المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٩

الإعتراف قصة قصيرة _ أنطون تشيخوف

صورة
كان النهار صحواً، صقيعياً...وكانت نفسي منشرحة، مغتبطة، كنفس حوذي أخطؤوا معه فأعطوه روبلاً ذهبياً بدلاً من عشرينية. كانت تنتابني رغبة في البكاء، في الضحك والصلاة...كنت أشعر أنني في السماء السابعة. فللتو قد جعلوا مني أمين صندوق! لم أكن أشعر بالفرح لأنه قد أصبح بإمكاني الإستيلاء. فأنا حينذاك لم أكن قد صرت لصاً بعد،ولو أن أحداً حينها قال لي أني سأصبح لصاً لدمّرتُه... بل كنت فرحاً لسبب آخر: هو ترقيتي في الوظيفة، والعلاوة التافهة في الراتب فقط لا غير. ثم إن هناك أمراً آخر كان يفرحني. فما إن أصبحت أمين صندوق حتى صرت أشعر كما لو إنني قد ارتديت نظارة وردية. فجأة أخذ يبدو لي أن الناس قد تغيروا. أي بشرفي. كلهم كما لو أنهم قد أصبحوا أحسن مما كانوا. الدميمون أصبحوا جميلين، والأشرار أصبحوا أخياراً، والمتكبرون أصبحوا متواضعين، ومبغضوا الناس أصبحوا من محبيهم. لكأن ذهني قد أشرق.صرت أرى في الإنسان خصالاً رائعة لم أكن أفترض وجودها من قبل فيه. كنت أقول وأنا أنظر إلى الناس وأفرك عيني: «غريب! إما أن أمراً ما قد حدث لهم،أو أنني كنت من قبل غبياً ولم أكن ألاحظ كل هذه الخصال. يا لروعة هؤلاء الناس!» وكان ممن

وودي آلن، كيف تتعامل مع أسئلة الحياة الكبرى؟

صورة
ليس لقسوة حياتنا إجابات متفائلة، مهما حادثك الفلاسفة ورجال الدين وعلماء النفس. محور الكلام هو دائماً أنّ الحياة لها أجندتها الخاصة، وأنّها تقفز فوقك ولا تبالي بك. يوماً ما، سننتهي كلنا بطريقة سيئة جداً. كلّ ما يمكن أن تفعله كفنان هو إيجاد شيء ما لتشرح لماذا تستحق الحياة أن تُعاش وما هي ايجابياتها. طبعاً، لا يمكنك أن تفعل ذلك من دون خداع الناس لأنّ الحياة في الحقيقة بلا معنى، فنحن نعيش حياة بلا معنى في كونٍ عشوائي. كلّ شيء أنجزته سيزول يوماً، الأرض ستنقرض والشمس ستنفجر، والكون سيختفي، ومعه ستموت أعمال شكسبير وميكلأنجلو وبيتهوفن. من الصعب جداً اقناع الناس أنّ ثمة جدوى من كلّ ما يعيشونه. استنتاجي أنّ الشيء الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو الترفيه وتشتيت العقل، فأنتَ عندما تشاهد مباراة في البايسبول أو فيلماً لفرَد أستَر، تفعل شيئاً يشتتك وينسيك الواقع. ما ينجح في تشتيتي هو أن أفكّر وأتساءل: يا إلهي، هل في امكاني أن أجعل ايما وباركر تمثلان هذا المشهد وكأنّ الأمر يعني شيئاً مهماً. إنها مسألة تافهة، واذا لم أحلّها سأنجز حتماً فيلماً سيئاً ولكنني لن أموت. هذا ما أفعله: ألهي نفسي وأشتتها

كنت أطمح الى أن أخرس اليوم، ولكن... كوبولا

صورة
كنت أطمح الى أن أخرس اليوم، ولكن..."، هذا ما قاله كوبولا قبل أن ينزل عليه الوحي فجأة ويقدم خطاباً تنويرياً من دون أن يلتقط أنفاسه الا بعد 12 دقيقة سحبة واحدة. "لا تخطئوا وتعتقدوا ان الفنان مسؤول عن فنه بمجرد ان لدى الفن القدرة على تغيير العالم. فالفنانون لا يملكون الكلمة الفصل في فنهم. اليوم، اذا أردتَ أن تعرف مَن الذي يقود العالم، فعليك أن تعرف مَن الذي يموّل الفنانين. انها الشركات الكبرى. لطالما أثارت الطبيعة اهتمامي. في الأدغال مثلاً، ثمة عشب قد يسممك وبالقرب منه ثمة عشب يداوي مرضك. لهذا، أجد انه ليس هناك أروع من ان تولد السينما التي أثرت كثيراً في البشر، في فترة التأكد من أخطار النووي. أشبّه حالنا ببروميثيوس الذي تمّ أسره لأنه سرق النار. النار نوع من استعارة للسينما. السينما يمكن أن تغيّر الكثير لكنها ليست حرّة. اللغة السينمائية ابتُكرت في القرن الماضي على يد رواد أتيحت لهم أن يجرّبوا، لكنهم اليوم لم يعودوا يتجرأون على الاختبار. طبعاً، جاء المسرح قبلهم بمئات السنين، ولكن لا شيء في المسرح يجعلك تستمد فكرة أن تصوّر لقطة شاملة ثم تنتقل فجأة الى كلوز آب. تخيّل كم كا

نهاية نهار – فرناندو بيسوا

صورة
أحيانًا أفكّر، بمتعةٍ حزينة، فيما لو كتب ذات يوم لهذه العبارات التي أكتبها، في مستقبلٍ منذ الآن لا أنتمي إليه، أن تحيا مقرونةً بالثناء، فَسَأكْتَسِبُ في النهاية الناس الذين “يفهمونني”، العائلة الحقيقية التي سأولد فيها وفيها سأغدو محبوبًا، لكن بعيدًا عن الوصول إلى الولادة فيها، سأكون قد متّ من زمنٍ طويل. سأغدو مفهومًا في الصورة المطبوعة فقط، حين لا يكون بإمكان الحبّ أن يعوّض مَن مات تلك المجافاة التي وحدها كانت من نصيبه عندما كان على قيد الحياة. ذات يوم ربما يدركون أنني، أكملت، كما لم يفعل أيّ شخصٍ آخر، واجبي منذ الولادة كترجمانٍ لجانب من قرننا هذا؛ وعندما يفهمون ذلك عليهم أن يسجِّلوا أنني لم أكن مفهومًا في الحقبة التي عشتها، وأنني عشت، مع الأسف، بين أشكالٍ من الجفاء واللامبالاة، وأنه من المؤسف أن يكون هذا ما حدث لي. والذي يكتب هذا سيكون، في الحقبة التي يكتبه فيها، غير فاهمٍ ولا مدرك، مثل مَن يحيطون به، لشبيهي في هذا الزمن المُستقبلي، ذلك لأنَّ الناس فقط يتعلمون من أجدادهم الذين ماتوا. ووحدهم الموتى من نعرف تعليمهم القواعد الحقيقية للحياة. في العشية التي أكتب فيها، توقّف المطر،

من كتاب اللاطمأنينة _ فرناندوا بيسوا

صورة
لو يأتي اليوم الذي أصير فيه آمناً من الناحية المالية، بحيث أستطيع أن أكتب وأنشر على سجيتي فإني أعرف بأني سأفتقد هذه الحياة المقلقة التي أكتب فيها بمشقة ولا أنشر على الاطلاق. لن أفقدها لأنها حياة فحسب، مهما كانت وضيعة، لن أحظى بها مرة أخرى أبداً، بل أيضاً لأن كل حياة تتحلى بمزايا خاصة ومتعة تخصها هي وحدها، وعندما نزاول حياة أخرى، حتى لو كانت خيراً من سالفتها، لن تكون تلك المتعة كما تخيّلناها، وستبدو تلك المزايا الخاصة أقل خصوصية، ريثما تضمحل ويبقى منها شيء نفتقده. لو أفلحت يوماً في تنكب صليب نواياي الى الجلجلة الخيّرة، فسوف أجد جلجلة أخرى في تلك الجلجلة الخيّرة، وسأفتقد الوقت الذي كنت فيه عبثياً، وضيعاً وناقصاً. بشكل من الأشكال سأكون أقل مما عهدته. أنا متعب. قضيت نهاراً طويلاً ممتلئاً بعمل أحمق في هذا المكتب المهجور تقريباً. موظفان غائبان بسبب المرض، والآخرون ليسوا هنا. أنا وحيد، باستثناء صبي المكتب في الخلف. أفتقد المستقبل الذي سألتفت فيه وأفتقد كل هذا، مهما كان سخيفاً. ثمة ما يستدرجني كي أتساءل أي آلهة تبقيني هنا، كأنني في خزينة موصدة، في مأمن من أحزان الحياة ومسرّاتها أيض

انك تحتاج _ عبدالله القصيمى

صورة
انك أحياناً لمحتاج إلى أن تكون وحشاً في قسوتك، إلى أن تصبح عيناك حجراً، وحواسك افتراساً وذنوباً، لكي تستطيع أن ترى إنساناً أو مجتمعاً كما هو بكل تشوهاته وآلامه وعاهاته وذنوبه وفضائحه وهمومه. وإنك لمحتاج إلى أن تخرج من كل حدود الإنسان، من كل ماضي الإنسان، من احتمالات الاحتشام والاغضاء والاستحياء والاشمئزاز والعطف والبكاء والرثاء، لكي تستطيع أن ترى الإنسان العربي يمارس فضائح أيامه الستة، أو تقتنع بانه قد مارسها، أيوجد إنسان بكل هذا الضعف؟ ايوجد قوم بكل هذا الضعف؟ لهم كل هذه الامكانيات والظروف والثروات والدعاوي؟ لهم كل هذه المحاياة والدلال العاليين؟ أيوجد من يستطيع أن يحدق فيهم، في وجوههم؟ وإننا أحياناً لنجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نرى بأبصارنا أو نقتنع بعقولنا، بقدر ما نجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نجرح أو نقتل بادوات قتالنا المختلفة. إن القدرة على الرؤية والاقتناع قد تكون تعبيراً من تعبيرات القدرة على الهجاء، والتحقير والتشويه والقتال والتعذيب، قد تكون جريئاً على أن ترى وتقتنع لأنك جريء على أن تهجو وتحقر وتشوه وتضرب. وقد تعجز عن هذا لإنك عاجز عن ذلك، قد تعجز عن الرؤ

سيزيف و العذاب الأبدي

صورة
سيزيف ، بحسب الأسطورة اليونانية ، هو ابن ايولوس اله الرياح وكان ملكاً علي سيلينا .اشتغل بالتجارة والإبحار ، وعُرف عنه أنه كان محارباً بارعاً وماهراً وتميز بالمكر والدهاء . لكنه كان مخادعاً وجشعاً ، وخرق قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف (النزلاء). كان ثريًا جدا ويتلاعب بالجميع ، وقد صوره هوميروس ومن تلاه من الكُتاب بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤماً. أغرى ابنة أخيه واغتصب عرشه. وكان زيوس كبير الآلهة عند اليونان يحبه ويحكي له أسراره ومغامراته النسائية ، وذات يوم أراد سيزيف أن يزيح زيوس من علي عرشه ، ففشى بأسرار زيوس ، حيث ذهب إلى إله النهر وقال له إن ابنتك إيجينا علي علاقة غير مشروعة مع الإله زيوس ، وأن زيوس قام باغتصابها. عندما علم زيوس بما فعله سيزيف قرر أن يعاقبه بإرساله الي الجحيم ليموت هناك. ولكن سيزيف استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس حين طلب منه أن يجرب الأصفاد والأقفال، ليختبر مدى كفاءتها. وحين جربها إله الموت قام سيزيف بتكبيله، وحين كبل سيزيف إله الموت منع بذلك الناس أن تموت. أحدث ذلك تمرداً وانقلاباً وثورةً وهياجاً، ولم يعد أحد من الب

المبدع _ فردريك نيتشه

صورة
إنّهم يحقدون أكثر من أيّ شيء آخر على ذلك الذي يكسر ألواح قيمهم القديمة .يدعونهُ المخرّب المجرم . لكن ذلكَ هو المُبدِع ! رفاقاً يُريد المبدع ,لا جُثثاً ولا قطعاناً ,ومؤمنين أيضاً . رفاق إبداع يريدُ المبدع , يخطّون قيم جديدة على ألواح جديدة . رِفاقاً يُريد المُبدِع ,أؤلئك الذين يعرفون كيف يشحذون مناجلهم . مُخرّبين سيدعونهم الناس ,ومُستهزئين بالخيرِ والشّر . لكنّهم ,هم الحاصدون والمحتفلون بالعيد ! رفاق إبداع يريد زرادشت ,رفاق حصاد ورفاق إحتفال بالعيد . ما الذي سيصنعهُ مع القُطعان والرُعاة والجثث ؟ لا راعٍ ولا حفّار قبور ينبغي عليّ أن أكون . هذهِ آخر مرّة أتحدّث فيها الى ميّت  !!!

البحث عن الحكمة والحقيقة و كهف الانسان _ افلاطون

صورة
كان أفلاطون يريد من خلال هذه القصّة المعبّرة أن يشير إلى حياة معلّمه سقراط الذي حكمت عليه أثينا بالموت سنة 399 قبل الميلاد لاعتراضه على أفكار اليونان القديمة. الرجل الذي خرج من الكهف ورأى الشمس لأوّل مرّة يرمز لسقراط. بينما الرجلان الآخران يرمزان لمجتمع أثينا في ذلك الوقت. وإذا وَجد إنسان نفسه محشورا داخل كهف يفتقر إلى مصدر للضوء، فإنه غالبا لا يستطيع أن يجد طريقا للخروج، وقد يتعرّض لخطر الموت إن لم يجد من يأخذ بيده وينقذه. فالانسان اكتشفه خارج الكهف كالسجين الهارب يُصدم من العالم الذي . ولبعض الوقت، يعتقد بأن ما رآه غير حقيقيّ، لكنه عندما يعتاد عليه يدرك أن نظرته السابقة إلى الواقع كانت خاطئة. ثم يبدأ في فهم عالمه الجديد ويعرف بأن الشمس هي مصدر الحياة. ثم يباشر رحلة فكرية يدرك في نهايتها أن حياته الماضية كانت بلا جدوى أو غاية. وعندما يعود إلى الكهف ليخبر زميليه عن العالم العجيب الذي رآه لأوّل مرّة خارج الكهف يرفضان كلامه بغضب. وعندما يحاول أن يحرّرهما من قيودهما يهدّدانه بالقتل. الفيلسوف أو المفكّر الباحث عن المعرفة خارج الكهف أو خارج الحواسّ. بينما الشمس تمثّل الحقيقة و

في جينالوجيا الأخلاق_ فريدريك نيتشه

صورة
نحن مجهولون بالنسبة إلى أنفسنا، نحن العارفين، نحن أنفسنا بالنسبة إلى أنفسنا: وإنّ لهذا سبباً وجيهاً. نحن لم نبحث أبداً عن أنفسنا، فأنّى لنا أن نجد أنفسنا يوماً ما؟ لقد صدق من قال لنا : "حيثما يوجد كنزك، ههنا أيضاً يوجد قلبك"، إن كنزنا إنما يوجد حيثما تكون خلايا نحل معرفتنا. لهذا نحن دوماً أثناء الطريق، ولدنا حيوانات مجنحة، جماعة لعسل الروح، لا نهتم حقاً من القلب إلا بأمر واحد .."ان نحمل إلى البيت" شيئاً ما. أما فيما يتعلق بالحياة، ب "ما عشناه من تجارب" مزعومة، فمن منا يتوفر لذلك حتى على الجد الكافي؟ أو الوقت الكافي؟ في هكذا قضايا، وهو ما أخشاه، نحن لم نكن ابداً على وجه الدقة "في صليب القضية"، لم تكن قلوبنا حينئذ هناك_ ولا حتى آذاننا! بل مثل من أَلهتهُ الآلهة وغرق في قاع نفسه، ومن دقت الساعة في أذنيه دقاً أزيزا، أثنتي عشرة دقة، بأن النهار قد انتصف، واستيقظ فجأة وسأل نفسه : ما الذي دق على وجه التحديد؟، هكذا نحن ايضاً نحك آذاننا أحياناً بعد الأوان ونتساءل، وقد آخذت منا الدهشة والحيرة كل مأخذ : ما الذي عشناه على وجه التحديد؟، بل أكثر من ذلك &q

كبرياء التاريخ في مأزق _ عبد الله القصيمي

صورة
ان  حرية النقد هي حليف دائم للأقوياء أكثر مما هي حليف للضعفاء. إن الكلمة خصم غير شريف للضعفاء وسلاح ضال ينطلق من أفواه وأجهزة القادرين على الكذبة ليفقأ ابصار الباحثين عن النور والعدل والصدق ويحطم أعصابهم. إن الكلمة مثل كل الأشياء تتحول إلى امتلاك بالقدرة . إن الكلام مثل السلاح حارس للقوة لا للحقيقة. إن الضعيف في المجتمع الحر حر بدون معنى الحرية او استعمال لها أو انتفاع بها، أما الأقوياء فإنهم أحرار في قول الحرية وفي استعمالها وفي القدرة على الانتفاع بها. إن حرية الضعيف كحرية مقطوع الرجلين في أن يمشي ويلعب كرة القدم. إن الحرية خطرة وكآبة وأسلوب من الفحش، ولكن فقد الحرية ليس أكثر جمالاً وبهجة وتهذيباً، ليست الحرية تطلعاً شعرياً إلى القمر المغازل للنجوم بفسوق وافتضاح. إن الحرية خطو فوق الأوحال والهموم والخناجر وتعامل مع النقائص والتفاهات والغباء وبحث بذيء عن العار والعيوب. لا يوجد في المجتمعات التي يحكمها الطغاة والثوار اعظم صبراً او بلادة من آذانها، كيف تستطيع أن تتحمل كل هذا الامتنان؟ إنهم يجرحونها كل ليلها ونهارها تجريحاً متواصلاً مهيناً، يحدثونها بكل وقاحة وغرور بكل الأساليب و

حكمة الصرصار_ محمد البوعيادي

صورة
قرابة الفجر ولم أنم بعد، وبجانبي بقايا نبيذ وسجائر مطفأة في وعاء بلاستيكي تنبعث منه رائحة احتراق خانقة، فتحت باب المنزل على مصراعيه وجلست أراقب سكون الليل في قرية ميتة، لا يظهر لي من بعيد سوى أضواء منازل متواضعة متفرقة وأشجار بلوط اغتالها الظلام تبدو مثل فواصل ونقط ترقيم فوق الجبل الصغير، وفي الداخل تنبعث موسيقى قديمة سكرانة، لم يكن لدي في الليل أي رفيق، فالجميع نائمون أو مستغرقون في أجسادهم العرقى. فرغت قنينتي لكن رأسي امتلأ. لم يكن أمامي وأنا جالس على عتبة الباب سوى مشهد القمر منتصفا في الغيم، حيث تبدو السماء كئيبة، وفي مشهد مهيب من السحب الرمادية التي تتشكل على هيئة حيوانات أسطورية، قفز صرصور اتجاه قدمي ووقف. كان يبدو مثل تنين ممسوخ، ربما كان يفترس الذين يشعرون بالملل في زمن سحيق. في لفافة المكسرات، كنت قرأت قبل سنوات طويلة أن الصراصير نجت من الإشعاع النووي في هيروشيما ونكازاكي وتشيرنوبيل أيضا، لكنها لم تنج من فضول البشر. ومن شدة الدعس والمطاردة خلف الصناديق وتحت الأفرشة وفي العليات، تعلم الصرصار بعض الدروس، وبإمكانه أن يعلمها للبشر كي يصمدوا أمام الخطر المحدق بهم، خطرهم

انك لست سوى ما تعيشه _ جون بول سارتر

صورة
من كتاب"الوجودية مذهب انساني" للفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر  ملخصا موجزا حوله بما انه كتاب من العيار الثقيل ... خلاصة الكتاب تكمن في قول الكاتب "انك لست سوى ما تعيشه" الفكرة الاساسية للوجودية تكمن في ان كل انسان عليه ان يحدد دوره و ان يخلق ظروفه بنفسه وان الوجود سابق على المهية ،لا تؤمن الوجودية بان هناك حقيقة واحدة بل عدة حقائق ولا هدف واحد بل اهداف ،ان الانسان واجب عليه ان يكون صاحب قرار وان تهتم بالانسان عامة وبوجوده ومن منطلق اساسي الطريقة الوحيدة في فهم الحقيقة والوصول اليها عن طريق التجارب الحية الذاتية للانسان وهذا يتطلب نشاط فكري . في البداية استخلصت ان سارتر ذهب يدافع عن الوجودية بمقابل من يقول انها فلسفة التشاؤم وعلى العكس من ذلك يعتبرها فلسفة متفائلة تجعل الانسان مواجها لذاته حر ويختار ويحدد ما يشاء لنفسه ، وعلى غرار ذلك يشرح ان هناك نوعين من الناس الذين يتبنون الفلسفة الوجودية ، هناك الوجوديون المسيحيون والوجوديون الملحدون وعلى رأسهم "هايدكر" و الاساس ان كلاهما يؤمن بان الوجود سابق للمهية... سارتر يقصد ان الانسان يوجد اولا ثم يتعر

التفكير الازدواجي \ جورج أورويل \ 1984

صورة
أرخي ونستون ذراعيه و ملأ رئتيه بالهواء ببطء ، بينما كان عقله ينزلق بمتاهات التفكير الازدواجي .. أن تعرف و أن لا تعرف ، أن تعي الحقيقة كاملة ، و مع ذلك لا تفتأ تقص الأكاذيب محكمة البناء ، أن تؤمن برأيين في آن و أنت تعرف أنهما لا يجتمعان و مع ذلك تصدق بهما . أن تجهض المنطق بالمنطق ، أن ترفض الألتزام بالأخلاق فيما أنت واحد من الداعين إليها . أن تعتقد أن الدايمقراطية ضرب من المستحيل ، و أن الحزب وصي عليها . أن تنسي كل ما يتعين عليك نسيانه ثم تستحضره في الذاكرة حينما تمس الحاجة إليه ، ثم تنساه مرة ثانية فوراً ، وفوق كل ذلك تطبق الأسلوب نفسه علي الحالتين . ذلك هو الدهاء الكامل ، أن تفقد الوعي عن عمد ووعي ، ثم تصبح ثانية غير واعٍ بعملية التنويم الذاتي التي مارستها علي نفسك . بل حتي إن فهم عباره التفكير الأزدواجي تستدعي منك اللجوء للتفكير الأزدواجي .

في بطلان الوجود- آرثر شوبنهاور

صورة
في عالم حيث كلّ شيء متبدّل، لا إمكان لدوام أيّ شيء، وحيث كلّ شيء ينجرف من ساعته في دُوَّامة التغير الهائجة، وحيث ينبغي للإنسان إن أراد أن يبقى منتصبًا على الإطلاق، أن يداوم على التقدم والتحرك، كبهلوانيّ على الحبل – في عالمٍ كهذا، تكون السعادة شيئًا محالًا يتعذّر تصوّره. - آرثر شوبنهاور مقالة «في بطلان الوجود»

أنا لم أشعُر يوما بأنني وحيدٌ- تشارلز بوكوفسكي

صورة
لم أشعُر يوماً ما بالوحدة ، فلقد كُنت مُنعزلاً فى غُرفتي دائماً ، وكثيراً ما فكرتُ فى الإنتحار وكُنت فى أوقات كثيرة أشعُر بالإكتئاب والكثير من المشاعِر المُزعجة . ولكن مع كُل ذلك لم أشعُر يوماً أن هُناك شخص ما ، يستطيع أن يدخُل عليّ غُرفتي ويُعالجنى مما أنا مُنزعج بشأنه أو حتى أي مجموعة من الأشخاص . بمعنى آخر فإنني دائماً ما لدي هذه اللهفة للوحدّة والإنعزال .سواء كُنت فى حفلة ما أو في ملعب كُرة وسط الحشود من الناس الفرحة ويحتفلون بشيء ما ،فإنني دائماً ما أشعُر بالوحدّة . وسوف أقتبس مقولة هنريك إبسن أن أقوى الرجال دائماً وحيدون . حسناً ، فإنني لم أفكر يوماً ، أنه لو جاء إلى غُرفتى بضع فتيات فاتنات شقروات وجعلوني أشعُر بالمُتعة فإنني سوف أشعُر بشعور أفضل ، لا فذلك لن يُساعدني إطلاقاً . أوه هذه هي ليلة العُطلة ، ماذا سوف تفعل الليلة؟ فقط سوف تجلِس هُنا؟ حسناً ، نعم . لأنهُ لا يوجد شيء بالخارج . فقط التفاهات والبشر الأغبياء المُختلطين بأشخاص آخرين أغبياء مثلهم ، لنترُكهم أنا و أنت فى غبائهم .وأيضاً فإنني لم أشعُر يوماً باللهفة للخروج للتسكُع ليلاً. أحيانا أختبئ وألتجأ للبارات لإننى لا

هذا هو الإنسان - نيتشه

صورة
تحسّبَاً لكوني سأضعُ البشريَّةِ عمّا قريبٍ أمامَ إلزاماتٍ جَسيمةٍ لم يُعرَف لها مثيلاً في السّابقِ ، فإنَّهُ يبدو لي منَ الضّروريِّ أن أقولَ لكم من أنا ؟ ، مع أنَّهُ من المُفترضِ ، في الواقعِ ، أن يكون الناسُ على علمٍ بذلكَ ، لأنني لم أدعْ نفسي أظلّ ( نكرةً ) . غير أنَّ عدمَ التناسبِ بين جَسامةَ مهمتي وحقارةَ مُعاصريِّ قد تجسّدَ في أنني بقيتُ لا أُسمَعُ ، بل ولا أُرَى حتّى. إنني أَحيا على الرَّصيدِ الذي كونتهُ لنفسي ، أنا مثلاً لستُ فزاعةً على الإطلاقِ ؛ ولا أنا غولٌ أخلاقيٌّ ، بل إنني من طبيعةٍ نقيضةٍ لذلك الصّنفِ من البشرِ الذين ظلَّ الناسُ يُقدِّسونهم حتى الآن كأمثلةٍ للفضيلةِ ، بل لأقولها بيني وبينكم ؛ إن ذلك بالذَّات هو ما يبدو لي أحدَ عناصرِ اعتزازي بنفسي ، فأنا تلميذٌ لديونيزوس ، وإني لأُفضِّل أن أكونَ مُهرِّجاً على أن أكون قديساً. - إن آخرَ مايُمكنُ لي أن أعِدَ به هو إصلاحُ البشريَّة ؛ كما أنني لن أُشيِّدَ أصناماً جديدةً ، وليعلمَ القُدامى مالذي يجلبهُ الانتصابُ على قدمينِ من صَلصالٍ ، تحطيمُ الأصنامِ هي حِرفتي. ومن يعرفُ كيفَ يتنفسُ الهواءَ الذي يملأُ كتاباتي ؛ يُدرِك أ

مشكلة سبينوزا

صورة
إن كان سقراط قد دفع حياته ثمنًا لمخالفته الآراء السائدة في عصره، فإن سبينوزا قد دفع ثمن تمسكه بآرائه الفلسفية والدينية، فطاله قرار (الحرم اليهودي) حتى مماته. فلم يتعامل مع يهودي مدة عشرين عامًا، بما في ذلك أخيه وأخته! لوحة سبينوزا والحاخامات تصور لوحة «سبينوزا والحاخامات» (1907)، للفنان البولندي «صموئيل هيرشنبيرج» الفيلسوف الهولنديّ اليهودي باروخ سبينوزا وهو مُستغرقًا في قراءة كتاب في طريق مرصوفٍ بالحصى. بعد أن صدر بحقه حُكم النبذ والطرد الذي أنزله الحاخامات بسبينوزا، والذي جاء فيه: “لقد قررنا إقصاء وطرد ولعن واحتقار المسمى “باروخ سبينوزا”، فلتنزل عليه اللعنة في نومه وصحوه، وأثناء دخوله وخروجه، وليحرمه الله من عفوه إلى الأبد، وليصب عليه جام غضبه ويسومه ألوان العذاب المذكورة في الكتاب؛ وليمحى اسمه من العالم”. ولكي يكتمل الحكم، أردفوا العقاب الإلهي بعقاب إنساني مقتضاه: “لا أحد يقدم له المساعدة، ولا أحد يقترب منه بأقل من أربعة أدرع، ولا أحد يقتسم معه نفس السقف، ولا أحد يقرأ له كتاباته”. تُظهر اللوحة كيف يمتثل الحاخامات لحكم النبذ ويرتدون في الخلفيّة مروَّعين من سبينوزا وكأنّه يم