المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر ١٤, ٢٠٢٠

الإصغاء و الخلوة مع الذات \ إريك فروم

صورة
   يُبين "إريك فروم" في كتابه "الإنسان من أجل ذاته" أن شرط الوجود الاجتماعي هو الوجود في البيت ! وشرط الإصغاء إلى الآخر هو الإصغاء إلى الذات. وإصغاء المرء إلى نفسه يواجِه في ثقافتنا الحديثة صعوبات جمّة. يقول فروم : "إن إصغاء المرء إلى نفسه شديد الصعوبة لأن هذا الفن يقتضي قدرة أخرى نادرة في الإنسان الحديث ، هي قدرة المرء على أن ينفرد بذاته ، ونحنُ في الحقيقة أنشأنا رهاب الانفراد ، ونفضِّل أتفه صحبة أو حتى أبغضها ، على أن ننفرد بأنفسنا. أعتقد أن الخوف من أن نكون وحيدين مع أنفسنا هو إلى حد ما شعور بالارتباك ، فنضيع بذلك فرصة الاستماع إلى ذواتنا ، ونستمر في جهلنا لأنفسنا".  على أنه لا مفرّ للإنسان الذي يود أن يتقدم في الحياة من أن يفهم نفسه بعمق إذا أراد أن يفهم الذين حوله و يفهم العالم. فالمعرفة النفسية ليست اختصاصاً قد نميل إليه أو لا نميل ، بل هي ضرورة لنا جميعاً مهما كانت توجهاتنا. يقول فروم : "كيف للمرء أن يعرف العالم ؟ كيف للمرء أن يعيش ويستجيب كما ينبغي إذا كانت تلك الأداة التي ستعمل ، والتي ستقرر ، مجهولة بالنسبة إلينا ؟ نحن المرشد والقائد لهذا (

المواقــف العبثيـــة \ علي خليفة

صورة
  المواقف العبثية هي مواقف لا تخضع للمنطق والعقل، ويتم فيها حدوث أفعال غريبة تثير الدهشة، وتدعو للضحك. وكثيرًا ما نرى هذه المواقف العبثية في مسرحيات كتاب العبث، وأكثر مسرحيات كتاب العبث تقوم على مواقف عبثية تدعو للضحك في ظاهرها، ولكنها في باطنها وعند تعمق دلالاتها نرى أنها تشير إلى كثير من أزمات الإنسان في العصر الحديث، ومنها تفسخ العلاقات الإنسانية، وعدم قدرة الإنسان على التواصل مع أحد؛ ولهذا فإنه ينعكف على نفسه  – كما نرى في مسرحية "شريط كراب الأخير" لصمويل بيكيت –  وقد يقوم هو بنفسه بعمل سواتر تعزله عن غيره؛ لأنه لا يرى جدوى من تواصله مع أحد – كما نرى في مسرحية "الساكن الجديد" ليونسكو –. والحقيقة أن المواقف العبثية هي أساس الكوميديا في مسرحيات كتاب العبث، ولكننا نرى فيها عناصر كوميديا أخرى، مثل الأنماط الكوميدية، كنمط الجارة الفضولية الثرثارة التي نراها في مسرحية "الساكن الجديد" ليونسكو، وكذلك نرى من عناصر الكوميديا  في هذه المسرحيات توظيف المفارقة، والتكرار، وغير ذلك. ونرى في بعض المسرحيات لغير كتاب العبث بعض المواقف العبثية  في بعض المسرحيات التي كتبو

أجمل غريق في العالم \ غابرييل غارسيا ماركيز

صورة
  لما رأى الأطفال، أول مرة، ذاك الانتفاخ الداكن و المائج يقترب إلى وسط البحر، ظنوه سفينة من سفن الأعداء، ولكنهم ، حين رأوا أن لا وجود لأية صارية ، ولا لعلم ، تصوروه حوتا، ولكنهم بعد أزاحه الماء إلى الساحل الرملي ، و بعد أن قاموا بتنظيفه من الأعشاب و الحراشف والأصداف وبقايا السمك ، تأكدوا أنه رجل غريق. شرعَ الصبيةُ يلعبون بتلك الجثة يوارونها في الترابِ حينًا ويخرجونها حينًا حتّى إذا مرّ عليهم رجلٌ ورأى ما يفعلون نَهَرهم وسعى إلي القريةِ ينبه أهلها بما حدث. أحسّ الرجالُ الذين حملوا الميّتَ إلى أول بيتٍ في القرية أنه أثقل من الرجال،لآخرين، أحسّوا كأنهم يحملون جثّةَ حصانٍ وقالوا في ذات أنفسهم: "ربما نتج ذلك عن بقاء الغريق فترة طويلة تحت البحرِ فدخل الماءُ حتى نخاع عظامه." عندما طرح الرجالُ الجثةَ على الأرضِ وجدوا أنّها أطولُ من قامة كلّ الرجال ، كان رأس الميتِ ملتصقًا بجدار الغرفة فيما اقتربت قدماه من الجدارِ المقابلِ ، وتساءل أحد الرجال عمّا لو كان ذلك ناتجًا عن أن بعض الغرقى تطول قاماتُهم بعد الموت. كان الميتُ يحمل رائحةَ البحر ، وكانت تغطيه طبقةٌ من الطين و الأسماك. لم يكن من

على متن الريح / أسعد الجبوري

صورة
  دونكيشوت:كيف يصبح المرءُ واقعياً يا سانشو؟ سانشو:عندما يموت.فالقبر هو آخر الوقائع كما تعلمت ذلك يا سيدي الدون. دونكيشوت:ومتى يبدو المرء رومانسياً ؟ سانشو:وقتما تشيخ عضلات قلبهُ ،بحيث تسكن العواطف مثل الملابس على هي تلك الحبال التي كانت لا تحركها الريح في أيام العنفوان. دونكيشوت:وكيف يصبح المرء اشتراكياً؟ سانشو:عندما تصفرُ الريح بجيوبه ،ويكون من رموز الصعاليك. دونكيشوت:ومتى يرى المرءُ نفسه سريالياً يا سانشو؟ سانشو:السريالية هي أن يمضي حذاء الشخص في  المسير وحيداً دون صاحبه ،بعد أن تسقط المواطنةُ في الوحل، ويسقطُ المواطنُ مغشياً على الأرض.  دونكيشوت:الآن أدرك لماذا أفضلُ الليلَ مؤرخاً على النهار. سانشو:إنها لمفارقة يا سيدي الدون !! دونكيشوت: كأن يكون  الأعمى  مؤرخاً أم ماذا ؟!! سانشو:بالضبط يا سيدي الدون.ذلك هو السؤال ! دونكيشوت:لا تظنن بأن للوطن أو للمواطن ليلاً واحداً وينتهي الأمر عند حدود ذلك الزمن . سانشو:وكيف تفسر لي ما ذهبت إليه في كلامك الغامض يا سيدي الدون؟ دونكيشوت:ليس من غموض هناك. فما أن أصبح المواطن من تابعية الليل وخزائن أسراره،حتى تراه وقد اختصر مهنة الحياة بتتبع حوادث ال

نصوص من أجل لا شيء \ صمويل بيكيت

صورة
  لا أحد غيري، في هذه الأمسية، هنا، على الأرض، وصوت لا يصدر ضجَّة لأنه يمضي نحو العدم، رأس مشتت، ذراعان ممددتان نحو الأسفل وجثث تقاتل بحيوية، وجسد قد نسيته تقريباً، هذا المساء، أقول هذا المساء، وربما هو الصّباح، وكل هذه الأشياء، أي أشياء؟ تلك التي تدور حولي، لن أنكر وجودها بعد الآن، ذلك لم يعد منطقياً، أن كانت الطبيعة، لربما هي أشجار وطيور، فهما يتلائمان سوية، الماء والهواء كي يمضي كل شيء، أنا لست بحاجة لمعرفة التفاصيل، ربما أنا جالس تحت نخلة، أو هي غرفة، مزودة بالأثاث، كل المتطلبات لجعل الحياة مريحة، مظلمة، لوجود الجدار الذي يقابل النافذة. ما الذي أفعله، أتكلم، أترك أنسجتي تتحدث، لا يمكن أن يكون شخصًا غيري أنا. نوبات من الصمت أيضاً، رؤية الجهد الذي ابذله كي أكون منطقياً. هنالك حياتي، لما لا، هي حياة، أن شئت ذلك، أن توجب عليك ذلك، هذه الأمسية أنا لن أقول لا. ويجب أن يكون هناك واحدة، على ما يبدو، حين يكون هنالك حديث، لا حاجة لوجود قصة، القصة ليست إلزامية، فقط الحياة، تلك هي الغلطة التي ارتكبتها، أحدى الأخطاء، حين رغبت بقصة خاصة بي، في حين أن الحياة وحدها تكفي. أنا احرز تقدم، انه الوقت ا