"أشهر 50 خرافة في علم النفس"

 






كتاب "أشهر 50 خرافة في علم النفس" (50 Great Myths of Popular Psychology) للمؤلفين سكوت ليلينفيلد، وستيفن جاي لين، وجون روشيو، وباري بايرستين، هو رحلة نقدية وممتعة في عالم علم النفس الشعبي، يهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في أذهان الكثيرين. لا يكتفي الكتاب بعرض الخرافات فحسب، بل يقوم بتفنيدها علميًا، معتمدًا على أحدث الأبحاث والدراسات النفسية. يُمثّل هذا الكتاب أداة ثمينة لكل من يرغب في فهم علم النفس بشكل صحيح، بعيدًا عن الأساطير والمعتقدات الشائعة.


الفصل الأول: الخرافات الشائعة حول العقل والدماغ

يركز هذا الفصل على الخرافات المتعلقة بآلية عمل العقل والدماغ. يتناول مفاهيم مثل استخدام 10% فقط من الدماغ، وأن الذاكرة تعمل مثل شريط الفيديو، و التخاطر (Telepathy). يوضح المؤلفون أن هذه الأفكار مجرد أساطير لا أساس لها من الصحة، وأن الدماغ يعمل بكامل طاقته في جميع الأوقات، وأن الذاكرة عملية معقدة وبناءة وليست مجرد تسجيل سلبي للأحداث.



"إن فكرة أننا نستخدم 10% فقط من أدمغتنا هي إحدى أشهر الخرافات في علم النفس، رغم أنها لا تستند إلى أي دليل علمي. إن الدماغ بأكمله يعمل، وإن لم يكن في وقت واحد، فهو يعمل في تفاعلات معقدة ومتكاملة."


يُشير هذا الاقتباس إلى أن خرافة الـ 10% منتشرة جدًا، لكنها لا تُفسّر وظائف الدماغ المعقدة. يُفند الكاتب هذه الخرافة بالدليل العلمي، مؤكدًا أن أي ضرر بسيط في أي جزء من الدماغ يُمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، مما يُثبت أن كل جزء من الدماغ له وظيفته الحيوية.


الفصل الثاني: خرافات حول العلاج النفسي

في هذا الجزء، يتناول الكتاب الخرافات المحيطة بالعلاج النفسي، مثل أن العلاج النفسي يتطلب سنوات طويلة، و علاج الصدمة بالذكريات المكبوتة (Repressed Memories). يُوضح المؤلفون أن العلاج النفسي الفعال يمكن أن يكون قصير الأجل، وأن فكرة استعادة الذكريات المكبوتة للصدمات غالبًا ما تكون غير موثوقة وقد تؤدي إلى نتائج سلبية.



"لا يوجد دليل قوي على أن 'الذكريات المكبوتة' (Repressed Memories) التي يتم استعادتها خلال العلاج هي ذكريات حقيقية للأحداث الصادمة. في كثير من الحالات، قد تكون هذه الذكريات مجرد ذكريات زائفة ناتجة عن التلقين أو الاقتراحات."


يُقدم هذا الاقتباس نقدًا لأسلوب العلاج الذي يعتمد على استعادة الذكريات المكبوتة. يُؤكد المؤلفون أن الذاكرة ليست موثوقة بالكامل، وأن العلاج الذي يركز على هذا الجانب قد يُنشئ ذكريات زائفة في ذهن المريض، مما يُعقّد العلاج بدلًا من أن يُساعده.


الفصل الثالث: خرافات حول التنمية البشرية والذكاء

يُفنّد هذا الفصل الخرافات المتعلقة بالذكاء والقدرات العقلية، مثل تأثير موزارت على ذكاء الأطفال، و نظرية أنماط التعلم (Learning Styles). يُظهر الكتاب أن الاستماع إلى موسيقى موزارت لا يُحسّن من ذكاء الأطفال بشكل دائم، وأن نظرية أنماط التعلم (مرئي، سمعي، حركي) لا تدعمها الأدلة العلمية، وأن التعلم يعتمد على عوامل أخرى أكثر تعقيدًا.



"إن نظرية 'أنماط التعلم' (Learning Styles) التي تفترض أن الأفراد يتعلمون بشكل أفضل عندما يتم تقديم المعلومات لهم بطريقة تتوافق مع نمطهم المفضل (مثل النمط البصري أو السمعي) هي خرافة شائعة لا تدعمها الأبحاث العلمية."


يُبرز هذا الاقتباس أن فكرة أنماط التعلم هي مجرد أسطورة. يُؤكد المؤلفون أن أفضل طريقة للتعلم هي التي تُناسب المحتوى نفسه، وليس النمط المفضل للطالب. فتعلم مهارة حركية (مثل السباحة) يتطلب ممارسة عملية، بغض النظر عن النمط المفضل للفرد.


الفصل الرابع: خرافات حول العلاقات الاجتماعية والشخصية

يتطرق هذا الجزء إلى الخرافات المتعلقة بالسلوك الإنساني والعلاقات، مثل أن "العين الساهرة" (Sleepwalking) هي تمثيل لهروب من الواقع، و "نظرية التنفيس (Catharsis) عن الغضب"، و "أن الأضداد تتجاذب" (Opposites Attract). يُوضح الكتاب أن الأضداد غالبًا ما تتنافر، وأن التعبير عن الغضب بشكل عدواني يُزيد من مشاعر الغضب بدلاً من تخفيفها.



"إن الاعتقاد بأن 'التنفيس عن الغضب' عن طريق التعبير عنه بعدوانية يُساعد في التخلص منه هو خرافة. إن الأبحاث تُشير إلى أن التنفيس العدواني يُمكن أن يزيد من مشاعر الغضب ويُبقيها حية لوقت أطول."


يُوضح هذا الاقتباس أن التنفيس عن الغضب قد يكون ضارًا. يُفنّد الكاتب فكرة أن الصراخ أو التعبير عن الغضب يُساعد على التخلص منه، مؤكدًا أن هذا السلوك قد يُعزز من الغضب بدلًا من تخفيفه.


الفصل الخامس: خرافات في علم النفس الجنائي والعدالة

يتناول هذا الفصل الخرافات المتعلقة بالنواحي الجنائية، مثل أن الكذب يُمكن كشفه بسهولة، و أن بصمات الأصابع هي الطريقة الوحيدة والموثوقة للتعرّف على الجاني، و أن شاهد العيان يُمكنه تذكر الجريمة بدقة كاملة. يُظهر المؤلفون أن الكذب ليس له علامات واضحة، وأن الذاكرة مُضللة، وأن شهادة الشهود ليست موثوقة دائمًا.



"إن الاعتقاد بأن 'الكذب يُمكن كشفه بسهولة من خلال علامات معينة' (مثل تجنب الاتصال بالعين) هو اعتقاد خاطئ. لا يوجد مؤشر سلوكي موثوق أو عالمي للكذب، والبحث يُظهر أننا لسنا بارعين في كشف الكذب."


يُفنّد هذا الاقتباس فكرة أن هناك علامات جسدية عالمية للكذب. يُؤكد المؤلفون أن كشف الكذب عملية صعبة ومعقدة، وأن معظم الناس ليسوا بارعين في التمييز بين الصدق والكذب، وأن هذه العلامات السلوكية قد تُضلّل المحققين.


يُعتبر كتاب "أشهر 50 خرافة في علم النفس" عملًا رائدًا في مجال التوعية العلمية. لا يُقدم الكتاب مجرد قائمة من الخرافات، بل يُعلم القارئ كيفية التفكير النقدي والتحليل العلمي، وكيفية التمييز بين الحقيقة والخرافة. يُساعد الكتاب على بناء فهم أقوى وأكثر دقة لعلم النفس، ويُشجع على عدم التسليم بالأفكار الشائعة دون أدلة.


سؤال للمتابعة:

بعد قراءتك لهذه الأفكار، أي خرافة من الخرافات المذكورة في الكتاب وجدتها الأكثر إثارة للدهشة أو الأكثر انتشارًا في مجتمعك؟

تعليقات