الإنسان المستلب \ إيريك فروم
يكره الإنسان عمله لأنه يقود إلى الشعور بالسجن... إنني مشغول دائما، إما أنني أعمل وإما أنني ألهو. ليست هناك ضرورة لكي أكون واعيا، لأنني مشغول على الدوام بالاستهلاك. فأنا نَسَق من الرغبات ومن تحقيقها. لابد أن أعمل لكي أحقق رغباتي، التي يقودها الاقتصاد باستمرار... يشعر هذا الإنسان المُغَّرب المعزول بالخوف، ليس فقط لأن التغرب والعزلة يخيفان، لكن لسبب آخر خاص. إن النظام الصناعي البيروقراطي...، يُشعِر بالخوف في المقام الأول بسبب التناقض بين كبر المقاولة وصغر الفرد. من هنا فإن الشعور بعدم الأمن العام يؤدي إلى الخوف، الذي يُغرَس في كل واحد منا تقريبا. فأغلبية الناس موظفون، وبالتالي فإنهم تابعون لرؤسائهم البيروقراطيين. لم يبيعوا قوة عملهم فقط، بل يبيعون في المزاد العلني شخصيتهم (ابتساماتهم، أذواقهم وحتى صداقاتهم). يخونون أصالتهم دون أن يكونوا على يقين ما إذا كان بإمكانهم الصعود في السلم الاجتماعي أم التعرض للفقر، للعار وللفضيحة. فعلى الرغم من الرفاهية فإن المجتمع الصناعي البيروقراطي هو مجتمع جبناء وأناس خائفين. إن الإنسان الذي أصبح شيئاً هو إنسان جبان، ليس له أي إيمان ولا أية قناعة ...