قتل المريض السليم لأخذ أعضائه وإنقاذ حياة الخمسة مرضى؟

الأهمية:


تعتبر معضلة القطار أداة قيمة لتحليل المفاهيم الأخلاقية المختلفة، مثل:


المنفعة: وهو المذهب الأخلاقي الذي يركز على تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس.

الواجب: وهو المذهب الأخلاقي الذي يركز على الالتزام بالقواعد والمبادئ الأخلاقية، بغض النظر عن النتائج.

الأخلاق الفردية مقابل الأخلاق الجماعية: هل يجب أن نركز على حماية حياة الفرد، أم على تحقيق الخير العام؟

معضلة القطار ليست لها إجابة صحيحة أو خاطئة. الهدف منها هو تحفيز التفكير النقدي في القضايا الأخلاقية المعقدة.

سُؤال الأخلاق، وعلى طريقة الفيلسوف المغربي "طه عبد الرحمن"، وهل الأولويّة للأخلاقيّة أم للعقلانيّة؟ ولكنْ هنا سأتناول مسألة واحدة وشائكة جدّاً، ولا أظنُّ أنّ هناك سبيلاً أخلاقيّاً للخروج منها، مشيراً بعلامة النصر بإصبعيك وأنت تتصبب عرقاً من هول ما كنتَ فيه! ألا وهي معضلة الترولي أو كما تسمّى بلغتها الأصليّة Trolley dilemma.

  

الفيلسوفة البريطانية فيليبا فوت هي من طرح هذه المشكلة على هذه الطريقة وهذا الوصف الذي سيتمّ ذكره لاحقاً، وقد جرى بعض التعديلات عليها، وأشهر من عدّل عليها هو الفيلسوف الأمريكي جوديث توماسون، وفي البدايةِ سأعرضُ ما قالته فيليبا فوت وبتحريرٍ منّي، تخيّل نفسك وأنتَ تقفْ على مفترقِ سكّة قطار، وتحديداً عند المقبض الذي تستطيع من خلاله تغيير مسار هذا القطار، وأمامك شخصٌ مربوطٌ بإحكام على السكّة، وعلى المسار الثاني هناك خمسةُ أشخاصٍ مربوطون أيضاً وعلى نفس طريقةِ الشخص المنفرد بذاته، وإذ بالقطار يأتي مسرعاً، وهنا تبدأ هذه المشكلة الأخلاقيّة، فعليك أنْ تحدد على من سيكمل القطار مسيره! على الشخص الوحيد، أم على الخمسة؟

 

البداية الصحيحة للنظر في هذه المُشكلة، هي إسقاطها على نفسك قبل أن تُتعب عقلك بالتفكير في ردود أفعال الآخرين، وجمع أكبر عدد من النتائج، وبعد ذلك عقدْ بعض من المقارنات بينها وبين ما يمكن أن يصدر عنه غيرك، وأوّل ما سيخطر لكَ في الغالب، هو تغيير مسار القطار ليتجه صوب الشخص، وبذلك تكون قد أنقذت خمسة أشخاص، ولكن هل هذا سيعطيك نشوة أو تصالح؟ بالطبع: لا! لأنّ إنقاذ هؤلاء الخمسة، كان على حساب إنهاء حياة شخص آخر، وبالمقابل كيف لكَ أن تقتل الخمسة، وتُنقذ شخصاً واحداً فقط!

احتمالات لا حصرَ لها وسوفَ تُفضي بك إلى صراعات شديدة ولا مهربَ منها، ولكنْ هذا سيحصل إن كنتَ تَنظر للمسألة من وجهة نظر أخلاقيّة فقط، وتبني تصرّفاتك وأفعالك على أساس أخلاقي بحتْ، بعيداً عن العقلانيّة المفرّغة من العواطف إلى حدّ ما، فإنْ كنت ساديّاً مثلاً ستتبنى ما قاله ستالين: "قتل شخص واحد سيعدُّ جريمة، ولكنْ قتل مليون سيكون إحصائيّة" ومن هنا لنْ تلقِ بالاً إلى من سيموت، ولن تكون ضحيّة لهذه المُشكلة! وأودُّ ذكر ما قاله الفيلسوف الأخلاقي إيمانيول كانط، والذي أراه يزيد في هذه المعضلة تعقيداً، فقد ضربَ كانط مثالاً سمّاه "فأس كانط" وباختصار، يعود هذا الفأس لرجلٍ يحمله وقد عزم على قتلِ صديقٍ لك معك في المنزل، وفي أثناء انتظاره بعد طرقِ الباب، تخرجُ للباب وتراه حاملاً هذا الفأس وسائلاً عن صديقِك، وفي هذا يقول كانط: "عليك أن لا تكذبْ" وأن تُخبره أنّ صديقك موجود في المنزل، لأنّك إن كذبتْ، فإنّ هناك احتمالاً مفاده أنْ يختار هذا الرجل الباب الخلفي ويقتل صديقك أثناء هروبه من المنزل، فكذبُك هذا أدّى إلى قتلِ صديقك، ناهيك عن فعل الكذب والذي يرفضه كانط بالمطلق، وبعبارةٍ أخرى يريد كانط أنْ يحدد الغير الأخلاقيّة في ذات الفعل، متجاهلاً نتيجة هذا الفعل! فعليك التصرّف بشكل أخلاقي بغضّ النظر عن النتائج.

 

إيمانيول كانط مفرط في فلسفته الأخلاقيّة -إنْ صحّ القول- ولا أظنُّ أنَّ الكثير سيصادق على ما يقول، حتّى أنّه رفضَ دور العقل في الاستدلال على وجود الله، واستعاض عنه بالضمير، على كلِّ حال، ما عرضته سابقاً سيزيد في تعقيد مشكلتنا، لأنّ الفعل في ذاته لن يندرج تحت تصنيف أخلاقي، فتغيير المسار باستخدام المقبض فعل طبيعي جدّاً، ولكن نتيجته هي الكارثة! وإن قلتَ لنفسك، ماذا لو تركتُ القطار ولم أفعلْ شيئاً؟ النتيجة هي الموت، حتّى وإنْ لم تحرّك ساكناً.

 

إنّ أكثرَ عملْ ناقش هذه المُشكلة، ولكنْ على نسقْ مختلف هو مسلسل "The Walking Dead"، واضعاً أبطال هذا المسلسل في مواقف كهذه المُشكلة، يحددون فيها منْ يُقتل، ومن يُعفى عنه! ولعلّه نموذج واضح للاختيار الحرّ، ويعود هذا لغياب القانون تماماً، في عالم مليء بالزومبي قانونه الوحيد هو البقاء على قيد الحياة مهما كلّف الأمر، وفي كلِّ عمليّة قتل تحصل، تبدأ التبريرات بالظهور، وتبدأ عمليّة تسكين النفس، وأنّ القتل الذي حصل كان في محلّه! ولم يُوصف بالعبث نهائيّاً، وهذا تماماً ما حصل في مُعضلة الترولي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

كتاب المتلاعبون بالعقول \ هربرت شيلر

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل