عندما تفلسف الفيلسوف

  فيلم ممتاز بطولة الأوسكاريين كريستوفر فالز، جودي فوستر و كايت وينسلت بالإضافة للكوميدي الرائع جون سي رايلي، نص أصلي من مسرحية فرنسية لياسمينة رضا، إخراج البولوني العظيم رومان بولانسكي.  الفيلم ببساطة جلسة صلحية بين أولياء تتحول المواقف فيها من العقلانية إلى العدوانية (و الهمجية نوعا ما) جوهرها خلاف نشب بين طفليهما نجم عنه عنف أحادي الجانب، ضحيته الطفل إيثان إبن كل من مايكل (جون سي رايلي) و بينيلوب (جودي فوستر)، و المعتدي فيه إيزاك إبن كل من آلان (كريستوفر فالز) و نانسي (كايت ونسلت). تتطور المواقف من النقيض إلى النقيض بأسلوب ساخر جعل بولانسكي يعري الزيف الإنساني الأخلاقوي و يكشف النقاب عن مدى هشاشة القيم المغشوشة للحضارة الإنسانية في حوار صاعد و متطور بين الشخصيات الأربع و في حبكة درامية بسيطة بأجواء شبه مسرحية مشحونة بالكوميديا السوداء، تطرح معاني إنسانية عميقة و تسقط أقنعة الإنسان المتحضر.  Farouk Ben Chērif

  كان يخشى المدّ الدوري المتناوب للسعادة والشقاء. المسرات لم يكن يتوقعها، أما المصيبة فآتية حتماً ولا مفر منها: فكل شيء خاضع للقانون للعام. كان يبدو له أن نصيباً متساوياً من السعادة والشقاء ينتظر الناس جميعاً. السعادة انتهت بالنسبة له وأيّ سعادة؟ وهمٌ باطل و خداع. المصيبة فقط، واقعية و حقيقية، وهي آتية لا محالة. هناك الأمراض والشيخوخة والخسائر المتنوعة، وربما الفاقة أيضاً ... لطمات القدر هذه كلها، تتربص به. والمتع والمسرات؟ لقد خدعته الأهداف السامية، وأنهكته الأعباء المضنية، التي يسمونها واجباً! بقيت المنافع التافهة - النقود، الراحة، الرتب والمناصب ... أنا في غنى عنهم! آه، إنه لأمرٌ محزنٌ حقاً أن يتبين الحياة و يتعمق في سبرها دون أن يفهم الغاية منها!.

  ولتعلمى يا أمى أننى لست بخير فدثِّرينى ، كلُ شئ ماضٍ حولى إلى الأسوأ، كل ما أشعر به أننى أفرغ من الداخل، تتسربُ طاقتى منى حتى خويت، فبتُّ على حرفٍ من التحمل، قواى تتشقق، والثقوب فى روحى تتسع، أسرفتُ فى التظاهر والكتمان وأنهكتنى المُعافرة، لقد استُهْلِكتُ بما يكفى، لا أخفيكِ سراً.. أنا متعبٌ جداً؛ فدعينى أتمددُ على كتفيك،ِ أحتاجُ كما كنت طفلاً لهدهدتك ٍ، ولكن.. لا تَهُزِّى جزعى؛ كيلا أُساقِطُ عليكِ وجعاً، لا تَهُزِّينى يا أمى؛ فأنا مملوءٌ بالدموع، إننى أنطفئ وأخبو، لم أعد بثباتى يا أمى ، أنا أميل.