المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٢٠

فريدريك نيتشه ضدَّ العقل

صورة
  - منذ العصور الغابرة كان العقل سلطاناً في نظر الفلاسفة ، لا مرد لحكمه ، ولا ريبية في قوانينه ، يحسبونه الحاكم الأوحد للوجود ، وهذا - برأي نيتشه - أدى بالفلسفة إلى الانحطاط. وبما أن المنطق هو علم العقل ، فإن نيتشه ينسف قوانينه ومبادئه ، ويراها وهم لا يمت للحقيقة بصلة. فالعقل اخترع هذه المبادئ ( الشيء ، الجوهر ، الغائية ، العلية ، الخ ) لتعينه على التفكير. وبما أنه محتاج لتلك المبادئ فهو إذن ناقص. - وبعد اكتشاف نيتشه لهذا الخلل والنقص في العقل ، يقوم بتحليل ما يسمى قوانين العقل أو قوانين الفكر. وأولها : قانون "الهوية" أو "الذاتية" الذي يعتبر أن الشيء يبقى هو هو ، ثابت جامد ، لا تحركه الصيرورة. وهذا القانون باطل - برأي نيتشه - لأنه لايصح أن يظل الوجود هو هو ، إنما الوجود صيرورة دائمة ، وما افتراض العقل لقانون الذاتية سوى أنه - أي العقل - لايدرك إلا الصيغ الدالة على استمرار الشيء على الحال ذاته. - أما القانون الآخر وهو قانون "عدم التناقض" الذي ينص على أن الشيء لايمكن أن يتصف بصفة ونقيضها ، فيعتبره نيتشه وهم أيضاً لأننا عاجزون عن القيام بتلك العملية بعقلنا وح

الفلسفة الطاوية

صورة
   الطاوية هي فلسفة وديانة صينية شعبية رغم وجود جدل واسع حول بداية ظهور الطاوية، وحول شخصية مؤسسها، إلا أن جل الباحثين يرجعونها إلى الفيلسوف الصيني : لاو تزي و الذي قام بتأليف كتاب الـ  ( طاو طي جنغ  )  هو الكتاب الذي تعتمد عليه الطاوية بشكل رئيسي و الذي يُعتبر رموزا غامضة لا يمكن أن تُفهم إلا على ضوء الشروح الموضِّحة؛ و يعتبر (شوانغ تزي) هو المؤسس الثاني الطاوية  مبادئ الفلسفة الطاوية : -ترتكز الفلسفة الطاوية على مبدأ  الـ ( طاو  ) الأبدي، وإليه تنسب، فجميع المفكرين الصينيين قد أخذوا بفكرتي  الـ ( طاو ) و الـ ( يانغ  ) و الـ  ( ين ) بأشكال مختلفة تتناسب ورؤيتهم الفلسفية للإنسان والمجتمع. -قدمت فلسفة لاو تزي" علي أن الخلاص لا يمكن أن يتحقق بمحاولة إصلاح الأوضاع العامة و بالعمل الاجتماعي ، وإنما يكون بالابتعاد عن الحياة الاجتماعية، هذا الخلاص هو خلاص فردي منبعث من داخل النفس الإنسانية المنصاعة لقيادة الـ(طاو ) Dao - الأبدي السرمدي ،  -أما عن فلسفة "شوانغ تزي" فقد قامت أيضًا على أساس مبدأ وحدة الإنسان مع  الـ ( طاو  ) حيث يرى فيها تحقيق الحرية الفردية المؤدية إلى التحرر ال

إدجار آلان بو / قصة : القلب الوافي المترجم : نادية فريد

صورة
  مجنون .. مجنون، هذا هو ما ينادونني به.  إنني حقاً عصبي.. شديد العصبية. ولكن لماذا يقولون إنني مجنون ؟!   هذه الحمى التي أصابتني العام الماضي.. أصابت حواسي بالحدة ولكن لم تدمرها، بالاضافة إلى ذلك أصبحت حاسة السمع عندي أقوى الحواس، فأنا أسمع أشياء في السماء والأرض، بل أنني أسمع أشياء كثيرة في الجحيم، فكيف بالله عليك أكون مجنوناً .  اسمع وسوف ترى بنفسك كيف أبدو هادئاً وأنا أقص عليك القصة بأكملها.  من المستحيل أن أتبين كيف وردت هذه الفكرة على ذهني أول مرة، ولكنها قفزت إلى ذهني فجأة، وأخذت تلح عليّ ليلاً ونهاراً. ولم يكن هناك في الحقيقة أي مبرر للأفعال التي وردت على ذهني - (القتل)  إنني أحب الرجل العجوز، فقد قمت باستئجار سكن بمنزله، وهو لم يغالطني أبداً، كما لم يؤنبني قط. حقاً أن لديه ذهب كثير، ولكني لا أريده.  أعتقد أنها كانت عينه، كانت عينه هي التي تزعجني. فأنت ترى احدى عينيه طبيعية ولكن الأخرى تشبه عين النسر ! .. كانت زرقاء باهتة عليها غشاوة. وكلما نظرت هذه العين نحوي، أشعر بدمي يجري بارداً وهكذا.. وبالتدريج. وبعد كثير من التفكير - عقدت العزم.. أنني سأقتل الرجل العجوز. وبالتالي سأتخلص

رحيل برنار ستيغلرالمتمرّد الذي أدركته الفلسفة في سجنه

صورة
  _ أبو بكر العيّادي / صحيفة العرب اللّندنيّة  هو رجل غادر التعليم مبكرا، ليشارك الطلبة تمرّدهم أثناء ثورة مايو 68، ثم مارس عدة أعمال هامشية قبل أن ينحرف ويدخل السجن. في سجنه اكتشف الفلسفة وراح يدرسها بتشجيع من جاك دريدا، ولما غادر السجن صار مفكرا يساريا ينتقد بشدة انحرافات المجتمع الليبرالية، ويجري بحوثا عن تحولاته من خلال المنظومة الرقمية. إنه الفيلسوف جورج ستيغلر الذي وافته المنية فجأة الخميس الماضي عن سن تناهز الثامنة والستين.  أبو بكر العيادي عرف برنار ستيغلر (1952-2020) كفيلسوفٍ يساري بارز ركز بحوثه على دور المستحدثات الرقمية في التحولات المجتمعية، وناقدٍ شرس للنظام الرأسمالي وانحرافات المجتمع الليبرالية، ولكن قلة قليلة تعرف أن حرفة الفلسفة أدركته في السجن، وأن مسيرته لم تكن مجرد نهر طويل هادئ، يبدأ بالدراسة وينتهي بالشهائد والمؤلفات وشغل المناصب. فقد هجر مقاعد الدراسة في سن السادسة عشرة لينضم إلى الطلبة الثائرين في ما عرف بثورة مايو 68، وكان قد بدأ يكتشف ماركس وتروتسكي، ثم انخرط في الحزب الشيوعي للدفاع عن البروليتاريا، ولكنه ما لبث أن انسلخ عنه عام 1976 تنديدا بـ"ستالينية&q