المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر ٥, ٢٠٢١

ما يُكرِبُ الناس \ إبكتيتوس

صورة
ليست الأشياء ما يُكرِبُ الناس ولكن أحكامُهم عن الأشياء. الموتُ مثلًا ليس مُريعًا، وإلا لكان سقراط أيضًا رآه كذلك. وإنما المريعُ هو الحكمُ بأن الموت مريع؛ لذا فعندما ينتابنا الإحباط أو الاضطراب أو الحزن فإن علينا ألَّا نلوم غير أنفسنا؛ أعني غير أحكامنا نحن. أن يلوم المرء الآخرين على ما أصابه … ذلك من شيمة الجاهل. أمَّا بداية العلم فأن تلوم نفسك، وأمَّا تمام العلم فألا تلوم نفسك ولا غيرك. ترجمة عادل مصطفى  

تمهيد في معنى الفلسفة وفروعها \ أ. س. رابوبرت

صورة
  ترجمة أحمد أمين شاع بين الناس أن الفلسفة موضوع لا تتناوله إلا عقول خاصة، وأنها لا تلذ إلا لقوم نظريين لم يروا في الحياة خيرًا من أن يجهدوا عقولهم في حلِّ مسائلَ هي إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة، وأنها تبحث في خيالات عقيمة لا ينبني عليها في الحياة عمل؛ وإنهم في زعمهم لمخطئون. لم يرفع الإنسان عن مستوى الحيوان إلا فكره وقوته العاقلة، فالحيوان يرى ويسمع بل ويتذكر، ولكنه لا يستخدم هذه القوى إلا في حاجاته الوقتية؛ أما الإنسان فيرى ظواهر الكون على اختلاف أنواعها فيتصورها ويكوِّن له فيها رأيًا، ثم يجتهد في تعرف عللها وعلاقة حقائق الكون بظواهره؛ وهذا طريق فهم الشيء فهمًا واضحًا، فإن فعل هذا قلنا: إنه يتفلسف، ولا نعني بهذه الكلمة إلا أنه يفكر في شيء خاص — ذاتًا كان أو معنى — ويحاول الإجابة على هذه الأسئلة: (١)ما هذا الشيء الذي يبحث فيه عقلنا؟ (٢)ما أصله؟ (٣)ما علاقته بغيره من الذوات أو المعاني؟ وبعبارة أخرى معنى «يتفلسف» أنه يبحث في ماهية الأشياء وأصولها وعلاقة بعضها ببعض، وليس يخلو إنسان من هذا العمل وقتًا ما، فساغ لنا أن نقول: إن كل إنسان متوسط الفكر يتفلسف، وإن كل الناس فيلسوف إلى حد ما،

الفيلسوف الشاعر: لماذا كان فريدريك نيتشه يكتب فلسفته على شكل شذرات؟

صورة
  بواسطة سارة عمري   إنّ أسلوبي ضربٌ من الرقص، إنّه يهزأ بكل التناقضات ويتخطاها بقفزةٍ ويسخر منها. فريدريك نيتشه (1) لم يكن فريدريك نيتشه محطِّم الأصنام فقط وقاتل الإله، أو الفيلسوف الذي تحدّى القيم والأخلاق السائدة في مجتمعاتنا الحداثيّة وما بعدها، لم يهاجم الفلسفة الكلاسيكيّة كذلك في فترة طلوع شمس العقل فقط، بل تحدى أيضًا النسق الفلسفيّ والخطاب العقلانيّ الموضوعيّ الذي يقدّم نفسه على أنّه مع الحياديّة وواضحٌ محكوم باللوغوس. ولقد رأى نيتشه في هذا الوضع تقييدًا ومحاولاتٍ أخرى لإحكام قبضة اليد على الفكر والإنسان بطريقة لادينيةٍ تحقق أهدافًا ذات جذورٍ دينيةٍ. كما كان يكتب فلسفته على شكل شذراتٍ أدبيّةٍ ميّزته عن غيره من الفلاسفة رغم وجود القليل الذي كتبه بشكل نسقيّ، فهو لم يكن فيلسوفًا فقط بل شاعرًا كذلك وموسيقيًّا؛ الشيء الذي أيقظ عدة احتمالاتٍ حول سبب أساليب كتابته التي تعّج بالغموض والصعوبات. -نيتشه والأسلوب الشذريّ: يرى نيتشه أنّ أفضل الأفكار التي تأتي الشخص هي الأفكار التي تراود الإنسان وهو يمشي(2)، فهو يحيلنا بذلك إلى العفويّة وعدم الإصطناع وإجهاد الفكر حتى يخرج لنا بفكرة ربما لا تك

الطــاعون \ ألبير كامو

صورة
  ورد الدكتور وهو يفحص صدر مريضه الذي يضطرب بالشخير-: -لقد مات. فتوقف العجوز بعض الوقت مبهوتا، ثم قال: آه! وأضاف ريو: -بالطاعون. وقال العجوز بعد لحظة: -نعم، ان خير الناس هم الذين يذهبون. هذه سنة الحياة، ولكنه كان رجلا يعرف ما يريد. وقال الطبيب وهو يعد وضع سماعته: -لماذا تقول ذلك؟ -للاشيء.. انه لم يكن يتكلم دون جدوى، وأيا ما كان، فقد كان يعجبني أنا شخصيًا، ولكن هذه حال الدنيا. ان الناس يقولون: "انه الطاعون، لقد حل بنا الطاعون". ومن أجل ذلك يكادون يطالبون بالنياشين. ولكن ما معنى هذا؟ ما معنى الطاعون؟ انها الحيـــــــــــاة، هذا كل ما في الأمر. وقال الطبيب: -ضع كماداتك بانتظام. فرد عليه العجوز بقوله: -لا تخش شيئًا، فان الوقت ما زال أمامي طويلًا، وسأرى جميع من حولي يموتون قبلي، وأما أنا فأعرف كيف أعيش... والواقع أن ريو كان ينصت إلى صيحات الفرح تتصاعد من المدينة، فيذكر أن ذلك الفرح ما زال مهددًا، لأنه كان يعرف ما تجهله تلك الجموع المبتهجة، وما يمكن قراءته في الكتب من أن جرثومة الطاعون لا تموت ولا تختفي أبدًا، وأنها قد تظل عشرات السنين نائمة في الأثاث والفرش، وان تنتظر -في صبر وأنا

الصّمت والموت

صورة
  ومن الوجوه المرعبة للصّمت، هو ذاك الّذي يحضر بقوة شرسة في سيرورة ألم كحداد مؤقّت أو دائم للذّات. ولهذا يعسر القول، حيث تبدو اللّغة عاجزة عن ترجمة المواقف الصّعبة في المرارة والانفصال والموت، كمديّة في الرّوح تحبط إمكانيّة الكلام، وينهار الفكر لتنتصر الانفعالات الرّهيبة المولّدة للعذاب المخنوق في الأنين والدّموع، أو في الصّمت السّادر الأقرب إلى تخوم الموت، إذ لا شيء في الحركة أو الكلام يقوى على خدش سطوة الصّمت الّتي تحفر في الأعماق مخلخلة كلّ التّوازنات والخيارات، بنوع من الرّيبة والحيرة والارتباك في معرفة الخطوة المناسبة إزاء المسكوت عنه في وضعيات مرعبة أمام تهديد الموت الّذي يجعل الكلام عسيرا وصعب المنال. وعندما يرخي الموت سدوله وهو يعلن نهاية الإنسان، يسود الصّمت المستحيل على القول.” عند قرب الموت يصاب الكلام بالاختناق، ويتبدّد في الصّمت أو ينشرخ في الصّرخة…يتفكّك الكلام ويستدعي بالأحرى الخرس… تتفكّك الشّاشة الهشّة للكلمات أمام المستحيل على القول، وفي تأجج يخنق الحلق كما لو كان ذلك للإفصاح عن تفاهة الكلام. وفي مثل هذا الموقف تختلف الجماعات والمجتمعات في السّبل الّتي تسلكها للتّغلب