في الفراغ \ عبد السلام بنعبد العالي
نقرأ في كتاب التاو تي تشينغ : ” تلتئم أشعة العجلة عند المركز والفراغ. بفضل هذا الفراغ تتحرك العربة. يصنع الإناء من الطين، غير أن فراغه هو الذي يجعله صالحا لوظيفته. تخترق المسكن أبواب ونوافذ، بيد أن فراغها هو الذي يجعله قابلا للسكنى. وهكذا نصنع أشياء، غير أن فراغها هو الذي يعطيها معنى. ما يعوز، هو ما يمنح أسباب الوجود”. حينما ينظر الفكر المعاصر إلى الكائن على أنه تصدع وابتعاد، والى الوجود من حيث ينخره الزمان، والى التاريخ من حيث هو قطائع وانفصالات، والى الهوية من حيث هي اختلاف وتباين، والى الوحدة من حيث هي كثرة وتعدد.. ألا يجعل بذلك “ما يعوز le manque هو ما يمنح أسباب الوجود”، فيعمل على استعادة هذا المفهوم عن الفراغ من حيث هو ما يفعل، ما يعطي وظيفة ومعنى. فليس الفراغ غيابا وعدما. وهو أبعد ما يكون عن المفهوم الذي كرسته الفيزياء التقليدية الذي هو أقرب إلى “التصور الكيميائي ” ،كما بين رولان بارت الذي يدعونا أن نشتق مفهوم الفراغ من التصور الفيزيائي الحديث الذي يرى ” أن الجزيئات الموجودة في الكون ليست متولدة عن جزيئات أبسط منها، بل إنها تمثل ما آل إليه تبادل التأثير فيما بينها في لحظة ...