المشاركات

عرض المشاركات من مايو ٩, ٢٠٢٠

الشخصية المدمِّرة / لفالتر بنيامين

صورة
قد يَحدث لشخصٍ يسترجع حياته١ أن يدرك أنّ معظم الالتزامات الأعمق التي كابدها في مسار تلك الحياة قد نشأتْ لدى أشخاصٍ يتّفق الجميعُ على امتلاكهم صفات «الشخصية المدمِّرة». ومن شأن ذلك الشخص أن يتعثّر بهذه الحقيقة يوماً ما، ربّما عن طريق الصدفة، وكلّما كانت الصدمة التي ألحقتْ به أثقل، تحسّنتْ فرصُه في تصوير الشخصية المدمِّرة. لا تعرف الشخصية المدمِّرة إلّا شعاراً واحداً: أفسِح المجال، ونشاطاً واحداً: إزالة الأشياء من المكان. إنّ حاجتها إلى الهواء المنعش والفضاء المفتوح أقوى من أيّة كراهية. الشخصيّة المدمِّرة شخصية مفعمة بالشباب والبهجة، فالتدميرُ يجدّد الشبابَ لأنّه يزيل آثار العمر، ويبعث البهجةَ لأنّ إزالة كلّ شيءٍ تعني للمدمّر اختزالاً تامّاً، بل حتى اجتثاثاً، لظروفه الخاصّة. لكنّ ما يسهم أكثر من أيّ شيءٍ آخر في تشكيل هذه الصورة العقلانيّة المتّسقة ( الأبولونيّة) للمدمِر هو إدراك المدى الهائل الذي يُبسّط به العالم عند اختبار استحقاقه للتدمير. هذا هو الرابط الأعظم الذي يضمّ ويوحّد كلّ ما هو موجود. إنّها نظرةٌ تتيح للشخصيّة المدمِّرة مشهداً من التناغم الخالص. يعمل المدمِر دائماً باب

بلد العميان لــ د. أحمد خالد توفيق

صورة
لو لم تكن قد قرأت ( بلد العميان ) فإنني أرجو أن تفسح لي صدرك قليلا .. كُتِبَت هذه القصة عام 1904 للكاتب هـ . ج . ويلز وتحكي عن مجموعة من المهاجرين من بيرو فروا من طغيان الإسبان ثم حدثت انهيارات صخرية في جبال الإنديز فعزلت هؤلاء القوم في واد غامض. انتشر بينهم نوع غامض من التهاب العيون أصابهم جميعا بالعمي وقد فسروا ذلك بانتشار الخطايا بينهم هكذا لم يزر أحد هؤلاء القوم ولم يغادروا واديهم قط لكنهم ورثوا أبناءهم العمي جيلا بعد جيل هنا يظهر بطل قصتنا ..( نيونز ) إنه مستكشف وخبير في تسلق الجبال تسلق جبال الانديز مع مجموعة من البريطانيين وفي الليل انزلقت قدمه فسقط من أعلي .. سقط مسافة شاسعة بحيث لم يعودوا يرون الوادي الذي سقط فيه ولم يعرفوا أنه وادي العميان الأسطوري لكن الرجل لم يمت .. لقد سقط فوق وسادة ثلجية حفظت حياته وعندما بدأ المشي علي قدمين متألمتين رأي البيوت التي تملأ الوادي . لاحظ أن ألوانها فاقعة متعددة بشكل غريب ولم تكن لها نوافذ .. هنا خطر له أن من بني هذه البيوت أعمي كخفاش راح يصرخ وينادي الناس لكنهم لم ينظروا نحوه .. هنا تأكد من أنهم عميان فعلا ... إذن هذا هو بلد العميان ال

اللغة الفلسفية عند ابن سينا للأستاذ محمد محمود زيتون

صورة
 (هذه إشارات إلى أصول وتنبيهات على جمل يستبصر بها من تيسر له، ولا ينتفع بالأصرح منها من تعسر علية.)  بهذه العبارة يفتتح ابن سينا كتابه (الإشارات)، ونريد بهذا المقال أن نتعرف على أي نحو وإلى أي غرض أشار ابن سينا ونبه في إشاراته وتنبيهاته. وكتاب (الإشارات) يحتوي على ثلاثة فنون: المنطق والطبيعيات والإلهيات، وكما يختلف الواحد منها عن الآخرين في موضوعه وغرضه، تختلف كذلك في طريقته للوصول إلى هذا الغرض. ولقد خلف فيلسوف الإسلام تراثاً جليلاً شغل الفكر الإنساني في كل جيل، وتدارسه العلماء والفلاسفة من بعده في الجامعات، وليس أدل على مكانته التي تبوأها من ابن خلدون: (وترى الماهر منهم - العلماء - عاكفاً على كتاب الشفاء والإشارات والنجاة)، وحلت كتب ابن سينا الفلسفية محل كتب أرسو عند فلاسفة الأجيال المتلاحقة، وأفردوه له بالبحوث الطوال. ولا عجب إذا كتب (ماكدونالد) في الإنجليزية كتاباً عن (معاني الوهم في التفكير الإسلامي) كان لإبن سينا فيه مكان مرموق. وكتبت الآنسة (جوا شون) في الفرنسية كتابها (ثبت باللغة الفلسفية عند ابن سينا) إلى غير ذلك مما كتبه الطليان عن احتمال إطلاع (ديكارت) على آراء ابن

إله سبينوزا الذي يؤمن به أينشتاين

صورة
 عندما سُؤل اينشتاين عن الاله قال بأنه يؤمن بإله سبينوزا، لم يكن سبينوزا فيلسوفاً لا أدرياً أو ملحداً، فقد كان يؤمن بإله هو علة أولى لهذا العالم وهذا الإله (الطبيعة) يدير هذا العالم بقوانين محكمة مثل قانون الجاذبية الأرضية، ولا نستطيع الكشف عن ماهية هذا الإله إلا عبر هذه القوانيين وبالمختصر، وسبب اتهامه بالإلحاد هو نقده للمقدسات اليهودية والمسيحية. قيل بأن سبينوزا كان أكثر ديكارتية من ديكارت؛ فديكارت توقف عن تطبيق منهجه عند أعتاب الدين، وكان سبينوزا من الجرأة بمكان أن تجاوز تلك الأعتاب مطبقاً المنهج النقدي والقراءة التاريخية على الكتابات الدينية المقدسة. كانت قراءاتهِ وآراؤه تثير قلق الأوساط الدينية اليهودية المحافظة حتى ضاقت به بعد أن رفض كل محاولات الإغراء، فكانت فتوى الطرد والنبذ واللعنات التي أصدرها الكنيس اليهودي بامستردام في مواجهته في عام 1656، واستتبع هذا الطرد طردا آخر وهو طرد من العائلة والحرمان من الميراث. سبينوزا يقول بوحدة الجوهر؛ أي أن ثمة جوهراً واحداً فقط، ولهذا الجوهر صفتان/حالان وهما: الفكر والجسد وبهذا الفهم يكون هناك تطابقٌ بين الإله والطبيعة، من حيث أن الإله