المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر 5, 2025

"ركّز على ما يهم" \ داريوس فوروكس

صورة
   ترياق الفوضى الحديثة نحن نعيش في عصر "التشتت الأقصى". هواتفنا، ووسائل التواصل الاجتماعي، ودورة الأخبار التي لا تنتهي، ومطالب العمل، كلها تتنافس بوحشية على أثمن مورد نمتلكه: انتباهنا. في خضم هذه الفوضى، يأتي كتاب داريوس فوروكس "ركّز على ما يهم" ليس كدليل إنتاجية آخر، بل كـ "ترياق" فلسفي. الكتاب، الذي يأتي بعنوان فرعي "مجموعة من الرسائل الرواقية عن العيش بشكل جيد"، هو دعوة صريحة للعودة إلى الجذور. إنه يستخدم حكمة الفلسفة الرواقية (Stoicism) العريقة، التي صمدت لآلاف السنين، ليقدمها لنا في شكل "رسائل" شخصية وعملية. لا يعدك فورو بحياة خالية من المشاكل، بل يعدك بـ "عقل" قادر على التنقل في خضم هذه المشاكل بسلام وقوة وهدف. إنه جسر بين حكمة ماركوس أوريليوس وسينيكا وبين تحدياتنا اليومية في القرن الحادي والعشرين. يقدم فورو، المعروف بأسلوبه المباشر والعملي، دليلاً مقسماً بذكاء. الكتاب ليس مجرد نظرية، بل هو مجموعة أدوات للعيش. 1. الشكل: "رسائل" من صديق رواقي بدلاً من الفصول التقليدية، تم تصميم الكتاب كمجموعة من الرسائل القصيرة...

لوحة من الأعماق \ بلفور كير

صورة
   البيان البصري للانقسام هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني؛ إنها "مانيفستو" (بيان) بصري، وصرخة سياسية واجتماعية مدوية. إنها عمل لا يهمس، بل يصرخ بالحقيقة. الفنان هنا لا يرسم مشهداً، بل يشقّ الواقع بسكين ليُظهر لنا ما يكمن تحته. "من الأعماق" هي تشريح للـ "هُوّة" (Chasm) الطبقية. إنها تجسيد مادي ووحشي للمقولة المجازية: "الطبقات العليا تعيش على حساب الطبقات الدنيا". اللوحة تقسم العالم بوضوح صارخ إلى "فوق" و"تحت"، "ظاهر" و"باطن"، "غافل" و"مُعذَّب". إنها لوحة عن "الأساس" غير المرئي الذي يحمل عالمنا، وعن اللحظة الحتمية التي يقرر فيها هذا الأساس أن يثور.  رقصٌ فوق بركان (عالم "الفوق") الجزء العلوي من اللوحة هو عالم "الديكور" الذي تحدث عنه كامو، ولكنه هنا في أبهى صوره وأكثرها غفلة.  نرى حفلاً صاخباً في قاعة فخمة. رجال يرتدون البذلات الرسمية (التوكسيدو) ونساء بفساتين السهرة الأنيقة. الثريات متدلية، والأجواء توحي بالثراء الفاحش والترف المطلق. البعض يرقص، والبعض يتجاذب أطر...

انهيار "معالم الحياة"

صورة
  قد تتقوّض معالم الحياة، فأن نستيقظ وأن نركب القطار وأن نقضي أربع ساعات في المكتب أو في المصنع أو في الجامعة وأن نتغدّى، ثمّ أن نركب القطار مجددا وأن نقضي أربع ساعات من العمل أو الدراسة، وأن نتعشّى وأن ننام، ثم يوم الإثنين فالثلاثاء فالأربعاء فالخميس فالجمعة، وأخيرا السبت، كلها على الوتيرة ذاتها، وتستمر هذه الطريق بيُسر في غالب الأحيان، وذات يوم يطالعنا سؤال " لماذا "؟.   ألبير كامو \ أسطورة سيزيف  انهيار الديكور يُقدم هذا المقطع تشريحاً دقيقاً للحظة "السقوط". إنه لا يتحدث عن سقوط جسدي، بل عن انهيار "معالم الحياة" (الديكور المسرحي) التي نعيش خلفها. يبدأ النص بوصفٍ رتيب ومخيف في آن واحد لـ "الأنا" المُستلبة، الغارقة في الأفعال الميكانيكية اليومية. هذه ليست مجرد يوميات، بل هي صك اتهام ضد الحياة التي تُعاش "بيُسر" ظاهري، بينما هي في العمق خواء مُقنّع. إنها لوحة "ما قبل العبث"، حيث العجلة تدور، والجميع نيام على متنها، حتى لحظة الصحوة الفجائية. إن القوة  في النص تكمن في قدرته على تجريد الحياة من ألوانها، تاركاً لنا الهيكل العظمي ل...