المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر ٧, ٢٠١٩

حكمة الصرصار_ محمد البوعيادي

صورة
قرابة الفجر ولم أنم بعد، وبجانبي بقايا نبيذ وسجائر مطفأة في وعاء بلاستيكي تنبعث منه رائحة احتراق خانقة، فتحت باب المنزل على مصراعيه وجلست أراقب سكون الليل في قرية ميتة، لا يظهر لي من بعيد سوى أضواء منازل متواضعة متفرقة وأشجار بلوط اغتالها الظلام تبدو مثل فواصل ونقط ترقيم فوق الجبل الصغير، وفي الداخل تنبعث موسيقى قديمة سكرانة، لم يكن لدي في الليل أي رفيق، فالجميع نائمون أو مستغرقون في أجسادهم العرقى. فرغت قنينتي لكن رأسي امتلأ. لم يكن أمامي وأنا جالس على عتبة الباب سوى مشهد القمر منتصفا في الغيم، حيث تبدو السماء كئيبة، وفي مشهد مهيب من السحب الرمادية التي تتشكل على هيئة حيوانات أسطورية، قفز صرصور اتجاه قدمي ووقف. كان يبدو مثل تنين ممسوخ، ربما كان يفترس الذين يشعرون بالملل في زمن سحيق. في لفافة المكسرات، كنت قرأت قبل سنوات طويلة أن الصراصير نجت من الإشعاع النووي في هيروشيما ونكازاكي وتشيرنوبيل أيضا، لكنها لم تنج من فضول البشر. ومن شدة الدعس والمطاردة خلف الصناديق وتحت الأفرشة وفي العليات، تعلم الصرصار بعض الدروس، وبإمكانه أن يعلمها للبشر كي يصمدوا أمام الخطر المحدق بهم، خطرهم