المشاركات

عرض المشاركات من يونيو ٢, ٢٠٢٣

رسالة الشاعرة الفارسية فروغ فرخزاد إلى صديقها القاص إبراهيم كلستاني

صورة
  أحسُّ أني خسرتُ عُمري كلَّه، كان عليَّ أن أعرف أقلّ بكثيرٍ من خبرة السبعة والعشرين عاماً، لعلّ السبب يَكمُن في أنَّ حياتي لم تكن مُضيئة، فالحبُّ، وزواجي المُضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يَكُن لي مرشد، لم يربّني أحدٌ فكرياً وروحياً. كلُّ ما لدي هو مني، وكلُّ ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه؛ لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي. عراقيل الحياة مَنعتني من الوصول.. أريد أن‏ أُبدأ…‏ سيئاتي لم تكن لسوءٍ في صميمي، لكن بسبب إحساسي اللامتناهي بعمِل الخَير…‏ أشعرُ تحت جِلدي بانقباضٍ وغَثَيان.. أريدُ تَمزيق كلَّ شيءٍ.. أُريد أن أتقوقعَ في ذَاتي ما أمكنني. أريدُ الانطواء في أعماق الأرض، فهناك حُبّي، هُناك عندما تخضر البذور وتتواشج الجذور يَلتقي التفسّخ والانبعاث، وجود ما قبل الولادة وما بعد الولادة، كأنَّما جَسدي شكلٌ مؤقتٌ سرعان ما سيزول. أريدُ الوصول إلى‏ الأصل، أرغب في تعليق قلبي على الأغصان مثل‏ فاكهةٍ طازجةٍ…‏ سعيتُ دائماً لأكون بوابة موصدة لئلا يَطّلع أحدٌ على حياتي الباطنيَّة الموحشة، لئلا يعرف أحد حياتي… سعيت إلى أن أكون آدمية.. ولكن كان في داخلي على الدوام كائنٌ حيٌ

كلاب من قش.. أفكار عن البشر والحيوانات الأخرى \ جون نيكولاس غراي

صورة
  جون غراي المنظر والاقتصادي الاجتماعي البريطاني في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، يدهش قراءه من حين لآخر بطروحاته المختلفة. وهو إذ يتناول موضوعات متباينة بشكل حاد, من العولمة واقتصاداتها إلى فكر القاعدة وتطرفها, لا يتهيب تسطير مقولات خلافية ومثيرة حقا, لكن ينظمها خيط مشترك من السوداوية والتشاؤم من قدرة الإنسان على تغيير واقعه التعس الذي جره على نفسه، كما رأى غراي في كتاباته السابقة وكما يؤكد في كتابه هذا حيث يرى الإنسان مجرد كائن لا يتميز بأي أفضلية عن بقية الكائنات.. إنه كلب من قش ليس إلا! في هذا الكتاب يمعن غراي في سوداويته ونظرته للإنسان ويذهب شوطا أبعد من كل الأشواط السابقة وبأسلوب فلسفي محير. فالفلسفة بشكل عام ليست من ذلك النوع من أنواع المعرفة الذي يستطيع المرء أن يصدر بشأنه التعميمات السريعة، حيث يكون من الأفضل كلما تعلق الأمر بالفلسفة أن يتروى المرء وأن يضيف ويركب عددا من الرؤى والأعمال معا حتى يتمكن من تصنيف الأمور والحقب الزمنية والتطورات المرافقة. وفي حال الرغبة في تعزيز أو ترتيب الأفكار المتعلقة بحقبة معينة أو بحركة معينة، فإن ثمة نوعين من التصانيف يمكن أن يعتمدا لهذ

عودة البطل أوليس إلى موطنه \ جان كلود مارو

صورة
  يتحدّث هوميروس في الأوديسّة عن عودة البطل أوليس إلى موطنه، عودة ستكون محمّلة بأبعاد استعاريّة تومئ إلى بحث الإنسان الثّابت عن هويّته المفقودة. فبعد سنوات الحرب التي أثارتها إيريس، إلهة الشّقاق بحسب الأساطير الإغريقية القديمة، كان أوليس يريد العودة إلى موطنه، عساه يلتقي من جديد بزوجته بينيلوب وابنه تيليماك. غير أنّ تلك العودة التي ستستغرق عشر سنوات، ستتخلّلها سلسلة من المغامرات والمآزق التي ابتلى بها الإله بوسييدون أوليس، سعياً وراء الانتقام لابنه، الصّقلوب بوليفام، الذي فقأ أوليس عينه وصيّره أعمى. وقد سعى بوسييدون في تلك الأثناء إلى جعل أوليس ذاهلاً عن حقيقة سفره، الذي كانت غايته هي الانتقال من الحرب إلى السّلم، ومن الفوضى إلى الانسجام، ومن حياة التّيه والاغتراب إلى أرض الوطن. وقد مثّل غذاء اللّوتس (الذي يتسبّب في فقدان الذّاكرة) ونشيد الحوريّات والنّعاس القاتل ومتعة الحبّ اللانهائي والوعود بالخلود وبشباب أبديّ.. سلسلة من الكوابيس والأوهام المغرية، التي أراد بها بوسييدون إلهاء أوليس وتشويه صورة الوطن في ذاكرته. لقد كانت دعوات إلى النّسيان وفقدان الوعي بالذّات. وكانت أكثر غوايات ذلك ا