المَوتُ رؤية فرويديَّة
لم تكن نظرتنا للموت نظرة سليمة أبداً ، وكنَّا بالطبع نسلِّم بأن الموت هو النهاية الضرورية للحياة ، وأن كل واحد منا مَدين للطبيعة ، وينبغي أن يتوقَّع أنه في يوم من الأيام سيُوفِّي الدَّين. وبالاختصار : فالموت شيء طبيعي لاسبيل للإفلات منه ، ومع ذلك فقد تعوَّدنا أن نتصرف كما لو كان الأمر بخلاف ذلك ، ونظهر من السّلوك الواضح ما يستشفّ منه أننا قد استبعدنا الموت من الحياة ، ووضعناه على الرَّف ، وأخرسناه ، وصرنا نحاول التفكير في أشياء أخرى تصرفنا عن التفكير بالموت. - وبالطّبع فإن الموت الذي نتحدث عنه إنما هو موتنا نحن ، ولكننا في الواقع لا نفكِّر فيه على أنه موتنا نحن، بل إننا كلما تخيلناه تدافعت صوره في مخيلتنا بوصفنا مُتفرجين ، ولذلك فإننا قلنا - من خلال التحليل النفسي - أننا في أعماقنا لا نعترف بأننا سنموت ، وأننا بمعنى آخر نعتقد - في لاشعورنا - أننا خالدون. - أما عن موت الآخرين ، فكل إنسان مُتحضِّر يتجنب الحديث - قدر المستطاع - عن موت الآخرين على مسمع منهم ، اللّهم إلا إذا كان محامياً أو طبيباً أو شيئاً من هذا القبيل ، إذ أن على أولئك أن يتعاملون مع فكرة الموت من وجهة نظر مهنية....