انك تحتاج _ عبدالله القصيمى
انك أحياناً لمحتاج إلى أن تكون وحشاً في قسوتك، إلى أن تصبح عيناك حجراً، وحواسك افتراساً وذنوباً، لكي تستطيع أن ترى إنساناً أو مجتمعاً كما هو بكل تشوهاته وآلامه وعاهاته وذنوبه وفضائحه وهمومه. وإنك لمحتاج إلى أن تخرج من كل حدود الإنسان، من كل ماضي الإنسان، من احتمالات الاحتشام والاغضاء والاستحياء والاشمئزاز والعطف والبكاء والرثاء، لكي تستطيع أن ترى الإنسان العربي يمارس فضائح أيامه الستة، أو تقتنع بانه قد مارسها، أيوجد إنسان بكل هذا الضعف؟ ايوجد قوم بكل هذا الضعف؟ لهم كل هذه الامكانيات والظروف والثروات والدعاوي؟ لهم كل هذه المحاياة والدلال العاليين؟ أيوجد من يستطيع أن يحدق فيهم، في وجوههم؟ وإننا أحياناً لنجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نرى بأبصارنا أو نقتنع بعقولنا، بقدر ما نجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نجرح أو نقتل بادوات قتالنا المختلفة. إن القدرة على الرؤية والاقتناع قد تكون تعبيراً من تعبيرات القدرة على الهجاء، والتحقير والتشويه والقتال والتعذيب، قد تكون جريئاً على أن ترى وتقتنع لأنك جريء على أن تهجو وتحقر وتشوه وتضرب. وقد تعجز عن هذا لإنك عاجز عن ذلك، قد تعجز عن الرؤ...