المشاركات

عرض المشاركات من يناير ١١, ٢٠٢٤

رسائل إلى الجيل التالي من أشخاص يعرفون شيئاً أو اثنين \ جيمس إل. هارمون

صورة
  ان تحتقر عالمك الداخلي هذه هي النصيحة الأولى والأكثر عمومية التي سأقدمها. مجتمعنا مظهره خارجي جداً، متحمس جداً بأحدث الأشياء الجديدة، أحدث قطعة من القيل والقال، آخر فرصة للتأكد من الذات والمكانة. لكننا جميعا نبدأ حياتنا كأطفال عاجزين، نعتمد على الآخرين في الراحة والطعام والبقاء على قيد الحياة. وعلى الرغم من أننا نطور درجة من الاتقان والاستقلال، فإننا نظل دائما ضعفاء وغير مكتملين بشكل مقلق، معتمدين على الآخرين وعلى عالم غير مؤكد فيما يمكننا تحقيقه.  بينما ننمو، نطور جميعًا مجموعة واسعة من المشاعر التي تستجيب لهذا المأزق: الخوف من حدوث أشياء سيئة وأن نكون عاجزين عن دفائها؛ الحب لمن يساعدنا ويدعمنا؛ الحزن عندما يفقد أحد عزيزنا؛ الأمل في الخير في المستقبل؛ الغضب عندما يتلف شخص آخر شيئا نهتم به.  حياتنا العاطفية ترسم عدم اكتمالنا: المخلوق بدون أي حاجة لن يكون لديه أبدًا أسباب للخوف أو الحزن أو الأمل أو الغضب. ولكن لهذا السبب بالذات كثيراً ما نخجل من عواطفنا، ومن علاقات الحاجة والتبعية المرتبطة بها. ربما يكون الذكور، في مجتمعنا، عرضة بشكل خاص للخجل من كونهم ناقصين ومتبعين، لأن صورة مهيمنة

المستنقع \ حنا مينة

صورة
  رواية المستنقع للروائي السوري حنا مينة الملقب بمؤرخ الفقراء والمضطهدين والذي كان يكرر دوماً إن علم الاجتماع مكتوب على ظهري، في إشارة منه الى كثرة التجارب الحياتية القاسية التي مر بها والتي عبر عنها في وصيته قائلاً: "لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذورٌ للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، وإني لمن الشاكرين. كل ما فعلته في حياتي معروفٌ، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرّست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل. لا عتبٌ ولا عتابٌ، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفّقت، وإني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النِعم.": " كان إسم الوالد مسجَّلاً في قائمة الفقراء الذين يوزَّع عليهم الطحين والسمن والسكر في عيدَي الميلاد والفصح. ولسوء الحظ، كان التوزيع يجري في بهو المدرسة، ولكم عانيت من مجيء أم

حب الفلاسفة

صورة
  يحكي لنا تاريخ الفلسفة بشكل متواضع عن الحبّ في حياة الفلاسفة، فتطالعنا قصصاً لعلاقات حب كان أبطالها أشهر الفلاسفة .  منها ما كُتب له النجاح، ومنها ما فشل عند أول عثرة، لخلل في المُحبّ أو المحبوب. وأشهر هذه العلاقات : " سقراط و زانتيب" - "سورين كيركجارد و ريجينا" - "جان بول سارتر و سيمون دو بوفوار" - "فريدريك نيتشه و لو سالومي " - "مارتن هايدغر و حنّة أرندت".  وسنحاول في هذا المقال تسليط الضوء بشكل مُبسَّط على هذه التجارب، لمعرفة الجانب الإنساني في الفيلسوف أكثر فأكثر، والذي غالباً ما يتم تهميشه، ذلك أن النظرة الأولية للفيلسوف توحي بأنه لا يخوض ما يخوضه عامة الناس. كيف لا و الحب إذا أراد أن يشغل الإنسان فإنه لا يأبه بشجاعته ولا بِسعة معرفته.  ( سقراط و زانتيب - قصف جبهات ) اختارت زانتيب قنبلة عصرها ليكون شريكها، فلم تلبث القنبلة أن انفجرت في وجهها، وكل ذنبها أنها تزوجت أحكم الناس في زمانه. كان سقراط - بتعبيرنا العصري دلالةً على الحذق - يقصف جبهات زوجته كلما تمشدقت مُتخيَّلة أنها تستطيع مجاراته، لكن الحقيقة أن ما من أحد يمكنه الصمود أما

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

صورة
  قمة اللامبالاة أن يعيش الإنسان بلا هدف ولا معنى، في زمن الإبهار والإغراء تتلاشى التناقضات الصلبة، بين الحقيقي والمزيف، وبين الجميل والقبيح، وبين الواقع والوهم، وبين المعنى واللامعنى، وتصبح المتضادات "عائمة".  صار بإمكان الإنسان أن يعيش بلا هدف ولا معنى في تعاقب وميضي، وهذا شيء مستجد، فقد سبق لنيتشه أن صرح بأنّ أي معنى كائناً ما كان يبقى أفضل من غياب المعنى كلياً، وحتى هذا لم يعد صحيحاً اليوم، ولم تعد هنالك حاجة إلى المعنى، ويمكن للإنسان أن يعيش دون اكتراث للمعنى، دون شجو ولا إحباط ولا تطلع إلى قيم جديدة، وهذا في نظر الكثير من الدارسين هو قمة اللامبالاة. ظاهرة اللامبالاة تبرز بوضوح أكبر في ميدان التعليم حيث تلاشت هيبة المدرسين وسلطتهم بشكل كامل في غضون بضع سنوات وبسرعة خاطفة، حيث أصبح خطاب المعلم الآن منزوع القداسة ومبتذلا، وعلى قدم المساواة مع خطاب الإعلام، وأصبح التعليم آلة تم تحييدها بسبب الفتور المدرسي الذي يظهر من خلال الاهتمام المشتت والارتياب غير المتحرج تجاه المعرفة. يريد الإنسان أن يعيش الحاضر ولا شيء غيره، ولم يعد يرغب أن يعيش وفقاً للماضي والمستقبل، ففقدان معنى ال

لوحة المعالج \ رينيه ماغريت

صورة
  العمل : المعالج 1937 (Le Thérapeute) البلجيكي رينيه ماغريت (1898-1967) زيت على قماش 92 × 65 سم. النمط السريالي صور ماغريت "معالجه" على أنه شخص غريب يجلس على حافة منحدر بحري بقبعة عريضة الحواف، مع عصا وحقيبة كتف.  مثل العديد من شخصيات Magritte الأخرى، فهو مجهول الهوية، لكنه يفتح عباءته على نطاق واسع، كما لو كان للحظة السماح للمشاهد بالنظر في روحه، وكشف النقاب عن سره.  تحت العباءة يوجد قفص مخفي به حمامان أبيضان، أحدهما بداخله، خلف الباب المغلق، والآخر خارج القفص.  يبدو أن الحمام الحر يحاول التواصل مع زملائه في القفص ودعمه ومساعدته على التحرر.  تمامًا مثل المعالج الذي يساعد عملائه على ترك المكان المظلم والوحدة بداخلهم.  من المثير للدهشة، على الرغم من كرهه للمعالجين النفسيين، أن ماغريت تمكن من تصوير مبدأ عملهم ببراعة.