إن قسوة الحياة تؤدي الى ولادة الخير في القلوب العظيمة \ فاسيلي غروسمان
إن قسوة الحياة تؤدي الى ولادة الخير في القلوب العظيمة. لاحقا تسعى هذه القلوب الى إعادة هذا الخير الى الحياة مرة أخرى، على أمل أن تجعل الحياة تتوافق مع ما تعنيه صورة الخير لديها. ولكن الحياة لا تتغير وفق تصوراتنا عن الخير. بل أن ما يحدث هو أن رؤيتنا للخير تغرق في مستنقع الحياة، فتفقد سمتها الكونية، وتنقسم الى شظايا مبعثرة، يتم استغلال بعضها وفق ما يتطلبه الوضع الراهن. إن الناس تخطئ في رؤيتها للحياة كصراع بين الخير والشر. فهؤلاء الراغبين في تحقيق كل الخير للإنسانية، هم في نفس الوقت غير قادرين على زحزحة الشر بمثقال ذرة. قد شهدت بعيني ولادة الجبروت الذي لا يقهر لفكرة خير المجتمع في بلادي. رأيت كيف يتم الصراع من أجل هذا الخير خلال مرحلة تشكيل التعاونيات, ورأيتها في عام 1937. لقد شهدت كيف تمت إبادة الناس باسم فكرة تحمل كل نقاوة وإنسانية المثل العليا للمسيحية. رأيت قرى بأكملها تموت من الجوع، وشاهدت أطفال الفلاحين يموتون في ثلوج سيبيريا. رأيت قطارات متجهة الى سيبيريا محملة بالمئات والآلاف من رجال ونساء من موسكو، لينينغراد ومن كل مدينة روسية. جميعهم اعتبروا أعداء للفكرة العظيمة البراقة عن...