مُجتمع الاِستهلاك \ جَوْن بودريلّارد
إنَّ الإغتراب في وَقتُ الفِراغ لأَنأَىٰ مِن أنْ يُسْبَرُ غَوْرُه: إذ هو لا يَنتمي مُباشرَةً إلىٰ مَرؤُوسِيّة وقت العَملِ، بل هو مُرتبطٌ بعدم إمكانيَّة إضَاعَة وقت المرءِ. إنَّ القَيمة الاِستغلاليَّة الحقَّةُ للوقتِ، تلكَ القَيمة الاِستغلاليَّة الَّتي يُحاوِّل وقت الفراغ يائسًا رَدّها ما هي إلَّا قيمةٌ ضائِعة. الإِجازات هي هٰذا السَّعيُ لوقتٍ يُمكنُ للمرءِ أن يِضيِّعَهُ بكلِّ ما تحمل الكلمة مِن معنىٰ ودلالة، دونَ أن يُدغمَ هٰذا الضَّياع في الوقتِ بدورهِ في الحُسبان، دونَ أن يكونَ هٰذا الوقتُ ”في غضون ذٰلك“ بطريقةٍ ما ”مَحْروزًا“. في نظامنا الإِنتاجي والقوَّىٰ الإِنتاجيَّة، لا يُمكِن للمرءِ أن يَكسبَ إلَّا وَقتهُ، فهٰذهِ الجَبرية تُثقِلُ على وقت الفراغ كما يُثقلُ العَملُ بكاهلنا. إذ ليسَ بمقدور المرءِ إلَّا أن يَستغلَّ [مُطالِبًا] وقتهُ، ولو عبرَ اِستَعَانةٍ مفرَّغةٍ مِن أيّ مضمونٍ بشكلٍ تُذهِل. حيثُ يظلُّ وقت الفِراغ في الإِجازات مِلكيَّة خاصَّة تخصُّ صاحِب الإِجازة، مِلكيَّة اِكستبها بِعرق حبينهِ على مَدار العَام؛ إنَّهُ لشيءٌ يَملُكُهُ، ويَمتلكه لأنَّهُ يمتلكَ أغراض أُخرىٰ – وهو...