المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر 24, 2025

اليأس الوجودي: حين يصبح الإنسان وحيدًا ومسؤولًا عن خلق معناه

صورة
  "لا يستطيع الإنسان أن يمارس إرادته ما لم يُدرك أوّلاً أنّه لا يمكنه أن يعوِّل على شيء سوى نفسه: أنّه وحيد، منفيّ إلى هذه الأرض، في مواجهة مسؤولياته اللامتناهية، بلا عون ولا سند، وبلا غاية سوى تلك التي سيضعها هو لنفسه، وبلا مصير سوى الذي سيصوغه بيديه على هذه الأرض. إنّ هذه القناعة، هذا الإدراك الحدسي لوضعه، هو ما نسمّيه اليأس. وكما ترى، فهو ليس انفعالاً رومانسياً جميلاً، بل وعي صارم وواضح بجوهر الحالة الإنسانية. وكما أنّ القلق لا ينفصل عن الإحساس بالمسؤولية، فإنّ اليأس لا ينفصل عن الإرادة. ومع اليأس يبدأ التفاؤل الحقّ: تفاؤل الإنسان الذي لا يتوقّع شيئاً، والذي يعلم أنّه لا يملك أيّ حقّ ولا ينتظره أيّ عطف، والذي يجد بهجته في أن يعوِّل على نفسه وحده، وأن يعمل وحده من أجل الخير العام."  جان بول سارتر، من كتاب "الكتابات الأساسية" يمثل هذا المقطع للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر جوهر فلسفته الوجودية، حيث يعيد تعريف مفاهيم كلاسيكية كـ"اليأس" و"التفاؤل" ليصبها في قالب فلسفي يضع الإنسان في مركز الكون، وحيدًا حرًا ومسؤولًا مسؤولية مطلقة عن وجوده وماهيته.  ...

عبء المنتصف: سيكولوجية السعادة بين قمة النجاح وقاع القناعة

صورة
  في مسرح الحياة الإنسانية، يُعرض علينا نصٌ مألوف: قصة صعود الناجح إلى القمة، وقصة هبوط الفاشل إلى الحضيض. نحتفي بالأولى ونرثي للثانية، ونفترض أن السعادة حكرٌ على المنتصر، وأن الشقاء مصير المنهزم. لكن هذه الثنائية المبسطة تتجاهل حقيقة أكثر تعقيدًا وألمًا؛ فهي تتجاهل ذلك الفضاء الشاسع والمكتظ بالأرواح العالقة في "المنتصف". هؤلاء ليسوا ناجحين بما يكفي لتذوق نشوة تحقيق الذات، وليسوا فاشلين بما يكفي للتسلح بلامبالاة من لا يملك شيئًا ليخسره. إنهم يعيشون في خضم الطموحات المعلقة والآمال المؤجلة، حيث تتحول الأحلام إلى عبء، ويتحول السعي إلى مصدر دائم للقلق والاكتئاب. هذا الموضوع هو محاولة لتشريح هذه الحالات الثلاث -النجاح، "الفشل"، وما بينهما- عبر عدسات متعددة التخصصات، من علم النفس والفلسفة إلى علم الاجتماع، لفهم الديناميكيات الخفية التي تحكم سعادتنا وشقاءنا. نشوة القمة: سيكولوجية تحقيق الذات إن سعادة الإنسان الناجح هي أكثر من مجرد إشباع مادي؛ إنها حالة من التناغم النفسي العميق. يصفها عالم النفس أبراهام ماسلو في هرمه الشهير بأنها "تحقيق الذات" (Self-Actualization)...