هندسة الحظ: كيف يصنع الوعي مصائرنا؟
فك شفرة الصدفة هل الحظ ريشة في مهب الريح، نتلقاها بلا حول ولا قوة؟ أم هو بوصلة دقيقة في يد بحّار ماهر، يمكن توجيهها بقوة الإرادة والتركيز؟ لقد استقرت البشرية لآلاف السنين على الإجابة الأولى، معتبرةً الحظ هبة غامضة أو لعنة عشوائية يوزعها القدر. لكن ماذا لو كانت هذه النظرة بأكملها قاصرة؟ ماذا لو كان الحظ، في جوهره، ليس حدثاً خارجياً سلبياً، بل تفاعلاً نشطاً بين واقعنا الداخلي (أفكارنا، توقعاتنا، وعينا) وبين بحر الاحتمالات اللانهائي في الخارج؟ الحظ ليس عشوائياً كما نعتقد – هي فرضية تبدأ باكتساب ثقل حقيقي، مستمدةً جذورها من أكثر مجالات العلم إثارة للدهشة: فيزياء الكم. المرآة الكمومية: حين يراقب الوعي الواقع تجربة "University of Oxford" عام 2019 (والتي تمثل امتداداً لمبادئ "تأثير المراقب" أو "Observer Effect" الراسخة في فيزياء الكم) هي حجر الزاوية في هذا المفهوم. ما تقوله لنا هذه التجارب، بلغة فلسفية، هو أن الواقع على مستواه الأساسي (الجسيمات دون الذرية) ليس "صلباً" أو "محدداً" قبل أن نقوم بقياسه أو مراقبته. إنه يبقى في حالة "ضبابية...