المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠٢٣

حب الحياة \ إريك فروم

صورة
  هناك واقعة جد مهمة في ثقافتنا، تتمثل في كون الناس ليسوا واعيين بما في الكفاية بالمضض الذي يحدثه الملل. إذا كان المرء وحيدًا، وعندما لا يستطيع لسبب من الأسباب شغل نفسه بنفسه، فإنه يشعر، عندما لا يمتلك في نفسه مصدر القيام بشيء حيوي أو وعي ذاته، بالملل كحمل ثقيل، كشلل لا يمكنه شرحه بنفسه. إن الملل هو أصعب عذاب، وهو حديث ويقضي على كل ما حوله. والإنسان الذي يكون معرضًا للملل دون مقاومة هذا الأخير لا يشعر بأنه إنسان محبط. لماذا؟ لماذا لا يعرف الكثير من الناس الشر الذي يمثله الملل، والعذاب الذي يحدثه؟ أعتقد بأن الجواب على هذا السؤال جد بسيط؛ إننا ننتج الكثير من الأشياء التي بإمكانها أن تساعدنا للقضاء على الملل. فإما أن يتناول المرء أقراصًا مهدئة أو أنه يشرب أو يذهب من حفل إلى آخر، أو أنه يتخاصم مع الزوجة أو يترك وسائل الإعلام تنسيه أو أنه يمارس الجنس لكي ينسى الملل. فالكثير من أنشطتنا هي محاولات لكي لا يصل الملل إلى وعينا. لكن لا يجب على المرء أن ينسى هذا الشعور القاتم الذي يعمنا عندما نشاهد فيلمًا سخيفًا أو عندما نريد أن نقضي على الملل بطريقة سخيفة. لا يجب أن ننسى إذًا عذابات الضمير الذي ن

الإحساس بالنهاية \ جوليان بارنز

صورة
   حين تكون في العشرينات حتى ان كنت مشوشا وغير متأكد من أهدافك وغاياتك، فإن لديك حسا قويا بمعنى الحياة نفسها، وبماهيتك في الحياة وبما يمكن أن تصير عليه. فيما بعد.. فيما بعد هناك المزيد من عدم اليقين، المزيد من التداخل، المزيد من التراجع، المزيد من الذكريات الزائفة. في الماضي يمكنك أن تتذكر حياتك القصيرة بأكملها، فيما بعد تصبح الذاكرة شيئا من الخرق والرقع. فهي إلى حد ما تشبه الصندوق الأسود في الطائرات الذي يسجل ما يحدث في حالة التحطم. إن لم يحدث شيئا خطأ، فإن الشريط يمحو نفسه. وهكذا إن تحطمت، يكون واضحا لم حدث ذلك، إن لم تتحطم فإن منطق رحلتك يصبح أقل وضوحا أو سوف أعبر عنها بطريقة أخرى، ذات مرة قال أحدهم إن الأزمان المفضلة لديه في التاريخ هي تلك التي تشهد إنهيارا لأن ذلك يعني أن شيئا جديدا في طور الولادة. هل هناك منطق في هذه المقولة إن طبقناه على حياتنا الفردية؟ أن تموت عندما يولد شيء جديد، حتى ان كان ذلك الشيء الجديد هو أنفسنا ذاتها؟ لأنه كما التغيير السياسي والتاريخي سوف يكون مخيبا للآمال آجلا أو عاجلا، فإن الحال كذلك بالنسبة إلى البلوغ. وكذلك الحال بالنسبة إلى الحياة. أعتقد أن الهدف م

لا معنى لأي شيء \ أرنستو ساباتو

صورة
  أظن احياناً ان لا معنى لأي شيء. فعلى كوكبٍ صغير، يسير نحو العدم منذ ملايين السنين، نولد وسط الآلام ونترعرع، ونجاهد، ونمرض، ونتألم، ونسبب الألم للآخرين، ونصخب، ونموت، يموت أناس، في حين يولد آخرون، ليبدأ تكرار الملهاة العقيمة من جديد. أيكون الأمر كذلك حقاً..؟... استغرقت في التأمل في هذه الفكرة عن تفاهة الأشياء وعقمها. هل حياتنا كلها ليست سوى سلسلة من الصرخات المجهولة في صحراء أجرام لا تبالي..؟.

ﻗﻠﻖ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ \ آﻻن دو ﺑﻮﺗﻮن

صورة
  ﻗﻠﻖ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ "اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ أو اﻟﻤﻬﺎﻧﺔ" آﻻن دو ﺑﻮﺗﻮن اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻤﺮء وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ أﻋﻴﻦ اﻟﻨﺎس .. وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ  اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻓﺨﺮ وأﺛﻤﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ.. واﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﻢ ﻣﺰﻋﺞ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﻓﺴﺎد ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ.. وأﻧﺠﻊ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻖ ﻫﻲ محاولة استيعابه .. اﻓﺘﻘﺎد اﻟﺤﺐ واﻟﻐﻄﺮﺳﺔ واﻟﺘﻄلع واﻟﺘﺤﺪ واﻟﻜﻔﺎءة واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻘﻠﻖ .. واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻔﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺪﻳﻦ واﻟﺒﻮﻫﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻖ. اﻟﺤﺐ: الإﻧﺴﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ الأول ﻟﺴﺪ ﺷﻬﻮة "اﻟﺠﻨﺲ" وﻟﻦ ﻧﻨﺎﻗﺸﻪ ﻫﻨﺎ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺴﺪ ﺷﻬﻮة "اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ" .. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺮى أن ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤؤثرﻳﻦ ﻳﻮاﺻﻠﻮن ﻣﺮاﻛﻤﺔ الأﻣﻮال ﻟﻴﺲ ﻟﺤﺎﺟﺘﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﺑﻞ ﺳﻌﻴا ﻟﻠﻤﻜﺎﻧﺔ .. ﻓﻤﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺜﺮوات وﺗﺮف اﻟﺒﻌﺾ واﻗﺘﻨﺎؤﻫﻢ ﻟﻤﺎرﻛﺎت ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﺠﺸﻊ، ﺑﻞ داﻓﻌﻬﺎ ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎه الاﺧﺮﻳﻦ وﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺿﺎﻓﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﺬواﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮزح ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻮط ازدراء الأﺧﺮﻳﻦ للاﺷﺎرة إﻟﻰ ﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺷﻌﻮرا ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﺗﻤﺴﻜﻪ ﺑﻬﺎ. اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ: ﻻ ﻳﺘﻢ اﻻﻛﺘﺮاث ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻤﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ ﻟﺴﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻨﺪﺧﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠ

الكوميديا الإلهية \ دانتي أليغييري

صورة
  الأنشودة الأولى .. وسط طريق حياتنا , أفقت لأجد نفسي في غابة مظلمة و قد ضللت سواء السبيل .. لا أجدني قادرا على وصف هذه الغابة الموحشة , القاسية . التي جسدت في ذكراي الخوف .. بهذه الكلمات بدأ دانتي رحلته في الغابة السوداء , التي ترمز للضياع و المعصية , يعتمد "دانتي" في أسلوبه الروائي الشعري على ترميز قد لا يمكن الإحاطة بمجمله دون قراءة لما وراء هذه الأسطر الموردة .. فبقوله "وسط طريق حياتنا" يقصد السن الخامسة و الثلاثين , وهي نصف الحياة المتوقعة في الإنجيل لكل بشري .. و الظلام المطلق بعد الإفاقة إشارة إنجيلية أخرى عن المعصية و ضياع صواب الطريق .. بعدها سقطت عينا دانتي على التل الذي يحفه نور الشمس "كناية عن الهداية" , و أراد الذهاب إليه ليقف في طريقه الوحوش الثلاث "الأسد , الفهد , و الذئبة " و الذين يرمزون للذنوب الأرسطية " العنف , الحقد , التساهل" .. في خضم اليأس قابل دانتي الشاعر الروماني فيرجيلو الذي قال له أنه لا يستطيع إكمال دربه هذا لأنه لا توجد قوة كافية للتخلص من هذه الوحوش " لمحة رمزية أنه لا يستحق بلوغ طريق الهداية لانغماسه

جين آيير \ شارلوت برونتي

صورة
  إِنَّ الحياة تبدو لي أقصر من أن تنفق في إذكاء البغض أو تسجيل المظالم. إننا كلنا -ويجب أن نكون كذلك‐ ‏مثقلون بالأخطاء في هذا العالم، ولكني واثقة من أننا سوف نخلعها عمًّا قريب لحظة نخلع أجسادنا القابلة للفساد، عندما ينفصل عنا الغش والإثم بسقوط هيكل اللحم المربك هذا، فلا يبقى غير شرارة الروح ‏‐أصل الحياة والفكر وجوهرهما اللطيف الذي لا يدرك باللمس‐ ‏نقية طاهرة كيوم فارقت الخالق لتحل في المخلوق. هذه الشرارة لابُدّ عائدة من حيث جاءت، ولعلها ستعود لتنفخ من جديد في كائن أسمى من الإنسان‐ ‏ وربما لكي ترقى في معارج المجد، من النفس البشرية الهزيلة إلى النفس الملائكية المتألقة! وليس من ريب في أنها لن يجاز لها الانحدار بحال من الأحوال، بالانتقال من إنسان إلى شيطان. لا، أنا لا أستطيع أن أصدق ذلك: إني أؤمن بعقيدة أخرى، لم يلقني إِيّاها أحد البتة، عقيدة نادراً ما ألمع إليها، ولكني أجد فيها ابتهاجاً غامراً، فأنا حريصة على التعلّق بها، لأنها تبعث الأمل في نفوس الناس جميعا، وتجعل الأبدية راحة ‐منزلا رائعاً لا هولا ولا هاوية. وإلى هذا فإن هذه العقيدة تتيح لي أن أميّز في كثير من الوضوح، ما بين المجرم وجري