المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٩

أنطون تشيخوف _ الخال فانيا

صورة
سوف نعيش يا خالي فانيا. سنعيش عددا عديدا من الأيام و الأمسيات الطويلة. و سنتحمل بصبر تلك المحن التى ستبلونا بها الأقدار. سوف نكدح للآخرين الآن و فى شيخوختنا، دون أن نذوق طعم الراحة، و عندما يدنو أجلنا سنموت مذعنين، و هناك خلف التابوت سنقول إننا عانينا، إننا بكينا، إننا قاسينا المرارة، و سيشفق الله علينا، و سنرى يا خالي، يا خالي العزيز، حياة مشرقة، رائعة، جميلة، و سنفرح، و ننظر إلى بؤسنا الحالي بتأثر و ابتسامة، و نرتاح. إننى أومن يا خالي.. أومن بحرارة و قوة.. سنرتاح! سنسنمع ترانيم الملائكة، و سنرى السماء مرصعة بالماس، سنرى كيف تغرق كل شرور الدنيا، كل آلامنا فى بحر الرحمة، الذي سيغمر العالم كله، و ستصبح حياتنا هادئة رقيقة عذبة كالحنان. أنا أومن، أومن.. يا خالي فانيا المسكين، أنت تبكي..أنت لم تعرف الفرح فى حياتك، لكن مهلا، مهلا يا خالي فانيا..سوف نرتاح..سنرتاح!

ثلاثة مشاعر _ برتراند راسل

صورة
ثلاثة مشاعر، بسيطة لكنها غامرة بقوة، تحكمت في حياتي: اللهفة للحب، البحث عن المعرفة، والشفقة التي لا تطاق لمعاناة البشر. هذه المشاعر، مثل العواصف العظيمة، عصفت بي هنا وهناك، في مسار صعب المراس، على محيط عميق من الكرب، يصل إلى حافة اليأس البعيدة. سعيت للحب، أولًا، لأنه يأتي بالبهجة الشديدة – والبهجة شيء عظيم لدرجة أنني مستعد أن أضحى بباقي عمري من أجل ساعات قليلة من هذه السعادة. سعيت إليه، ثانيًا، لأنه يخفف الوحدة – هذه الوحدة الشنيعة التي تجعل الوعي المرتعش للشخص ينظر من على حافة العالم إلى الجحيم البارد المبهم الخالي من الحياة. سعيت إليه، أخيرًا، لأنه بالتوحد مع الحب رأيت، بصورة صوفية، الرؤية المتنبئة للجنة التي تخيلها القديسين والشعراء. هذا ما كنت أسعى إليه وبرغم أنه ربما يبدو جيدًا جدًا بالنسبة لحياة بشرية، هذا هو ما وجدته، أخيرًا. بشغف مساوي سعيت إلى المعرفة. تمنيت أن أفهم قلوب البشر. تمنيت أن أعرف لماذا تلمع النجوم. وحاولت أن أدرك القوة الفيثاغورية التي تسيطر فيها الأرقام على تدفق الأشياء. قليل من هذا، وليس الكثير، استطعت أن أحققه. الحب والمعرفة، بحسب ما كانا ممكنين، قاداني

حكم نيتشه الأربعة

صورة
ان أول حكمة بشرية أعمل بها هي أن أستسلم لخداع الناس فلا أضطر إلى الوقوف أبداً موقف الحذر لأن في الناس من يخدعون. ولو أنني وقفت هذا الموقف في العالم أكان يتسنى للإنسان أن يثقل منطادي فيمنعه من الانفلات والانطلاق إلى أبعد الآفاق؟ إن إغفالي للحذر إنما هو عناية تسهر علي لإيصالي إلى ما هو مقدور. إذا أنت امتنعت عن الشرب من كل كاس فإنك هالك ظمأ، فإذا أردت أن تبقى طاهراً بين الناس فعليك أن تتعود الاغتسال بالماء القذر. لكم ناجيت قلبي، فقلت له: صبراً أيها القلب الهرم، إنك لم تفلح بهذه النقمة فتنعم بها كأنها نعمة. وهذه حكمتي البشرية الثانية: إنني أداري المغرور بأكثر مما أداري الفحور، لأن الغرور الجريح مبعث كل النائبات، في حين أن العزة الجريحة تستنبت جرحها ما هو خير من إذا لم يحسن الممثلون لرواية الحياة أدوارهم فيها فخير لك ألا تشهدها؛ وليس أمهر من أهل الغرور في التمثيل لأنهم يقومون بأدوارهم وكل إرادتهم متجهة إلى اكتساب رضى المشاهدين وإعجابهم، وهم لا يدخرون وسعاً في سبيل خلق شخصيتهم وتمثيلها، لذلك يلذ لي أن أنظر من خلالهم إلى الحياة فهم خير دواء للسوداء. إنني أداري أهل الغرور لأنهم

نحن الوحيدين جدًا كـ آخر طفل على الأرض في مدينة الموتى

صورة
نحن الوحيدين جدًا , لا نجتمع إلا في صفحات كاتب سودوي يعرف عن الوحدة..نحن أبناء حزن “فرانز كافكا” ، فلسفة “نيشته” ، اكتئاب “دستوفيسكي” و عبثية “البير كامو”..نحن كل الكتابات الحزينة التي كتبها أُدباء مجهولون كانوا يعانون من الوحدة و الحزن ، نحن مقطوعة حزينة لعازف انتحر من الاكتئاب ، نحن الخطوط التي رسمها “ڤان جوخ” بيدٍ مرتعشة قبل أن ينتحر ، الكلمات الأخيرة لـ “دليدا” قبل انتحارها و الرعشة الأخيرة لـ “غاندي” قبل أن يُغتال..نحن أصحاب الجداريات الحزينة في الأزقة و الحواري ، قاطني العشوائيات الفقيرة المزينة بالكذب والنفاق ، نحن أولئك الذين نُسلوا من كل من كان يعاني من متلازمات الخوف و اضطرابات الاكتئاب..نحن أولئك الذين يجلسون في الصفوف الأخيرة في المحاضرات لا يلاحظ أحد وجودنا و لا يهتم أحد بغيابنا ..نحن أصدقاء الليل و الحزن و الاكتئاب ، نحن من لا يعرف أحد حقيقتنا و مهما اقترب منا أحد لا يحظى إلا بالقليل جدًا عنا..نحن الوحيدين جدًا الذين لا يملكون شخص يبكون معه على الأشياء التافهة قبل الهامة ، نحن أولئك الذين اعتادوا الفقد و الألم و الوجع ، الذين يتألمون لبكاء الأطفال ، للمشاهد الدموية

لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده \ فان جوخ

صورة
مقطع من رسالة انتحار فان جوخ لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده ... عزيزى ثيو: إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة... إننى أتعفن مللا لولا ريشتى وألوانى هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد.. كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن.. ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التى يتعثر بصرنا بها كل يوم. كل الألوان القديمة لها بريق حزين فى قلبى. هل هى كذلك فى الطبيعة أم أن عينىّ مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها. فى قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألوانى أن تظهرها، فى حقول (الغربان) وسنابل القمح بأعناقها الملوية. وحتى (حذاء الفلاح) الذى يرشح بؤسا.. ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة... للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها فى الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك. اليوم رسمت صورتى الشخصية ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسى: أيها الوجه المكرر، يا وجه فانسان القبيح، لماذا لا تتجدد؟ أبصق فى المرآة وأخرج... واليوم قمت بتشكيل وجهى من جديد، لا كما أرادته الط

الزوال _ سيغموند فرويد

صورة
هناك مقال عظيم كتبه "سيغموند فرويد" يسمى "عن الزوال" وفيها يستشهد بمحادثة اجراها مع الشاعر "ريلكيه" عندما كانا يسيران بجانب حديقة جميلة، وفجأة بدا على "ريلكيه" أنه على وشك البكاء! سأله فرويد ماذا بك؟ انه يوم جميل وهناك نباتات جميلة من حولنا، وهذا رائع! ريلكيه قال: حسنا لا أستطيع تحمل حقيقة أنه في يوم ما كل هذا سيفنى! كل هذه الأشجار، كل هذه النباتات، كل هذه الحياة تسير إلى الاضمحلال، يذوب كل شيء في اللامعنى.. عندما تفكر في أن الزوال او عدم الثبات هو شيء حقيقي فعلاً. لعل أعظم مشكلة وجودية هي الكون، وأنا حقيقة صدمت بهذا... ربما هذا السبب أنه عندما نحب، نشعر بالحزن نوعا ما، هناك حزن في الوصول للنشوة، الأشياء الجميلة أحيانا تجعلنا نشعر بالقليل من الحزن وذلك لأن ما يشيرون إليه هو (الإستثناء)، رؤية شيء أكبر .. رؤية لما وراء الأبواب المغلقة، حفرة لنسقط فيها، ولكن بشكل مؤقت.. وأعتقد بنهاية المطاف، أنها مأساة. هذا هو السبب في أن الحب يملأنا بالفرح والكآبة في وقت واحد، هذا هو السبب أنه أحيانا أشعر بالحنين على شيء لم أفقده بعد، لأنني أرى زواله! وكيف

عندما ينطفئ وَهج الحُرية _محمد أحمد

صورة
عندما ينطفئ وَهج الحُرية، وتَمرض الإنسانية، ويَزول الوعي، ويَسود الفِكر السَلبي أو المتعفن أو الرِجعي أو الجاهل ...بدون أي محاولة للتَشكيك به في المجتمعات التقليدية المحتقرة لكل أساليب الحياة أي بمعنى أغلقت علىٰ أنفسها برفض كل مصادر الإنسانية والحرية الفكرية وحرية الأفراد بتقييدها أو تحريمها أو رفضها بكل السبل لا بدّ أن يخرج كل تنويري أو مثقف من جحره مخاطراً بحياته وبكل أشيائهُ الجميلة لإشعال وهج الحرية وإنقاذ الإنسانية وأحياء الوعي ونشر الثقافة بكافة فروعها واختصاصاتها سواء إن كانت عن طريق الكوميدية أو بكل جدية .. فإن هذا العاتق يقع عليه وإن لم يخرج من جحره فلن تسامحه إنسانيته أو ضميره أو ما هو عليه، يجب عليه أن يخرج من كهفه صارخاً لاعناً بوجه الحكام والزعماء والقيادات ، يجب عليه أن يخرج بكل قوة معلناً الثورة على كل الأفكار الرجعية المتخلفة. ... حين تسيطر المذاهب والتقاليد والأعراف والانتماءات والموروثات بكل قسوة وظلم ومهانة وطغي وتبلد على المجتمعات والأفراد وحتى الأفكار والمؤسسات التعليمية والطبية والعلمية والفنية، حينئذ يكون ناتج تلك السيطرة مجتمعات منغلقة على أنفسها بكل أسا

قصة قصيرة للكاتب الإسباني رافائيل نوبوا بعنوان (أخي بابلو)

صورة
لم أسامح أبدًا أخي التوأم الذي هجرني لست دقائق في بطن أمي، وتركني هناك، وحيدا، مذعورًا في الظلام، عائما كرائد فضاء في ذلك السائل اللزج، مستمتعا إلى القبلات تنهمر عليه في الجانب الآخر. كانت تلك أطول ست دقائق في حياتي، وهي التي حددت في النهاية أن أخي سيكون الإبن البكر والمفضل لأمي. منذ ذلك الوقت، صرت أسبق بابلو في الخروج من كل الأماكن: من الغرفة، من البيت،من المدرسة، من القداس، وحتى من السينما مع أن ذلك كان يكلفني مشاهدة نهاية الفيلم. في يوم من الأيام، التهيت، فخرج أخي قبلي إلى الشارع، وبينما كان ينظر إلي بابتسامته الوديعة، دهسته سيارة. أتذكر أن والدتي لدى سماعها صوت الضربة هرعت من المنزل ومرت من أمامي راكضة تصرخ باسمي، ذراعاها ممدودتان نحو جثة أخي. أنا لم أصحح لها خطأها أبدا !

ما لا أُحبُّهُ في المُجتَمَعِ المُعاصِر، كينونة الإنسان ، إريك فروم

صورة
هناك أشياءَ كثيرة أكرهُها في المجتمعِ المُعاصِر ، و أولاً أودُّ أن أعبِّر عن كرهي لحقيقةِ أنّ كلّ شيء وكلّ شخصٍ تقريباً للبيعِ. ليس فقط السِّلَع والخدمات ، بلّ الأفكار ، الفنّ ، الكتب ، الأشخاص ، القَناعات ، الشعور ، الابتسامة كلّها تحوَّلت إلى سِلَعٍ ، وكذلك الإنسانُ كلُّه ، بكلِّ جوارحهِ وإمكانياتهِ. يترتّب على ذلك أن قلَّة قليلة من النّاسِ يمكنُ الوثوقَ بها. لا يقتضي بالضرورة أني أقصد عدم النّزاهة في العملِ أو الاستخفاف بالعلاقات الشخصيّة ، بل أقصد شيئاً أعمق : عندما يكون الإنسان للبيعِ ، كيف نثق أنّه سيكون غداً هو نفسه الذي نعرفهُ اليوم ؟ كيفَ أعرف من هو ؟ أو لِمن سأمنَحُ ثقتي ؟ كيف أثِقُ أنّه لن يقتلني أو يسلبني ؟  فكرة أخرى وثيقةَ الصّلة بسابِقتها : ينزع الجيل الجديد لامتلاكِ طبع تشكَّل بقوّة بفعلِ الأنماط التقليديّة والحاجة إلى تكيُّف ناجح. يميل الكثيرون من الجيل الشابّ إلى عدم امتلاك طَبعٍ على الإطلاق ، ولا أعني بذلك أنّهم غير نزيهين ، بل إنّهم يعيشون عاطفيّاً ، ويتكلّمون فكرياً من الفمّ إلى اليدّ. يُشبِعون حاجاتهم فوراً ، وهم قليلو الصّبر على التعلُّم ، ولا يستطيعون ا

رؤية سينيكا للقلق وعلاجه من وجهة نظره

صورة
يعد سينيكا واحدا من أبرز فلاسفة القرن الأول، وقد أوضح بصورة أساسية المشكلات الأخلاقية التي إذا ما عولجت على نحو سليم، فإنها ستمكن الإنسان من بلوغ السعادة والأمن والخير، وبالإضافة إلى ذلك فقد حارب الانفعالات ودعا إلى لغة العقل المتزن، كما داعب سينيكا في رسائله أحد أكبر مخاوف عصرنا الحالي وأعراضه المزمنة وهو القلق الذي يفسد على المرء حياته. يتناول التقرير التالي نبذة عن رؤية سينيكا للقلق وعلاجه من وجهة نظره. "نحن في الحقيقة نعرف القليل عن الحياة، حتى أنه يصعب علينا التمييز حقا بين الخبر الجيد والسيء". هذا ما قاله الكاتب الأميركي الشهير كورت فونيغوت، ومن قبله كتب آلان واتس عن تعلم عدم التفكير من منطلق الربح أو الخسارة "إن الطبيعة برمتها هي عملية متكاملة من التعقيد الهائل، ومن المستحيل التيقن تماما إذا ما كان الشيء جيدا أو سيئا"، ومع ذلك، فإن معظمنا يقضون مساحات من أيامهم في قلق بشأن احتمال وقوع أحداث سلبية، وخسائر محتملة. في الثلاثينيات، قام أحد القساوسة بتقسيم القلق إلى خمس فئات من المخاوف، أربع منها خيالية والخامسة "مخاوف ذات أساس حقيقي"، تحتل

نعيش أو نموت - غييرمو ديل تورو

صورة
نحن نعيش أو نموت تحت طغيان الكمال والمثالية. مجتمعياً، نحن مدفوعين نحو بلوغ الكمال. بدنياً، جمالنا يجب أن يتوافق مع معايير قاسية وغير مألوفة. أن نتعامل ونعيش بطريقة محددة، لكي نظهر للعالم إننا نعيش بسعادة وصحة جيدة وإن حياتنا مليئة بالمسرات. يخبروننا، عبر إعلانات عديدة للشامبو أو نوع من المشروبات، أن نبتسم دائمًا وان لا نظهر قلقنا. وأنا أشعر أن أكثر هدف ممكن تحقيقه في حياتنا هو إن نحظى بالحرية التي يمنحنا إياها افتقارنا للكمال. وليس هنالك قديسٌ راع لعدم الكمال أو المثالية مثل الوحش. سنحاول ببأس شَدِيد لكي نكون ملائكة. لكن أنا أعتقد إننا كي نعيش حياة متزنة وحكيمة يجب أن نتقبل الجانب الوحشي في أنفسنا وفِي الآخرين كجزء من كوننا بشر. عدم الكمال، ان نتقبل واقع إننا لسنا مثاليين، يقودنا للتسامح ويحررنا من النماذج الإجتماعية التي تبدو لي مريعة وظالمة. - غييرمو ديل تورو

البشر

صورة
البشر، كصنف من الكائنات، يقومون بشكل مستمر وبكل طريقة موجودة، بمقارنة أنفسهم بالآخرين، والذي، بالنسبة لطبيعة وجودهم القصيرة، يبدو كشذوذ وفي واقع الأمر مضيعة للوقت. رغم ذلك، هذا هو الدافع المؤثر خلف كل تقدم إنساني إجتماعي، التقدم في صحتهم العاطفية وإحساسهم بالسعادة، وللأسف، أعظم مآسيهم أيضاً. كما لو إن شيئاً كان قد ساعدهم على العمل والعيش بشكلٌ جيد قد فُقد منهم، وهم يسعون في تعطش لذلك الشيء المفقود بوسائل غريبة متعددة، ولا شيء منها ينفع. والمآساة الأعظم هي أن القليل منهم يدركون أنهم مصابون بهذا المرض. وهذا يبدو غريباً أيضاً لأنه شيءٌ واضح. بالتأكيد أنه يقتلهم، ورغم ذلك يساعد باستمرارية نظامهم الاجتماعي والاقتصادي. إنهم أناس مليئين بالجمال لكنهم يملكون مشكلة فظيعة. - دونالد ميلر

اعترافاتِ جان جاك روسّو

صورة
إنَّني مُقدِمٌ على مشروعٍ لم يسبقهُ مثيلٌ ، ولن يكونَ لهُ نظيرٌ ، إذ أنَّني أبغي أن أعرِضَ على أقراني إنساناً في أصدقِ صور طبيعته ، وهذا الإنسان هو أنا ، أنا وحدي ! فإنِّي أعرِفُ مشاعِرَ قلبي ، كذلكَ أعرِفُ البشرَ ، ولستُ أراني على شاكِلَةِ غيري ممَّن رأيتُ ، بل إنّني لَأجرُؤُ على أن أعتقِدُ بأنني لم أُخلَقُ على غرارِ أحدٍ ممّن في الوجودِ. وإذا لم أكُن أفضلَ منهم ، فإنّي على الأقلّ أختلِفُ عنهم. ولن يتسنّى البتّ فيما إذا كانت الطبيعةُ قد أصابت أو أخطأت إذ أتلَفَت القالَب الذي صاغَتني فيه إلّا بعدَ قراءةِ هذه الاعترافاتِ. فإذا ما انطلقت آخرُ صيحاتِ بُوقِ البعثِ ، عندما يُقدَّرُ له أن يَدويّ ، فلسوفَ أمثُلُ أمامَ الحاكِمِ العادِلِ ، وهذا الكتابُ بين يديّ ، ولسوفَ أقول في رباطةِ جأشٍ : هذا ما فعلتُ ، وهذا ما فكَّرتُ ، وما كُنتُ. لقد رويتُ في كتابي الطّيّبَ والخبيثَ على السّواءِ بصراحةٍ ، فلم أمحُ أيّ رديء ، ولا انتحلتُ زوراً أيّ طيبٍ ، وإذا كنتُ قد استخدمتُ بعضَ التزويقِ الفارغِ - بين وقت وآخر - فما ذلك إلّا لأملأ فراغاً نشأ عن نقصٍ في الذاكِرةِ. لقد صوّرتُ نفسي على حقيقتها : في ض

يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا

صورة
يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا ، حقيقتانِ ترفضهما الأغلبية ؛ لأنّ الأغلبيةَ تناُم كلَّ الوقتِ الذي تحياهُ وتخشى أنْ تستيقظَ لحظةَ الهلاك . العزلةُ هي إحدى مدارسِ الموتِ التي لنْ يصلها العاميُّ أبدًا ، الكمالُ لا يكونُ خارجها ، بل هو أحدُ جوائزِ العزلة . و إذا كانَ لابدَّ منْ تقسيمِ البشر ، فهم ينقسمونَ إلى ثلاتِ أنواع : المسرنمون ، وهم وحدة ؛ و العقلاءُ و الحساسونَ وحدةٌ أخرى ، إنهم أولئك الذين يعيشونَ حياتهم على جبهتين ، و الذين - رغم علمهم بما ينقصهم - يبحثونَ عمَّا هو بعيدُ المنالِ و لنْ يجدوهُ أبدًا ؛ ثم الروحانيون ثنائيو الولادة ، الذين يتجهونَ نحوَ الموتِ بخطواتٍ متساوية ، ليموتوا في نفسِ الوقتِ وحيدينَ و كاملين . لا يختارونَ الزمانَ ولا المكانَ و لا الطريقة ، معلنينَ بذلك رفضهم للطوارئِ و الإحتمالات . إن المسرنمين همُ الوثنيون ، العاقلونَ و الحساسونَ هم المؤمنون ؛ أما الروحانيون ثنائيو الولادة ، فهم يعشقونَ ما لا يقدر على تخيّلهِ الأوائل ، و ما لنْ يستطيعَ تصوّرهُ العاقلاء الحساسون ، إنّهم بشرٌ كاملونَ و هكذا لن يذهبوا بحثًا عمَّا وجدوه ، بل و لنْ يحبوه ، لأنهُ يكمنُ بداخله

مصباح ديوجين

صورة
ديوجين يوناني عاش في أثينا خلال القرن الثالث قبل الميلاد وكان يلقب نظراً لأسلوب حياته، بالـ ( Cynic) وهي كلمة إغريقية تعني بالإنكليزية (dog) ومن هنا جاء اسم الاتجاه الفلسفي المعروف بالـ (Cynicism) أو الكلبية، وأُعتبر ديوجين أحد أهم الفلاسفة الكلبيين. بالنسبة للكلبيين فقد كانوا يرون أن السعادة هي المقدرة على التخلي عن كل شيء.. وأنها تتحقق بالعيش وفقاً للطبيعة وعبر تحقيق الاكتفاء الذاتي بالاستغناء عن كل ما هو زائد عن الحاجة .. طبعاً لا يعتبر المذهب الكلبي مدرسة فلسفية منظمة بكل معنى الكلمة وإنما كان طريقة حياة أكثر من كونه نظام فلسفي.. كانوا يرفضون كل ما هو سائد من أعراف وقوانين وعادات وتقاليد ولم تكن نظرة الناس إليهم تهمهم في شيء. أمضى جل حياته داخل برميل مسكنا له وكان يوقد مصباحا في واضحة النهار ويمشي في شوارع أثينا مدعيا انه يبحث عن الإنسان الفاضل الحكيم، الإنسان الذي لا يوجد بين سكان المدينة . اختار ديوجين ان يعيش حياة الحرية والتحرر رغم انه سجن وعذب وبيع مرة للقراصنة في سوق العبيد وتهكم من بائعيه ليقول لهم خذوني أيها العبيد فانتم في حاجة لسيد. لم يكن يملك أي شيء، وكان

إن كنت ستحاول فاذهب حتى النهاية ، وإلا فلا تبدأ ! - تشارلز بوكوفسكي

صورة
إن كُنْت ستحاول، فأذهب حتى النهاية. خلاف ذلك، لا تبدأ حتى. هذا قد يعني خسارة الصديقات الحميمات، الزوجات، أقاربك، وربما ستخسر عقلك حتى. قد يعني ذلك أن لا تأكل لثلاثة أو أربعة أيام. وقد يعني أن تتجمد على مقعدٌ ما في الحديقةٌ العامة. قد يعني حبسك في السجن. وقد يعني ذلك تعرضك للازدراء. وقد يعني السخرية والعزلة. العزلة هي الهبة. كل الآخرين هم اختبار لقدرة تحملك، لمقدار رغبتك الحقيقة في فعلها. وستفعلها، على الرغم من الرفض وأسوأ الاحتمالات. وستكون أفضل من أي شيءٌ آخر يمكنك تصوره. إن كنت ستحاول، فأذهب حتى النهاية. لا يوجد شعورًا مشابهٌ لذلك. ستكون وحيداً برفقة الآلهة، والليالي ستشتعل بلهيب النيران. ستخوض الحياة مباشرة نحو الضحكة المثالية. أن هذا وحده هو القتالٌ الجيد في الوجود. - تشارلز بوكوفسكي

الوهم _ إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّاك والبربري»

صورة
بعد عِشرة طويلة مع الشك، تصيرُ إلى شكل معين من الكبرياء: إنك لا تعتقد بأنك موهوب أكثر من الآخرين، إنما تعتقد بأنك أقل سذاجةً. حتى لو كنت تعرف أن فلانًا ذو مَلَكَات ومؤهلات تبدو هذه الخاصة بك بإزائها تافهةً، فإن هذا لا يشكل لديك أي فرق – إنك ستعتبره شخصًا، [إذ هو] غير ملائم لجوهري، وَحِلًا في اللا جدوى. حتى لو كان قد خاض في بلايا لا عدّ لها ولا اسم، فإنه سيبدو لك على الرغم من ذلك قد فشل في مجابهة الفريد، في مجابهة الخبرة الأساسية التي حزتها من الموجودات، من الأشياء، من الحياة. الطفل، الأطفال كافة، غير قادر على رؤية ما رأيته أنت وحدك، أنت، أكثر الفانين تحرّرًا من الوهم، دون أوهام بالنسبة إلى الآخرين وبالنسبة إلى نفسك. غير أنك ستستبقي وهمًا واحدًا على أي حال: ذلك الوهم المحكم والمتأصل في أن ليس لديك أي وهم. لن يمكن لأحد أن يخلّصك منه، إذ لن يكون لأحد في عينيك استحقاقُ أن يكون محرّرًا من الوهم بقَدْرك. مواجِهًا كونًا من المغفلين، فإنك سترى إلى نفسك متوحّدًا، مع عاقبة أنك غير قادر على فعل شيء لأيٍّ كان، كما لا يقدر أحد على فعل شيء لك. _إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّا

سنكون أصدقاء حين نفهم أننا لاشيء - محمد البوعيادي

صورة
سنكون أصدقاء حين نفهم أننا لاشيء، مفترقين أو مجتمعين، لا نكاد نشكل شيئا. يمكننا  أن نتحدث حين نعي أن اللغة غاية في ذاتها،  يمكننا أن نسكر معا حين نعلم أن الموت سكرة كبرى، وأن الحياة صحو خاطف، يمكننا  أن نتصالح مع الحميمية التي تشكل إلهاء جيدا، حين نعلم أن كلا منا كان من الممكن،  بفضل صدف زمكانية، أن يكون شخصا آخر. يمكننا أن نتجاوز كل التفاهات إذا علمنا  أننا أشد تفاهات الآلهة سخفا. وربما لا حاجة لنا سوى بالقليل من السخرية من المهزلة  التي صنعتها بنا الطبيعة، أجسادا ورغبات وأفكارا ولغات ونورونات تحترق عبثا. - محمد البوعيادي

معنى الحياة - فرويد

صورة
كتب فرويد في إحدى رسائله إلى ماري بونابارت بعثها إليها يوم 18 غشت 1937 ما يلي: نكون مرضى بمجرد ما نبدأ في السؤال عن معنى الحياة وقيمتها، ذلك لأن الاثنين (المعنى والقيمة) لا وجود لهما من الناحية الموضوعية. ما نكون بصدده في هذه الحالة هو أننا ببساطة نبوح بأن لنا مخزونا غير مشبع من الطاقة الرغبية، مخزونا يحصل أن يضاف إليه شيء يشبه الاختمار فيفضي بنا إلى الحزن والكآبة. أخشى أن يكون تفسيري هذا غير مناسب؛ لكوني ربما صرت ممعنا في التشاؤم. أتذكر بالمناسبة أكثر الوصلات الإشهارية الأمريكية وقاحة وشعبية. إنها تقول: 'لماذا يتعين عليك أن تعيش إذا كانت مراسم دفنك لا تزيد عن عشرة دولارات؟ !'.

عندما تربط السعادة بالآخرين وبالمظاهر وبالثروة

صورة
عندما تربط السعادة بالآخرين وبالمظاهر وبالثروة: لن تعيش أبدا سعيدا. لقد صادفت التعساء فقط من هذه الطينة، سواء الأغنياء منهم أم الفقراء الطامحين إلى ذلك الغنى. السعادة الحقيقية لا توجد سوى في أعماقك، إنها ثمرة الوعي بالبساطة، أو البساطة دون وعي. إيمان عميق بالذات باعتبارها هباء، وثقة في النفس باعتبارها عدما، واستمتاع داخلي بالوجود أكثر مما هو خارجي. ليس ما يحدث الفارق هو أن تكون غنيا أم فقيرا، بل كيف ترى العالم، وكيف تفكر في صمت، وكيف تصاحب عزلتك. عزلتك الداخلية الوجودية طبعا (حتى وأنت وسط جمع غفير)، التي يجب أن تتحول إلى ملاذ وراحة وجنة وليس العكس. أما الوعي فمفتاح للسعادة كما هو مفتاح للشقاء أيضا. المرآة نفسها التي تنظر فيها إلى نفسك عابسا، أو مبتسما. تتعلم مع الوقت أن السعادة ليست هي الفرح المستمر، ولا القهقهات والانشراح والحبور ولا إلغاء الحزن، فالواقع بني بيد سرية على المتناقضات التي بعضها يكمل بعض، وبعضها يمنح المعنى والقيمة لبعض. بل السعادة شيء آخر. لا علاقة لها بفرح ولا بحزن. إنها: ثبات الأعماق بحياد ضد سيول الحياة (في كل حال تعيشه أو ظرف يمر بك سواء إيجابا أم سلبا)، إغراء

مذكرات الأرقش - ميخائيل نعيمة

صورة
يقول ميخائيل نعيمة عن مذكرات الأرقش :إن لغة هذا الكتاب ليست كأي لغة .. بل هي كما قال الأرقش نفسه : “إنها أوسع اللغات وأجملها، وأبسطها. تلك هي لغة الأفكار والقلوب. أما لغة الشفاة والألسنة، فسلم يصعد به البشر إلى لغة الأفكار والقلوب .. فأبعدهم عنها أكثرهم قواعد وأدناهم من أسفل السلم. وأقربهم منها أقلهم قواعد وأعلاهم في السلم”…. والأذكى من الأرقش كاتب الأرقش فلغة ميخائيل لغة أخرى، هي لغة الصمت …تلك اللغة التي تبصر من خلالها ما لا تبصره العين وما لا تسمعه الأذن حيث قال الأرقش عن نفسه ( أدركت حلاوة السكوت ولم يدرك المتكلمون مرارة الكلام لذلك سكت والناس يتكلمون) فيوميات الأرقش فيها من العبقرية والتساؤلات الوُجودية/الروحانية. و لها نصيب من الأدب وعلم النفس والإجتماع وفيها فهم عميق للمبادئ الإنسانية، والحرية(وتطرق فيها عن العادات، والتقاليد، والموت، والعزلة، والحب، والحزن، والفرح، والكلام، والصمت، والعجز، والوطن، والروح، والمادة). وفي اليوميات تأملات صافية نقية رأيت من خلالها كيف يكون الصمت نجاة وحكمة وكيف يكون الصمت هو المنقذ والصاحب يقول الأرقش ( البشر يهربون من السكوت والتأمل ف

حياة بلا معنى

صورة
أن يفقد المرء حياته فذلك ليس بالأمر الكبير أو المُصاب الجلل  عندما يحين الأوان سوف يكون لدى الشجاعة لتُسلب حياتى أيضاً  ولكن ما هو غير مُحتمل حقاً  أن ترى حياة الفرد خالية من المعنى  أن يُقال لك لا يوجد هدف أو سبب لبقائك  حيثُ أن الكائن البشرى لا يستطيع العيش بدون أن يكون هدف من وجوده .  - ألبير كامو

البائسون - روبرت غرين

صورة
يستحق البائسون الذين أحبطتهم الظروف الخارجة عن إرادتهم  كل ما يمكننا أن نقدمه لهم من مساعدة وتعاطف  لكن هناك آخرون لم يولدوا للبؤس والتعاسة  بل يجلبونها لأنفسهم بأفعالهم المدمرة وتأثيرهم المشوش على الآخرين  ربما يكون من النبل أن نستطيع أن نرتفع بهم ونغير أساليبهم  لكن الغالب هو أن أساليبهم هي التي تخترقنا وتغيرنا والسبب في ذلك بسيط وهو أن الناس معرضون للغاية للتأثر بمزاج وأهواء وحتى طرق تفكير خلانهم الذين يقضون معهم أوقاتاً طويلة.  - روبرت غرين

في وسط ساحة ثكنة عسكرية - إدواردو غاليانو

صورة
في وسط ساحة ثكنة عسكرية مقعد صغير يحرسه جندي  لم يعرف أحد لماذا كان ينبغي أن يحرس المقعد .. كان المقعد يُحرس على مدار الساعة  ومن ضابط إلى آخر كان الأمر يصدر والجنود ينفذونه  لم يعبر أحد عن أية شكوك أو يسأل لماذا  وهكذا استمر الأمر إلى أن أراد جنرال أو كولونيل أن يعرف سبب الأمر الأصلي  كان عليه أن يقلب في الملفات  وبعد وقت طويل من البحث عثر على الجواب منذ واحد وثلاثين عاماً وشهرين وأربعة أيام  أمر ضابط حارساً أن يقف قرب المقعد الذي كان قد دهن لتوه  لكي لا يفكر أحد بالجلوس على الدهان الطري. - إدواردو غاليانو