المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٠

هاروكي موراكامي

صورة
لقد مرّ طويل منذ أن بدأت بالركض بشكل يومي. بالتحديد كان ذلك في خريف سنة 1982. كنت حينها أبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عامًا. وقبل هذا العمر بوقت قصير، كنت أملك نادٍ للجاز في طوكيو، بالقرب من محطة سنداجايا. كان لدينا بيانو والعديد من الطاولات. في النهار كنّا نفتح أبوابه كمقهى، وفي الليل كنّا نفتحها كحانة. قدّمنا طعامًا لذيذًا، واستضفنا عروضًا موسيقية وفنيّة. ثم بدأت الأمور بالتحسّن، كل ما قبل تلك اللحظة كان صراعًا للبقاء، لم يكن لدي وقت لأفكر بأي شيء آخر. والآن أشعر وكأنني وصلت إلى قمّة السلّم واصطدمت بفضاء مفتوح. لقد كنت واثقًا من قدرتي على حل أي مشكلة قادمة. أخذت نفسًا عميقًا ثم بدأت بالتفكير في المرحلة القادمة من حياتي. أوشكت على الوصول لسن الثلاثين. أوشكت على الوصول إلى العمر الذي لن أكون شابًا بعده أبدًا. ودون مقدمات، خطرت لي فكرة ملحّة: علي أن أكتب رواية. بإمكاني تذكر اللحظة بالضبط. لقد كان ذلك عند الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، في أول أيّام شهر إبريل، سنة ١٩٧٨. كنت في ملعب جينجو، وحيدًا أشاهد مباراة لكرة القاعدة. كان الملعب قريبًا من شقتي، وكنت مشجعًا وفيًا لفريق ياكوت سوالوز. ي

حنا مينه / مأساة ديمتريو

صورة
" لا يمكن! " لا يمكن !! " لا يمكن !!! "يا ديمتريو، أقول لك لا يمكن، أتفهم؟ للمرة الألف هذا الشهر، و الذي قبله، قلت لك لا يمكن، أتفهم؟ قال ديمتريو لديمتريو بتسليم: "نعم لا يمكن .. أفهم ذلك، أفهمه أؤمن به، و قد قلته لك، أنا نفسي، منذ اللحظة الأولى". صاح ديمتريو الآخر: "أنت تكذب أيها الوغد، يا جواب الآفاق، تكذب و تعلم أنك تكذب، فلماذا تتظاهر بما لا تؤمن؟ حدق بوجهك في المرآة .. ألا ترى وجهك؟". عبر المرآة، حدق ديمتريو بديمترو، تحديقة خصمين متباغضين و متلازمين. حسناً! قال أحدهما للآخر، اتفقنا أنه لا يمكن. يجب أن نجزم، هذه الليلة، و إلى الأبد، بأنه لا يمكن. لقد اقتنع كلانا، باستحالة ذلك، و من الغد تتحول هذه القناعة إلى سلوك، كالذي كان، قبل أن تكون هي، قبل أن يكون اللقاء. في هذه اللحظة، شع شيء ما، في الجانب الأيسر من الصدر، و ترك إحساساً بالاختلاج كما يحدث تحت تأثير نزق عصبي، عقب فكرة تمر بالبال، أو صورة تهز الخاطر. و للتأكد من السلامة مد ديمتريو الواقف أمام المرآة، و كذلك ديمتريو الذي في داخلها، يده إلى الجانب الأيسر من صدره، و انتزع لفافة ورقية ع

بطل من هذا الزمان / ميخائيل ليرمنتوف

صورة
"نعم،ذلك كان حظي منذ نعومة أظافري؟كان جميع الناس الناس يقرأون في وجهي علامات غرائز شريرة انا منها بريء،و مازالوا يفترضونها في، حتي نبتت و تأصلت. كنت خجولا،فأتهموني بالمكر، فأصبحت كتوماً.و كنت احس بالخير و الشر احساساً عميقاً، و لكن احداً لم يعطف علي،بل كانوا جميعاً يؤذونني، فأصبحت حقوداً احب الانتقام.كنت حزين النفس، و كان الاطفال الاخرون فرحين هدارين، و كنت اشعر انني فوقهم، فقيل لي اني دونهم،فأصبحت حسودا،وكنت مهيأ لان احب جميع الناس، فلم يفهمني احد، فتعلمت الكره. لم يكن شبابي الخالي من الفرح الا صراعاً مع الناس و مع نفسي. خوفاً من الهزء،دفنت انبل عواطفي في اعماق قلبي، فماتت هنالك.وكنت احب ان اقول الحقيقة، فلم يصدقني احد، فأخذت اكذب. و قد تعلمت ان اسبر اغوار الناس، و ان ادرك الدوافع التي تحركهم فأصبحت بارعاً في فن الحياة، و لاحظت ان غيري ممن لا يملكون هذا الفن كانوا سعداء، ينعمون،من غير جهد بهذه الخيرات التي كنت اجهد للحصول عليها بلا كلال؛فولد اليأس في قلبي،لا ذلك اليأس الذي تذهب به رصاصة من مسدس، بل هذا اليأس البارد العاجز الذي يختفي وراء سلوك لطيف،و ابتسامة طيبة. اصبحت روحي

إميل سيوران / ابتهال إلى الأرق

صورة
كنتُ في السابعةِ عشر، وآمنتُ بالفلسفة. وكلُّ ما كان لا يمتُ إليها بصلةٍ بدا لي إما خطيئةً أو حِطةً: الشعراء؟ مشعوذونَ لا يصلحونَ سوى لإبهارِ امرأةٍ ساذجة؛ الأفعال؟ حماقاتٌ بدافعٍ منَ الهذيان؛ الحبّ، الموت؟ أعذارٌ منحطةٌ للتملصِِ منْ شرفِ المفاهيم. روائحُ كريهة لكونٍ لا تليقُ بهِ روائحُ العقل . . . المحسوس؟ يا لهُ منْ قذارة! البهجةُ والمعاناة، يا لهما منْ عار! وحدهُ التجريدُ بدا نابضًا بالحياة: وضعتُ نفسي في خدمةِ مآثر مُتعالية لئلا تجعلني مواضيعُ أكثر نبلاً أنحرفُ عنْ مبادئي وأستسلمُ لانحطاطِ القلب. قلتُ لنفسي مرارًا وتكرارًا: وحدها دارُ الدعارةِ متوافقةٌ معَ الميتافيزيقا، واتجهتُ - هربًا منَ الشعر- إلى أحضان الخادمات، إلى غنجِ الغواني. . . . في ذلكَ الحينِ جئتَ أيها الأرق، لتزعزعَ جسدي وكبريائي، أنت يا منْ يحوّلُ الاندفاعَ الصبياني، يمنحُ الوضوحَ للغرائز، الانتباهَ للأحلام، أنت يا منْ يهبُ في ليلةٍ واحدٍة معرفةً تفوقُ معرفةَ أياٍم نقضيها راقدين، وعلى الجفونِ المُحْمرّّةِ تكشفُ عنْ نفسكَ كحدثٍ أكثرَ أهميةً منَ الأمراضِ المجهولةِ ومنْ كوارثِ الزمن! أنتَ منْ جعلني أسمعُ شخيرَ الصِ

 The Seventh Seal 1957

صورة
أريد الإعتراف .. وكأن هذا أفضل ما يمكنني فعله لكن قلبي فارغ ، إن الفراغ مرآة . . أرى فيها وجهي و أشعر فيها بالاحتقار والرعب ، لامبالاتي حول الناس جعلتني منغلق ومطرود أنا حي الآن في عالم الأشباح . . . سجين في أحلامي - رغم أنك لا تريد الموت ! - أجل أنا لا أريده - ماذا تنتظر؟ - المعرفه - أنت تريد ضمانا - سميه كما شئت أن تسميه كيف نصدق كالمؤمنين بينما نحن لا نصدق أنفسنا؟ و ماذا عن أولئك الذين لا يستطيعون أن يصدقوا أي من هذا؟ لماذا علي أن استمر بالعيش في طريق مؤلم؟ أريد المعرفة لا الايمان و لا الظن .. لكن المعرفة إن الحياة .. إرهاب بلا شعور لا أحد يمكن أن يعيش مع الموت ويعرف بأن كل شيء . . . لا شيء الموت زارني هذا الصباح ، نحن نلعب الشطرنج ، لكن على أداء مهمة حيوية أولا حياتي كلها كانت بحث بلا معنى ، ما أقوله أنها كانت بدون ألم أو نقض ذاتي هذه يدي .. يمكنني أن أحركهما ، إن الدم يجري في عروقي ، الشمس ما زالت في الأفق وأنا أحمل بداخلي قوة أنطونيوس ... سألعب الشطرنج مع الموت .

جبران خليل جبران / الأجنحة المتكسرة 

صورة
...كل شيء عظيم وجميل في هذا العالم يتولد من فكر واحد أو من حاسة واحدة في داخل الإنسان. كل ما نراه اليوم من أعمال الأجيال الغابرة كان قبل ظهوره فكراً في عاقلة رجل أو عاطفة لطيفة في صدر امرأة.. الثورات التي أجرت الدماء كالسواقي وجعلت الحرية تعبد كالآلهة كانت فكراً خيالياً مرتعشاً بين تلافيف دماغ رجل فرد عاش بين ألوف من الرجال. الحروب الموجعة التي ثلت العروش وخربت الممالك كانت خاطراً يتمايل في رأس رجل واحد. التعاليم السامية التي غيرت مسير الحياة البشرية كانت ميلاً شعرياً في نفس رجل واحد منفصل بنبوغه عن محيطه. فكر واحد أقام الأهرام وعاطفة واحدة خربت طروادة وخاطر واحد أوجد مجد الإسلام وكلمة واحدة أحرقت مكتبة الإسكندرية. فكر واحد يجيئك في سكينة الليل ويسير بك إلى المجد أو إلى الجنون. نظرة واحدة من أطراف أجفان امرأة تجعلك أسعد الناس أو أتعسهم. كلمة واحد تخرج من بين شفتي رجل تصيرك غنياً بعد الفقر أو فقيراً بعد الغنى.. كلمة واحد لفظتها سلمى كرامة في تلك الليلة الهادئة أوقفتني بين ماضيّ ومستقبلي وقوف سفينة بين لجة البحار وطبقات الفضاء. كلمة واحدة معنوية قد أيقظتني من سبات الحداثة والخلو وسا