المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠٢٣

مدخل إلى الفلسفة \ كارل ياسبرز

صورة
  إنّ الأصل هو الينبوع الّذي ينبثق منه على الدّوام الدّافع إلى التفلسف. بفضل هدا الدّافع تغدو الفلسفة المعاصرة أمرا جوهريا، وبفضل هذا الدّافع أيضا نستطيع أن نفهم فلسفة الماضي. هذا العنصر الأصيل متعدّد الجوانب. فالدّهشة تستتبع التّساؤل و المعرفة. والشّك بصدد ما يعتقد الإنسان أنّه يعرفه، يستتبع الفحص واليقين البين. وإضطراب الإنسان، والشّعور الّذي يخامره وهو يواجه فكرة الموت، يقوده إلى التّساؤل عن ذاته. فلنبدأ إذا بتحديد هده العوامل الثلاثة تحديدا دقيقا : 1. ذكر أفلاطون أنّ أصل الفلسفة هو الدهشة. فالعين تجعلنا نشارك في مشهد النجوم والشّمس وجرم السّماء. هذا المشهد” يفضي بنا إلى دراسة العالم قاطبة، ومن هنا تنشأ الفلسفة بالنسبة إلينا وهي أسمى الخيرات الّتي خصت بها الآلهة الإنسان الّذي عليه حقّ الفناء.” ويذكر أرسطو” أنّ الدّهشة هي الّتي دفعت النّاس إلى التّفلسف” أنّ الدّهشة هي الّتي تدفع الإنسان إلى المعرفة، فحين إندهش فمعنى هذا أنّني أشعر بجهلي. إنّي أبحث عن المعرفة، ولكن لكي أعرف فحسب، لا لكي أرضي حاجة مألوفة إعتياديّة. إنّ التّفلسف معناه التيقظ للإفلات من روابط الضرورة الحيويّة. 2. وحالما

أزمة الهوية و معنى الحياة

صورة
  أزمة الهوية و معنى الحياة هما من أكثر الموضوعات التي تشغل بال الإنسان في العصر الحديث. ففي ظل عالم سريع التغير والتطور، أصبح من الصعب على الكثير من الناس أن يعرفوا من هم، وما هو هدفهم في الحياة. أزمة الهوية هي حالة من عدم الوضوح وعدم الراحة التي يشعر بها الشخص تجاه هويته. قد يكون هذا بسبب العديد من العوامل، مثل التغيرات التي تحدث في حياته، أو بسبب صراعه مع قيمه و معتقداته، أو بسبب عدم قدرته على إيجاد مكان له في العالم. معنى الحياة هو السؤال الذي يطرحه الإنسان على نفسه منذ الأزل. ما هو الهدف من وجودنا؟ ما هو معنى كل هذا؟ لا يوجد إجابة واحدة على هذا السؤال، لأن كل شخص يجد معنى الحياة في شيء مختلف. قد يكون المعنى في الحب، أو في العمل، أو في الإيمان، أو في السعي لتحقيق الكمال. أزمة الهوية و معنى الحياة هما من أكثر الموضوعات التي يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالضياع والعجز. ولكنهما أيضًا من أكثر الموضوعات التي يمكن أن تؤدي إلى النمو والتطور. فعندما يواجه الإنسان هذه التحديات، فإنه يضطر إلى التفكير في نفسه و في حياته بطريقة أعمق. وقد يؤدي هذا إلى اكتشافات جديدة و إمكانيات جديدة. إذا كنت تعاني م

تجديد ذكرى أبي العلاء \ طه حسين

صورة
  أراد طه حسين أن ينقل جملة أفكار لأبي العلاء المعري بصياغته على لسان المعري، فقال:   ما لي وللناس؟! لقد بلوتُ أخلاقهم فلم ألقَ إلا شرًّا، واختبرت طباعهم فلم أجد إلا نكرًا؛ فلتضربنّ بيني وبينهم الحجب، ولتسدلنّ بيني وبينهم الأستار. لقد سمعتُ منهم فما نطقوا إلا محالًا، ولقد تحدثتُ إليهم، وتحدّث إليهم قبلي الحكماء، وأولو النهى فما آثروا إلا طاعة الأهواء، وما استجابوا إلا لدعاء الشهوات. فلتصمنّ عن حديثهم أذني، وليعقدنّ عن تحديثهم لساني. وليمحينّ من قلوبهم شخصي، وليحسبني بعد اليوم من أهل القبور .  ما لي وللدنيا؟! لقد أتيتها كارهًا، وعاشرتها كارهًا، ولأخرجن منها كارهًا. ولقد ذقت من لذاتها ما لم أرجُ، واحتملت من آلامها ما لم أحتسب. فإذا اللذة إلى ألم، وإذا السعادة إلى شقاء، وإذا الأمل إلى يأس، والرجاء إلى قنوط. إني لأحمق إن لم أطرحها قبل أن تطرحني، وأزدرِها قبل أن تزدريني، وأملأ قلبي عن لذاتها بالعزاء النافع، والصبر الجميل.  ما لي وللزواج، والنسل؟! لولا أن أبي قد قذف بي في هذه الحياة لما لقيت ألمًا، ولما احتملت عناء. أفليس يقنعني أن أحتمل هذه الجناية حتى أنقلها إلى بريء لم يجنِ ذنبًا، ولم يقت

الفلسفة السوداوية

صورة
  الفلسفة السوداوية هي فلسفة تركز على الجانب المظلم من الحياة. إنها تنظر إلى العالم على أنه مكان مليء بالمعاناة والألم، وأن الحياة لا معنى لها. تميل الفلسفة السوداوية إلى التشاؤم والعدمية، وغالبًا ما تركز على الموت. هناك العديد من الفلاسفة الذين يمكن اعتبارهم سوداويين: فريدريش نيتشه أرتور شوبنهاور كانت أفكارهم مؤثرة على العديد من الفلاسفة والكتاب والفنانين الآخرين، وساهمت في تطوير العديد من الحركات الفكرية، بما في ذلك الوجودية والعدمية. ما هي بعض الأفكار الرئيسية للفلسفة السوداوية؟ الحياة لا معنى لها. العالم مليء بالمعاناة والألم. الموت هو نهاية كل شيء. الإنسان عبث. لا يوجد أمل في المستقبل. ما هي التأثيرات الفلسفة السوداوية؟ أثرت الفلسفة السوداوية على العديد من الفلاسفة والكتاب والفنانين الآخرين، بما في ذلك: ألبرت كامو جان بول سارتر سيمون دو بوفوار فيكتور هوغو نيتشه وقد ساهمت في تطوير العديد من الحركات الفكرية، بما في ذلك الوجودية والعدمية. ما هي فوائد الفلسفة السوداوية؟ يمكن أن تكون الفلسفة السوداوية مصدرًا للتشجيع لأولئك الذين يشعرون باليأس أو الضياع. يمكن أن تساعدهم على فهم أن معانا

عن المستمعين \جورج ديهمال

صورة
  حينما تقدّم زارادشت إلى الشمس وتوجّه إليها بالقول رافعا صوته:" أيّها الكوكب الكبير" ! ما عساها تكون سعادتك، إذا لم يوجد أولئك الذين تضيء عليهم بنورك؟"، فإنّه يطرح بقوّة مشكل المستمعين، وبشكل أوسع أيضا، المشكل العام للعلاقات التي تربط الفنّان بجمهوره. يغريني هذا بإضافة كلمة إلى هذه الجملة المشهورة:" ما عساها تكون سعادتك بل ما عساه يكون عملك؟ وما عساه يكون وجودك الخاص؟" إنّ العمل الذي يتيه في الصّمت يوشك أن ينغمر فيه. وإنّ إعجاب الشريك هو الذي يفجّر نبع الانفعال الاستيتيقي، وبالتالي الجمال التامّ. لابد من اثنين ليتحقّق الحبّ. فبعد ثلاث قرون ونصف، صارت مأساة هملت، أكثر جمالا بالتأكيد، من لحظة ميلادها. لقد أضفنا إليها جميعا، بولعنا، شيئا من ذواتنا، زاد العمل ثراء. ليس القارئ جزءا من المستمع، إلاّ إذا كنّا لا نتلهّى بالكلمات. والناس الذين يستخدمون اليوم كلمة من قبيل الاستماع يستخدمونها غالبا كيفما اتفق. فالقارئ غالبا ما يكون منعزلا. إنّه أكثر نقاء من المستمع، - ولا أتحدث هنا عن هذه الشخصيّة المستجدّة: مستمع الراديو.- نعم القارئ أكثر نقاء، وأقلّ تأثّرا بفخامة السّا

الضاحك \ هاينريش بول

صورة
  قصة قصيرة للكاتب الألماني (هاينريش بول) عندما أُسأل عن مهنتي يتملكني شعور حاد بالإحراج : وجهي يحمر، أتلعثم، أنا الذي ينظر إلي الجميع كشخص واثق من نفسه الى أبعد الحدود. أحسد الناس الذين بوسعهم الإجابة هكذا: أنا بنّاء. أنا مصفف شعر، محاسب، كاتب. أحسدهم على البساطة التي بها يجيبون، ذلك أن جميع هذه المهن تشرح نفسها بنفسها ولا تستدعي توضيحات مسهبة. أنا، بالمقابل، أجدني مضطرا للإجابة على أسئلة من هذا القبيل هكذا : أنا ضَاحِك. اعتراف من هذا النّوع يستدعي اعترافا آخر، كوني مجبر على الإجابة بصدق عن سؤال إضافي :” هل تكسب لقمة عيشك من هذا العمل” بالإيجاب. أنا فعلا أعيش من ضحكي، بل أستطيع القول إنني أعيش بشكل جيد، ذلك أن ضحكي، بتعبير تجاري، مطلوب في السّوق. أنا ضاحك جيد، ضاحك محنك، لا أحد بوسعه مجاراتي في الضّحك، لا أحد بوسعه السيطرة على الفروقات الدقيقة لهذا الفنّ مثلما أفعل . لفترة طويلة قدمت نفسي- تحاشيا للتفسيرات المزعجة- بوصفي ممثلا، غير أن تعبيرات وجهي ومهارات التحدث لدي من المحدودية بحيث تجعل هذا التوصيف يبدو منافيا للحقيقة : أنا ضاحك. لست مهرجا ولا فنانا فكاهيا، أنا لا أبهج الناس، أنا أع

إمكانية الشك \ شارل رونوفي

صورة
  لعلامة الحقيقية للإرادة والسمة الأساسية لهذا التطور المكتمل الذي يؤهل الإنسان ليتأمل العالم من حوله وليكون جديرا بالسيادة والاستقلالية هي إمكانية الشك. أليس من المدهش أن نميز الإنسان المستنير والمثقف حقا بأحكام تجعله عرضة للشك ويعترف بجهله لا أن نميزه من خلال تلك الأحكام التي قد تبدو يقينية لا شك فيها. إن الجاهل نادرا ما يشك, والغبي يشك بدرجة أقل منه أما المجنون فلا يشك على الإطلاق. إن العالم سيكون مختلفا جدا على ما هو عليه لو أتقن أغلبية البشر ممارسة الشك. في هذه الحالة لن يكون البشر عبيدا لعاداتهم ولأحكامهم المسبقة التي يفرون إليها في أغلب الأحيان... اليقين لا يمكن أن يكون مطلقا, إنه، وهذا ما وقع نسيانه، فعل وحالة إنسانية. ليس الفعل والحالة التي من خلالها يفهم الإنسان مباشرة ما لا يمكن معرفته مباشرة والمقصود بذلك الوقائع والقوانين... لا وجود ليقين هناك فقط أناس على يقين. شارل رونوفي من محاولة ثانية في النقد العام