المشاركات

الكلّ يخافُ من الحميميّة، ومن الألفة والمودّة \ أوشو

صورة
  الكلّ يخافُ من الحميميّة، ومن الألفة والمودّة  الحميميّة تعني أن تكشفَ نفسك أمام غريبٍ، وكلّنا غرباء . لا أحد يعرفُ الآخر، فنحن غرباءُ عن أنفسنا، لأنّنا لم نعرف أنفسنا بعد ! عليك أن تزيل كلّ الحواجز حتّى تحضر المحبّة والحميميّة، ولكنّ الخوف ينتابك حينما تفكّر بذلك، فماالذي يمكن للغريب أن يفعله بك ؟  إنّنا نخبّئ الكثير من الأمور في داخلنا، نخبّئها حتّى عن انفسنا، لأنّنا نشأنا على أمور فرضتها علينا الإنسانيّة المريضة، مع الكثير من المكبوتات والمحرّمات ؟ الحميميّة ببساطة تعني أنّ أبواب القلب مفتوحة لك، دروب القلب ترحّب بك لتأتي وتدخل وتستضيف، وهذا لن يحصل إلا إذا كان لديك قلبٌ ليس فيه كبت أو خوف ؟! قلبٌ طبيعيٌّ كما هي الشجرة طبيعيّة، كما هم الأطفال الأبرياء ! إنّ الخوف الذي تشعر به مع الغريب، هو نفس الخوف الذي تشعر به أثناء تواجدك مع شخصٍ تعيشُ معه ثلاثينَ او أربعينَ عاماً من الغربة ؟!  ستجد أنّ هناك مسافات تفصل بينكما، تعتبرها مسافات أمان ، وفيها تضع حواجزك ودفاعاتك، خوفاً من أن يكشف نقاطَ هشاشتك الدّاخليّة ؟ المشكلة أصبحت تتعقّد أكثر وأكثر، لأن الكلّ يريد الألفة والمودّة، فلولا الحميم

الفردانية

صورة
  هل مفهوم "الفردانية" يستلزم بالضرورة—كما يقول عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان —ألا تلوم غير نفسك على تعاستك، وأن تعترف أن سبب هزائمك الشخصية دائماً ما يكمن في كسلك  وبلادتك، وأن العلاج الوحيد هو أن تحاول وأن تستمر في المحاولة، أم أن هذا  الافتراض مجرد سوء فهم كبير كما تقول الروائية النمساوية فريدريكه جيزفاينر  في مقدمة روايتها «حرية حزينة»: «كون الفرد مسؤولاً عن سعادته أو تعاسته هو مبدأ لا يصح إلا عندما يكون الفرد مستقلاً تماماً في هذه الحياة؛ أي عندما يكون قادراً على تدبر أموره دون الحاجة إلى أي شخص آخر. عندما يكون كل منا في مساره الخاص ومنعزلاً تماماً عن الآخر، ولكننا حتى الآن لم نصل إلى ذلك، بل على العكس؛ فنحن البشر لا نستطيع العيش إلا في مجتمع، نحن كائنات اجتماعية لا تعمل إلا في سياق العائلة وسياق الأصدقاء؛ أي سياق المجتمع» وتضيف: «من الخطأ الاعتقاد أن هذه الحرية التي تتمتع بها أوروبا أو الغرب الحر الديمقراطي شديد الرأسمالية في يومنا هذا أمر مسلّم به أو شيء يتمتع به كل فرد في المجتمع، وأن الحريات الفردية المختلفة ليس لها علاقة ببعضها بعضاً، وأنها توجد جنباً إلى جن

رسالة أنطون تشيخوف لأخيه نيكولاي

صورة
  بعض من الشروط التي يجب أن تستوفي في المثقف، مأخوذة من رسالة أنطون تشيخوف لأخيه نيكولاي : 1- احترام الجانب الإنساني في الشخصية ، ولهذا السبب هم دائماً ودودون ، دمثون ، مهذَّبون ، ومستعدّون للعطاء. إنهم لا يتشاجرون بسبب مطرقة أو قطعة مفقودة من المطاط الهندي، وإذا عاشوا مع أحد، لا يعدّون ذلك منحة منهم، ويرحلون دون أن يقولوا « ليس بوسع أحد أن يعيش معك» ، إنهم يصفحون عن الضوضاء والبرودة واللحم المقدَّد والنكات ووجود غرباء في منزلهم. 2- يتعاطفون ، ليس فقط مع المتسوِّلين والقطط . وتنفطر قلوبهم لما يرونه أو لا يرونه . إنهم يسهرون الليل لمساعدة شخص ما ، ولدفع نفقات الأخوة في الجامعة، ولشراء الملابس لأمهاتهم. 3- إنهم يحترمون ممتلكات الآخرين ، ولهذا يسددون ما عليهم من ديون. 4- إنهم مخلصون ، ويخشون الكذب كما تُخشى النار . إنهم لا يكذبون ، حتى ولو في الأشياء الصغيرة . فالكذب إهانة للمستمع ويضعه في منزلة أدنى بالنسبة للمتحدّث . لا يتظاهرون، بل لا يتغيَّر سلوكهم في الشارع عنه في المنزل، ولا يتعمّدون الاستعراض أمام رفاقهم الأقل منهم منزلة . لا يثرثرون ، ولا يثقلون على الآخرين بثقتهم بأنفسهم . واحترا

عندما تحب روحًا عتيقة \ لويزا فليتشر

صورة
  هناك نوع خاص من الأشخاص في هذا العالم غالبًا ما يُساء فهمه. هؤلاء الناس يميلون إلى أن يكونوا الوحيدين، الأرواح الحرة، العشاق الأبرياء. إنهم يرون العالم بكل ما يستطيعون - ويجب أن يكونوا كذلك - على الرغم من أن العالم نادراً ما يراهم. إنهم الأرواح القديمة، الحالمون، الأشخاص المتناغمون مع الحياة، بديهيات العواطف لدرجة أنهم يخيفوننا. إنهم يخيفوننا ليس بسبب حقيقتهم، ولكن بسبب ما نحن عليه، وما ينقصنا. الأرواح القديمة تصل إلى أعماق لا يمكننا فهمها. لديهم اتصال مع الله، مع الكون، مع الطبيعة، ولهذا هم الأشخاص الذين سيغيرون العالم. كثيراً ما نشعر بالنقص، كما لو أننا مضطرون إلى السعي للبقاء قريبين من مستواهم عن بعد، لنكون جديرين بحبهم. يحتاج الأمر إلى شخص واثق ليحب روحًا قديمة. لكنه يستحق ذلك. سوف يغير حياتك. إنهم رومانسيون، إنهم مخلصون، إنهم يساعدوننا على النمو، إنهم ليسوا ماديين، إنهم يفهمون الروابط العميقة في الحياة، إنهم ممتنون، إنهم أمثلة للشجاعة. إنهم يسيرون في أكثر الطرق إيلاماً في هذه الحياة، ومع ذلك يجدون بطريقة أو بأخرى الشجاعة للابتسام، غالباً ما يكون غير أناني. و محب لدعم الآخرين. حب

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

صورة
  شكل الملل مصدر قلق للكتاب والشعراء و الفلاسفة و علماء النفس، بحيث لم يعرفوا كيفية شرح هذا الشعور الزئبقي الذي يستعصي على التحليل والتفكير العقلاني. فهو على حد قول فرناندو بيسو "إحساس كالسبات، يحتل مثل الضباب كل ساعة روحنا. لا يدعنا نفكر ولا يدعنا نعمل، ولعله لا يسمح لنا بالوجود"، و"ضباب صامت" بالنسبة إلى هايدغر، أو "توق دفين من دون هدف معين" على حد قول شوبنهاور، أو "جذر كل الشرور" بحسب كيركغارد، أو "قلق يرقاني وفراغ مغذ" بحسب إميل سيوران، و"الحالة الطبيعية للإنسان" كما يقول بليز باسكال، أو "حالة مزعجة تعترينا حين لا نجد ما يلبي شعور الإثارة" كما ذكر عالم النفس نيل بيرتون. قد يكون شوبنهاور أول فيلسوف غربي أخذ المَلَل على محمل الجد باعتباره من المآسي الأساسية للبشرية، وعرّفه بوضوح بأنه "توق دفين من دون أي هدف معيَّن"، حيث يرى أن حياة الإنسان ، وحتى الحيوان "تتأرجح مثل البندول بين الألم والملل"، الألم و الملل، بحسب شوبنهاور، هما المكونان الرئيسان للوجود ، و عزا المصدر الحقيقي للملل إلى "اللهاث

عالم كافكا هو نفس عالمنا \ روجيه جارودي

صورة
  عالم كافكا هو نفس عالمنا والعالم الذي عاشه هو نفس العالم الذي بناه. إنه عالم خانق، مجرد من الإنسانية، عالم الغربة. على أنه يعي هذه الغربة، كما يحدوه أمل لا ينتهي، حتى إننا نرى من خلال ذلك الكون الذي تتنازعه الروائع وروح المرح، قبسًا من النور أو مخرجًا. ويكفينا لكي نعيش بكل جوارحنا تلك الوحدةَ الحية العميقة؛ ألا نضل في متاهات التفسيرات التي تميل دائمًا إلى حشر الأعمال الخلاقة في إطار نظام عقائدي محدد من قبل، ولا يعتبر تلك الأعمال إلا إخراجًا رومانتيكيًّا لفكرة. وقد قدم علماء اللاهوت عدة نماذج لهذا التفسير الصارم؛ فمنهم من تصور أنه وجد في كافكا آخر أنبياء إسرائيل، ومنهم من تعرف في شخصه على تمزقات روح تسعى إلى الخلاص، فأرادوا أن يقودوه إلى الهداية، ومنهم من اتخذه واحدًا من أتباع كارل بارت، ومنهم من سلك أدبه في اللاهوتية السلبية. وفي الطرف النقيض ظهرت التفسيرات التي تدَّعي التمسك بالماركسية، وترى في كافكا إما برجوازيًّا صغيرًا مترديًا في تشاؤمية ناخرة كالسوس، وإما رجل الثورة، إن لم يكن رجل الاشتراكية. وأرادت الوجودية هي أيضًا أن تُدخِل كافكا في نطاق الجهود العبثية لسيزيف، وفي إطار القلق

غروب الشمس في الشتاء \ يوليوس البرسيم

صورة
  هو أحد أبرز رسامين المناظر الطبيعية الروسيين. كرسام من أصل ألماني، كان يحلم دائمًا بالعودة إلى وطنه الأصلي. تعكس لوحة “الغروب في الشتاء” جمال الطبيعة. تبدو الصورة قليلاً من الناحية الكونية، ويكون قرص الشمس مرئيًا بالكامل تقريبًا، وتضفي الغيوم المحيطة به الغموض والظلال على كرة متوهجة ملتهبة. تنعكس أشعة الشمس الأخيرة في الماء الهادئ. يذهب النهر إلى ما لا نهاية، والطريق من انعكاسات أشعة الشمس يقود المتفرج إلى أعماق الكون الكوني. يمر سطح الماء عبر حافة الغابة. قد تعتقد أن هذه هي الضواحي ونادراً ما يزور الناس مثل هذه الأماكن. يقف المنزل الخشبي العجاف بمفرده، وهو يحدق بقوة الثلوج. للوهلة الأولى، يبدو أن هذا المنزل مهجور ولا يزال وحيدا لسنوات عديدة يقف بالقرب من الشاطئ، ويقابل غروب الشمس. من الأنبوب، يمكنك ملاحظة دخان يتدفق بشكل خفي. لذلك، لا أحد غادر المنزل بعد والحياة مستمرة فيه. من الصورة يتنفس الوحدة قليلا. ربما خلال هذه الفترة من الإبداع، شعر وكأنه تراجع، ضائع في الحياة، مثل هذا المنزل بجانب النهر. يقف أيضًا في حيرة ويشاهد غروب الشمس، الذي يرمز إلى نهاية مرحلة حياة معينة. أثناء إنشاء ا

على الطريق \ فريدريك نيتشه

صورة
  وكان زارا وهو يقصد كهفه وجباله يمر بشعوب عديدة ومدن كثيرة متمهلًا في رحلاته حتى وصل فجأة إلى مدينة عظيمة، وإذ دخلها انتصب بوجهه مجنونٌ فاتحًا ذراعيه؛ ليصده عن التقدم والزَّبد يُرغي على شدقيه، وما كان هذا المعترض إلا من لقَّبه أهل المدينة بسعدان زارا؛ لأنه كان يقلد حركاته ولهجته ويستعير شيئًا من كنوز حكمته. وخاطب المجنون زارا قائلًا: إن هنا المدينة العظمى، وما لك أن تظفر منها بشيء، بل عليك أن تفقد فيها كثيرًا. ما الذي يضطرك في الانغماس في هذه الأوحال، فأشفق على قدميك، وقف عند بابها تافلًا عليه وعُدْ أدراجك. هنا جحيم كل فكرة فريدة، هنا تُصهر الأفكار السامية حتى تصبح مزيجًا مائعًا. هنا تتهرأ كل عاطفة شريفة، ولا يسمح إلا للعواطف الجافَّة بأن تعلن عن نفسها بخشيش اصطدامها. أفما بلغتْ أنفك رائحة المجازر حيث تُنحر الأفكار ومطاعم السوقة حيث تباع بأبخس الأثمان، أفما ترى أبخرة العقول المضحاة تتصاعد منتشرة كالدخان فوق هذه المدينة. أفما تلوح لك الأرواح معلقة معروضة كأنها خرق قذرة بالية، فإذا هي تنقلب صُحُفًا تنشر بين الناس. أفلا تسمع البيان الطلي يستحيل هنا إلى تلاعب ألفاظ وسخائف تغصُّ بها جداول

أعمق الساعات صمتًا \ فريدريك نيتشه

صورة
  ماذا جرى لي؟ لقد سادني الاضطراب؛ فأضعت هداي وأراني مندفعًا بالرغم مني إلى الرحيل والابتعاد عنكم وا أسفاه. أجل، على زارا أن يعود إلى عزلته، غير أن الدُّب يرجع إلى مغارته كئيبًا حزينًا، ماذا جرى لي ومن تُرى يضطرني إلى الرحيل؟ إنها «هي» مولاتي الغاضبة، لقد كلمتني فأعلنت لي إرادتها، وما كنت ذكرت لكم اسمها حتى اليوم، هي أعمق ساعاتي صمتًا وهي نفسها مولاتي القاهرة، كلمتني أمس. وسأقص عليكم ما جرى فلا أخفي عنكم شيئًا؛ كيلا يقسو قلبكم عليَّ وأنا أفاجئكم برحيلي عنكم. أتعلمون ما هي خشية من يستسلم للكرى؟ إنه الذعر يستولي على الإنسان من رأسه إلى أخمص قدميه؛ لأن أحلامه لا تبتدئ ما لم تنسحب الأرض من تحته. إنني أضرب لكم أمثالًا، فأصغوا إليَّ: أمس عند أعمق الساعات صمتًا خلت الأرض من تحتي وبدأت أحلامي. وكان العقرب يدبُّ على ساعة حياتي في خفقانها، وما كنت سمعت من قبل مثل هذا السكوت يسود حولي ويروع قلبي. وسمعتها «هي» تقول لي، ولا صوت لها: إنك تعرف هذا يا زارا. فصحت مذعورًا عند سماعي هذه النجوى، وتصاعد الدم إلى رأسي. فعادت هي تقول، ولا صوت لها: أنت تعرف هذا يا زارا، ولكنك لا تعلنه. فانتفضت وأجبت بلهجة الم

لوحة The Human Condition \ رينيه ماغريت

صورة
  لوحة "The Human Condition"  للفنان البلجيكي الشهير رينيه ماغريت رسمها سنة 1933 في أول نظرة نلقيها على اللوحة، تظهر لنا على انها مجرد لوحة عادية تصور مظاهرطبيعية، لكنها أعمق من ذلك .. بكثير. اثنان من المواضيع المفضلة لماغريت كانا "الwindow painting" و "painting within a painting"، هنا يقوم بجمع الثيمتين معا بطريقة عبقرية لتعطي معنى أكثر عمقا و فصاحة.  ماجريت كان مهووس بفكرة الrepresentation أو إزاي الفنان أو أي شخص عادي بينقل نظرته عن العالم الخارجي. في اللوحة مثلاً واضح إن مفيش تواصل بشكل مباشر مع المشهد الطبيعي لأنه متشاف من داخل مكان (جسم الإنسان) ومن خلال فتحة على العالم الخارجي (العين). ومش بس مفيش تواصل مباشر مع العالم الخارجي، ده كمان الصورة اللي بتوصلنا من خلال العين (الشباك\الباب) بتتغير وتترسم بشكل تاني وتتعرض في دماغنا على إنها هي نفسها المنظر الطبيعي وعلشان كده اللوحة المرسومة بتعوض اللي مفقود من المنظر الطبيعي وبتحجبه في نفس الوقت. وكأن ماجريت بيقولنا إن الإنسان عمره ما هيقدر يشوف الواقع كما هو لإنه متأثر أولاً برؤيته المحدودة (محدودية العين

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

صورة
  بينما نمضي في حياتنا اليومية، نعيش ما يبدو لنا أنه تيَّار مستمر من أحداث اللحظة الراهنة، ومع ذلك فإننا في الواقع لا نُدرك الأحداث المادية في العالم إلا «بعد» وقوعها بقليل. وفي الحقيقة، إن إحدى أكثر النتائج إثارةً للفزع في علم الأعصاب هي أن الوعي غالبًا ما يكون «آخِر مَن يعلم». تنتقل المعلومات البصرية، والسمعية، وأنواعٌ أخرى من المعلومات الحسية عبر العالم (وعبر جهازنا العصبي) بسرعاتٍ مختلفة. فالموجات الضوئية والموجات الصوتية التي تنبعث لحظة ملامسة كرة التنس لمضربك، على سبيل المثال، لا تصل إلى عينيك وأذنيك في الوقتِ نفسِه، وكذلك يحدث التأثير الذي تشعر به يدُك الممسكة بالمضرب في لحظةٍ زمنية مختلفة عنهما. ومما يَزيد الأمور تعقيدًا، أن الإشارات التي تتلقَّاها يداك وعيناك وأذناك تنتقل مسافاتٍ مختلفةً عبر الجهاز العصبي للوصول إلى دماغك (فيداك بعيدتان عن دماغك أكثر من بُعد أذنَيك عنها مثلًا). وفقط بعد تلقِّي الدماغِ جميعَ المدخلات ذات الصلة، تجري مزامنة الإشارات وإدخالها إلى تجربتك الواعية من خلال عمليةٍ تسمَّى «الربط»؛ وبواسطة هذه العملية ترى، وتسمع، وتشعر أن الكرة ترتطم بالمضرب في اللحظة ذ

نشيد الليل \ فريدريك نيتشه

صورة
  لقد أرخى الليل سدوله فتعالى خرير المياه المتدفقة، ولنفسي أيضًا ينبوعها المتفجر. لقد أرخى الليل سدوله فتعالت الأناشيد من أفواه جميع المغرمين، وما روحي إلا نشيد من هذه الأناشيد. إن في داخلي قوة ثائرة تريد إطلاق صوتها، وهي شوق إلى الحب بيانه بيان المغرمين. أنا نور وليتني كنت ظلامًا، وما قُضي عليَّ بالعزلة والانفراد إلا لأنني تلفَّعت بالأنوار، ولو أنني كنت ظلامًا، لكان لي أن أرسل بركتي إليكِ أيتها النجوم المتألقة كصغيرات الحُباحِب في السماء فأتمتع بما تذرِّين عليَّ من شعاع. غير أنني أحيا بأنواري فأتشرَّب اللهب المندلع من ذاتي وقد حُرمت لذة الآخذين، وقد خطر لي مرارًا أن في السرقة من اللذة ما ليس في الأخذ. إن يدي لا تقف عن البذل، وذلك هو فقري فأنا أنظر أبدًا إلى العيون يملؤها الانتظار وإلى الليالي تلهبها الأشواق، وذلك هو الحسد الذي يقضُّ مضجعي. يا لشقاء الواهبين … يا لظلمة شمسي ويا لشوقي إلى الاشتياق ويا لشدة المجاعة في شبعي. إنهم يأخذون ما أهبهم، ولكنني أبقى بعيدًا عن أرواحهم فإن بين الباذل والآخذ هوة عميقة، ولعل أقرب الأغوار قعرًا أصعبها ردمًا. إن نوعًا من الجوع ينشأ في أحشائي فيحفزني إل

أشكال الخوف \ ماينارد ديكسون

صورة
  لوحة "The Shapes of fear" للفنان الأمريكي ماينارد ديكسون، قام برسمها سنة 1930. قد تكون هذه اللوحة أكثر لوحة أظهرت الفكرة المجردة للخوف، و المتمثلة في أربعة أشكال غير اعتيادية لأناس واقفين و متجمعين حول بعضهم البعض، فلا أحد فيهم قادر على أن يتواجد وحيدا .. الغريب في هاته اللوحة أن وجوههم مفقودة لكن أرجلهم ظاهرة لنا تحت عباءاتهم الطويلة، تتخد تلك العباءاث شكل أكفان مخفية وجوها شلها الخوف. فقط واحد من الأربعة من يواجه المشاهد، مع وجود ثغرة سوداء عوض وجهه المفقود، ليبن لنا هنا ماينارد أن الخوف يجعل الانسان بلا وجه و بلا هوية وقت مواجهته للخطر. على عكس الأوجه نجد الأقدام ظاهرة بجلاء بسبب وضعية "fight or flight"، فالأقدام تصبح مهمة عندما تختفي الأوجه، ففي الأخير، و عندما تتأزم الوضعية، تبقى هي الوحيدة القادرة على تحقيق بعض الافادة.

التحول \ كيون هندرسون

صورة
  هو منارة للإلهام والتوجيه للأفراد الذين يواجهون تحولات في حياتهم. في هذا الكتاب التمكين، يجمع هندرسون بمهارة بين الحكايات الشخصية والحكمة الخالدة من الكتاب المقدس لتزويد القراء باستراتيجيات عملية للتنقل في التغيير واحتضان رحلة النمو الشخصي. في جميع أنحاء الكتاب، يؤكد هندرسون على حتمية التغيير ويشجع القراء على النظر إلى التحولات كفرص لاكتشاف الذات والتحول. مستمدًا من تجاربه الخاصة في التغلب على الشدائد والدخول إلى مواسم جديدة من الحياة، يشاركه رؤى قيمة حول تحقيق المرونة وإيجاد الهدف والحفاظ على الإيمان خلال أوقات عدم اليقين. أحد المواضيع الرئيسية التي تم استكشافها في "The Shift" هو أهمية التخلي عن الماضي من أجل احتضان الحاضر والمستقبل بشكل كامل. يشجع هندرسون القراء على إطلاق الأنماط القديمة من التفكير والسلوك التي لم تعد تخدمهم، مما يسمح بمساحة لظهور إمكانيات جديدة. من خلال التخلي عن الارتباط بالماضي، يمكن للأفراد على  التوجيه الذاتي أمام وفرة الفرص التي يجلبها كل موسم جديد. علاوة على ذلك، يؤكد هندرسون على أهمية تحقيق عقلية النمو -من خلال المنظور الذي ينظر إلى التحديات على أ

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

صورة
  أيتها السماء الرافعة قبابها فوق رأسي نقية صافية، أيتها السماء السحيقة وقد غادرتُ في أبعادك الأنوار، إنني أشخص إليك فتتملكني رعشة الأشواق الإلهية. أنا لا أسبر أغواري إلا إذا سَموتُ إلى عليائك، ولا أشعر بطهارتي إلا حين يجللني صفاؤك. إنك تحجبين نجومك كما يتلفَّع الإله بسنائه. أنت صامتة وبصمتك تذيعين لي حكمتك. لقد تجليتِ لي اليوم في سكونك على زبد الآفاق فأعلنت لروحي المزبدة ما فيك من حب وعفاف. جئتِ إليَّ جميلة مقنعة بجمالك تخاطبينني بلا كلام، وتعلنين حكمتك وما كنت أعلم ما في روحك من عفاف. أتيت إليَّ قبل بزوغ الشمس أنا المنفرد في عزلتي. أنا وأنت صديقان منذ الأزل فأحزاننا واحدة كارتياعنا، وعمق أغوارنا وشمسنا واحدة أيضًا، وما نتناجى إلا لوفرة ما نعلم، ثم يسودنا الصمت فنتبادل ما أعرف وما تعرفين بلغة البسمات، أفما بُعثت أنوارك من مكمن أنواري؟ أفليست فكرتك أختًا لفكرتي؟ لقد تعلمنا كل شيء سوية، وتدربنا سوية على الاعتلاء فوق ذاتنا متجهين إلى صميمها مبتسمين بافترار لا تعكره الغيوم، وبلفتات صافية نغرقها في سحيق الأبعاد في حين تتدافع كالأمطار تحتنا النزعات المكبوتة وأهداف الخطيئة. إلامَ كانت تتوق ن

كتاب مت فارغا \ تود هنري

صورة
  ‏لابد للمرء أن يوجه إلى نفسه ماذا تود أن تفعل قبل موتك؟ ما الهدف والغاية التي تستثمر بها طاقاتك وتخرج بها أفضل ما عندك؟ فكم من آلاف الطموحات والأفكار التي لم تنفذ، وملايين الاختراعات التي لم يعمل أحد على تحقيقها، وعشرات الأحلام التي تخلى عنها أصحابها. 1- إسهامك الفريد ‏هل في حياتك عمل يأخذ جزءا من وقتك ليكون فخرا لك في المستقبل؟ كان ستيف جوبز مؤسس شركة "آبل" يسأل نفسه كل يوم أمام المرآة: "لو كان اليوم آخر أيام حياتي، هل كنت سأفعل ما أنا على وشك فعله اليوم؟"، والحقيقة أن غالب الناس لديهم طاقات مُهدرة، حتى أظهرت بعض الإحصائيات أن فردا من كل أربعة أفراد يشعر باستغلال قدراته بشكل جيد، بينما الثلاثة الآخرون لا يستغلون قدراتهم، فتظل مدفونة بداخلهم في حياتهم وتدفن معهم في قبورهم، وإن كان لديهم المزيد ليفعلوه، لكنهم ادَّخروه إلى الأبد. البداية لتحقيق إنجازك الفريد أن تبني عادات تساعدك على معرفة قدراتك وإمكانياتك، ومعرفة ما الذي يجعلك راكدا كسولا، وما الذي يجعلك نشيطا متقدا، ثم بعد ذلك تسعى إلى تطوير نقاط قوتك وتقليص نقاط ضعفك. 2- إغراء الحياة العادية ‏كثيرا ما يحلم المرء

الإنسان و الوجود \ عبد الرحمن شكري

صورة
  ما أحقر حياة الفرد من البشر في هذا الوجود الذي ليس له حد ولا نهاية! انظر إلى هذه الأرض التي تحملنا، أليست هي فَلكًا صغيرًا من أفلاك كثيرة لا تعد ولا تحصى؟ وهذا النظام الشمسي، أليس هو جزءًا صغيرًا من الوجود؟ أليس هو نظامًا واحدًا من أنظمة فلكية كثيرة؟ إني كلما فكرت في ذلك أحسست ضآلة الإنسان وحقارته، فيصغر الناس في عيني حتى يصيروا في حجم النمل أو أقل. فهب أن نملة تشكَّت وقع الأقدام، أليس ذلك مثل تشكي الإنسان ظلم الأقدار وامتعاضه منها؟ وماذا يهم الكون أنه يتألم ويشقى؟ ألسنا نهزأ ونسخر من شكاية النمل؟ وكأني بروح الوجود تهزأ بشكايتنا، وكأني بقوى الوجود تسخر منا. كلما فكرت في ذلك تملكني اليأس والملل، وصغر عندي كل عظيم جليل من الناس، أو من أمور الحياة، أو من العلوم والآراء والآداب، وأرى أن الحياة عبث، وأنها فكاهة غثة، فأود لو أريح نفسي من الاهتمام بما تستلزمه من الأشياء الحقيرة، والأعمال الحقيرة، والمساعي الحقيرة، والقيام والقعود، والكلام والسكوت، والنوم واليقظة، واليأس والأمل. فقد تمر بي ساعات أمقت فيها هذه الأشياء كلها، وغيرها من أمور الحياة مقتًا شديدًا. وسبب ذلك كله أني أحس الحياة إحساس

لوحة عربة الموت \ ثيوفيل شولر

صورة
  عربة الموت (1848)  ثيوفيل شولر   متحف أونترليندن في كولمار  فرنسا.  في منتصف القرن التاسع عشر لمبدأ الرقص المروع في العصور الوسطى، حيث تجر الهياكل العظمية جميع الطبقات الاجتماعية في جنازة .  هنا، ملاك بأجنحة سوداء يأخذ معاصريه . يأخذ معاصريه على عربة يجرها 13 حصانًا، أو بالأحرى 13 جثة متجولة من الخيول.

وحده الحاضر هو فرحنا \ بيير حدت

صورة
  الحاضر يكفي لسعادتنا؛ لأنه الشيء الوحيد الذي ينتسب إلينا ويعتمد علينا. ومن الضروري عند الرواقيين أن نفرق بين ما يعتمد، وما لا يعتمد، علينا. الماضي لا يعتمد علينا، حيث إنه مثبت بإحكام، والمستقبل لا يعتمد علينا لأنه لم يوجد بعدُ. وحده الحاضر يعتمد علينا، ووحده، لذلك، الذي يمكن أن يكون خيرًا أو شرًّا، إذ إنه الشيء الوحيد الذي يعتمد على إرادتنا، وحيث إن الماضي والمستقبل لا يعتمدان علينا، فإنهما لا يقعان تحت مقولة الخير أو الشر الأخلاقي، ويجب من ثم أن ندرجهما تحت الأشياء اللافارقة Indifferents (ماركوس أوريليوس، التأملات، ٦–٣٢). إن من إهدار الوقت أن تنشغل بما مضى منذ زمنٍ طويل، أو بما قد لا يحدث أبدًا؛ وعلينا إذن أن «نحصر الحاضر». «كل ما تتمنى يومًا بلوغه بطريقٍ ملتوٍ بوسعك الآن أن تناله إذا كنت منصفًا لنفسك، أي إذا تركت الماضي وراء ظهرك وأوكلت المستقبل للعناية، ووقفت الحاضر على التقوى والعدل» (ماركوس أوريليوس، التأملات، ١٢–١). وفي موضعٍ آخر يصف ماركوس تدريب حصر الحاضر كما يلي: «… فإذا ما نفضت عن نفسك، أي عن عقلك، كل ما يقوله الآخرون ويفعلونه، وكل ما قلته أنت وفعلته، كل ما ينغِّصك عن المست