المشاركات

عرض المشاركات من يناير ٤, ٢٠٢٠

من كتاب " نيتشه " لــ هنري ليشتاتبرجر

صورة
" بحث الناقدون كثيراً في فكرة نيتشه التي كانت تتطور وتتبدل تبعاً لما يحيط بحياته ، وهو ، قبل بلوغه هذا المرفأ ، خاض بحاراً كثيرة ، وجاز شواطىء كثيرة . وقد ادرك بذاته تطور ذاته ، فشبه نفسه بالافعي التي تنسلخ من جلدها ، او النسر الذي ينسل ريشه . والحياة عنده ليست بواجب يلقي ، ولا بعمل يفرض ، ولا بوهم يحب . وانما هي مادة شأنها شأن المواد التي تقع بين يدي الباحث . وكان ينظر نفسه كالمتنقل بدون انتهاء ، همه النضال ، تهذبه انكسارته كما تهذبه انتصارته . او كالواثب بين الصخور ، يكاد يذهب بنفسه ضحية علي رؤوس الصخور الشاهقة وهو ـ بلا كلل ولا فتور ــ يصعد من عال الى أعلي ، ومن قمة الي قمة ، مبدلاً كل لحظة افقه ، عازماًً الا يقف ابداً ، ولا ينثني ابداً . رفيقه الشجاعة وحليفه الصرامة ، لا يروعه البرد ولا تخفيه الهاوية . ولا يجزع من العزلة التي تتنفس فيها ريح الثلج المنهمر . هو دائما في صعود وارتقاء !...

مختصر التحلل_ إميل سيوران

صورة
مَصادِر تَدْمِير الذَات وُلِدْنَا فِي سِجن، وَ الأصفَادُ تُحِيطُ بِسَواعِدنَا وَ أفْكارِنَا، وَ مَا كُنَا قَادِرينَ علَى تَحمُلِ يَومٍ وَاحدٍ لَوْلاَ أنَ إمكَانِيَة أنْ يَنْتهِي كلُ هذَا تَحْثنَا علَى أنْ نَبْدأَ كُلَ يَومٍ مِنْ جَدِيد.. القُضبَانُ الفُولاذِيَّةُ وَ الهوَاءُ الخَانِقُ لِهذَا العَالَم يُجَردَانِنا مِنْ كُلِ شيْء باسْتِثنَاءِ الحُريَة لِأنْ نَقتُلَ أنْفُسنَا ؛ وَ هذِهِ الحُريَة تُزَوِدنَا بِالقُوَة وَ الإبَاءِ اللاَزِم لِمُواجهَةِ الحُمولَة الهَائِلَة مِنَ الأعْبَاءِ التِي تَسْحقُنا. أهُنَاكَ هِبَةٌ أشَدُ تَحْيِيرًا مِنْ أنْ نَكُونَ قَادِرينَ علَى أنْ نَفْعلَ بِأنْفُسِنا مَا نَشَاء وَ نَرفُض ؟ تَعزِيَةُ أنْفُسِنا بِٱنْتِحارٍ مُحْتمَل تَجْعلُ مِنْ مَوطِءِ أقْدَامِنا الضَيِق -حيْثُ نَخْتنِق- مِساحَات لاَ مَحْدودَة. الفِكْرةُ الحَاضِرَة لِتَدمِيرِ أنْفُسِنا، وَفْرةُ الوسَائِلِ اللاَزِمةُ لِذَلِك، سُهولَةُ ٱسْتِخدَامُها وَ تَوافُرهَا، تَمْلأُنَا بالإرْتيَاحِ وَ الرُعْب فِي آنٍ وَاحِد ؛ إذْ لاَ شيْءَ يَجْمعُ بيْنَ البَساطَةِ وَ الهَوْل مِثْل ذَلِكَ الفِعْل الذِي نَح

باروخ سبينوزا أحد كبار الفلاسفة على مر التاريخ

صورة
" ...والواقع أن سبينوزا يحتل مكانة أساسية وفريدة من نوعها في تاريخ الفكر الأوروبي وربما البشري بشكل عام . فهو شخص منبوذ على كافة الأصعدة والمستويات . إنه منبوذ كيهودي يعيش في مجتمع مسيحي كان الدين يحتل فيه أهمية قصوى في القرن السابع عشر . وهو منبوذ من قبل اليهود أنفسهم لأنه انقطع عن الصلاة في الكنيس أو في المعبد بعد أن فقد إيمانه بالعقائد الدينية والطقوس والشعائر وعمره لا يتجاوز العشرين إلا قليلا . وهو منبوذ حتى بين الفلاسفة الذين يدارون رجال الدين ظاهرياً , وبالتالي فلا يجرأون على التقرب منه إلا من بعيد البعيد . بل وكانوا يهاجمونه لكي يحظوا برضى الأرثوذكسية والأصولية أو يتقوا شرهما على الأقل . وكان منبوذاً حتى على مستوى عائلته الشخصية التي رفضته وحرمته من الإرث الأبوي بعد أن أدانه حاخامات اليهود . كان سبينوزا منبوذا بشكل كوني . كان رجلاً حراً أو يشعر بعطش هائل إلى الحرية . لكن لنتوقف قليلاً هنا عند الإدانة اللاهوتية التي أصابته في عز الشباب وحسمت مصيره الفلسفي . في 27 يوليو من عام 1656 م , صدرت الفتوى اللاهوتية التالية عن الكنيس اليهودي في أمستردام : ( منذ بعض الوقت وأقطا