البحث عن الزمن المفقود \ مارسيل بروست
حتى الفعل البسيط جداً الذي ندعوه “رؤية شخص نعرفه” فعل فكري في جزء منه. فإننا نملأ المظهر المادي للكائن الذي نراه بجميع المفاهيم التي نحملها عنه، وتحتل هذه المفاهيم بالتأكيد القسم الأكبر في المظهر الكلي الذي نتصوره، ويبلغ بها الأمر أن تنفخ الوجنتين تماماً وأن تتابع خط الأنف بالالتصاق الدقيق به وتنجح إلى حد بعيد في تلوين رنة الصوت كما لو لم يكن هذا الأخير سوى غلاف شفاف حتى أننا في كل مرة نرى هذا الوجه ونسمع هذا الصوت فإنما نعود فنلقى هذه المفاهيم ونسمعها. العادة! إنها مدبر ماهر ولكنه بطيء جداً يبدأ بتسليم تعقلنا للألم على مدى أسابيع في دار سكن مؤقتة، ولكن فكرنا سعيد على الرغم من ذلك في العثور عليها لأنه بدون العادة، وإن اقتصر على وسائله الخاصة، فسيعجز عن جعل أي منزل قابل للسكن ، وربما كان جمود الأشياء من حولنا مفروضٌ عليها من جرّاء يقيننا بأنها هي نفسها ولا شيء سواها، ومن جراء جمود فكرنا في مقابلها.