الإدراك \ سينيكا
إننا نسمّي الإنسان سعيدًا إذا كانَ مُدركا للحقيقة ومُتحرّرًا من سيطرة الرغَباتِ والأحاسيس والألم والخوف، وإلا سيكون كالبهيمَة مَعَ فرق واحد وهو أن البهائم تفتقر إلى العقل، في حين أنه هو يسيء استعمال عقله. فلا أحد يُمكن أن يدعي أنه سعيد إذا كان جاهلا الحقيقة وخصوصا حقيقةً ذاتِه؛ ذلك أن أساس الحياة السعيدة هُوَ الاسْتِقَامَةً وسلامة الحكم. فمن هو الإنسانَ الْمَالِك لِزمَام ذاتِهِ الذي يقبل أن يبقى تحت سيطرة أحاسيس الجسَدِ؟ لن تكون النفس إلا أكثر تعاسَة إذا أصرت عَلَى السّعي وراء اللَّذة الماديّة، كما لن نكونَ سعداء من دونِ العقل السليم؛ فإذا ما بالغنا في التفكير في المستقبل وبناء الآمالِ يكونَ ذلك مصدر آلام. فنكونَ سُعداء إذا قبلنا بحاضرِنَا مهما كان وإذا أحببَنَا ما نحن عليه؛ ونكونَ سُعداء أخيرًا عندما نترك للعَقلِ مُهمّةً تدبيرِ جميع ما يتعلّقُ بوجودِنَا”.