المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠٢٢

قلق السعي إلى المكانة \ الان دو بوتون

صورة
  لعل أسرع طريقة للتوقف عن ملاحظة شيءٍ ما هي ابتياعه، تماماً مثلما هي اسرع طريقة للتوقف عن تقدير شخصٍ ما هي الزواج به أو بها.  نستسلم لغواية الإعتقاد بأن مُنجزات وممتلكات بعينها سوف تمنحنا رضا مستديماً. إننا نُدعى لتخيّل أنفسنا نتسلق الجُرف شديد الانحدار فوق وجه السعادة من أجل أن نبلغ قمته العالية العريضة، حيث يتسنّى لنا عيش حياة رضية هنية بقية عمرنا، من دون أن يُذكّرنا أحد أننا حالما نبلغ القمة سوف نُستدعى مرة أخرى إلى منخفضاتٍ وقيعان جديدة من القلق والرغبة.

رجفة قلب \ مورلي كالاهان

صورة
  سألت "روبرتا" ذات يوم قلت لها: ما الذى يبقيكِ فى خدمة رجل ثمل طوال الليل ألا تخشين عبثى عندما تأخذ الخمر بعقلى؟ ضحكت ثم قالت: يا سيدى كل الذين حاولوا انتهاك جسدى لم يكن يشربون الخمر. لم أر واحداً منهم ثملاً. كانوا يقرؤون ويكتبون ويسْدون النصيحة ويقْطرون بالحكمة ويرسمون الصليب طوال الوقت. وحدكَ أنتَ لم تحاول. قلت: كيف؟! هل تصفين لى كيف أكون فى ثمالتى وكيف تطمئنين إليَّ؟ قالت روبرتا: عندما تأخذك الثمالة تبكى وتردد أشياءً أكاد أن أدونها من فرط إحساسها. قلت: هل تذكرين منها شيئاً؟ قالت: نعم. تُقسم لإمراة أنكَ لا تزال تحبها ولن تحب سواها. ( بالطبع كان يردد اسم زوجته الشابة التى توفيت من الأنفلونزا الأسبانية) قلت: وما الذى يطمئنكِ فى هذا. قالت: اللاشعور يا سيدى ... ! فقلت مندهشاً: ماذا تقصدين باللاشعور؟ قالت: لقد قرأت أننا عندما نغيب عن الوعى تتحكم فينا قوى أعظم وأصدق لا تكذب أبداً ، لأننا ببساطة نكون فاقدين السيطرة عليها. كل شئ فقد الإنسان السيطرة عليه لا يكذب. كل حماقات العالم جاءت من الكذب باسم الوعى يا سيدى. أنتَ فى ثمالتك أصدق من كل الأكاذيب التى رأيتها من أناس يكذبون باسم ال

تحول الحلم لكابوس في مسرحية الدرس ليونيسكو \ د علي خليفة

صورة
  في رأيي أن مسرحية الدرس ليوجين يونسكو تتشابه في بنائها مع الحلم الذي يتجاوز الحقائق ويصنع عالما خاصا به ولكن هذا الحلم ما يلبث أن يتحول لكابوس فإذا بالعالم الهادئ الذي أوجده يصيبه مس الكابوس فنرى بعض أشخاصه وقد تحولوا لسفاحين بعد أن كنا نراهم في صورة حالمة  ففي هذه المسرحية تفتح الستار عن خادمة في منزل مدرس تستقبل تلميذة في الثامنة عشرة من عمرها بترحيب ثم يرحب بها المدرس ويسألها أسئلة سهلة بل ساذجة وتجيب عنها كسؤاله لها عن عاصمة فرنسا وسؤاله لها عن حاصل جمع واحد وواحد وما شابه ذلك من أسئلة لا تتناسب إلا مع التلاميذ الصغار لا طالبة في الثامنة عشرة من عمرها ويثني عليها المدرس ويعرف منها رغبتها في الحصول على دكتوراة شاملة في العلوم والآداب معا وبالطبع هذا عبث ولكنه مقبول في منطق الحلم  ومع تتابع أحداث المسرحية نرى المدرس يقدم معارف مغلوطة للتلميذة عن أشياء كثيرة لا سيما في اللغات التي لا يرى فوارق بينها ولعل المؤلف يعني بهذا أنها تتشابه في كونها فقدت القدرة على إيجاد التواصل بين الناس ومع تتابع أحداث المسرحية تتحول عبارات الثناء من المدرس نحو التلميذة - أو الطالبة بمعنى أصح - لصيحات غضب

دافع الموت الفرويدي \ سلافوي جيجك

صورة
  "إذا كنت تريد أن تتحمل الحياة ، فاستعد للموت".    سيغموند فرويد  إن دافع الموت الفرويدي لا علاقة له أبدًا بالرغبة في إبادة الذات ، والعودة إلى الغياب غير العضوي لكل توترات الحياة ؛  بالأحرى ، إنه عكس الموت تمامًا - انه اسم للحياة الأبدية لـعبارة "الموتى الأحياء" نفسها ، من أجل المصير الرهيب للوقوع في فخ التكرار اللانهائي للتجول في الشعور بالذنب والألم.  إن التناقض في " دافع الموت '' لدى فرويد ، هو أن فرويد يستخدمه للإشارة إلى نقيضه تمامًا ، أي الطريقة التي يظهر بها الخلود في التحليل النفسي ، كفائض خارق للحياة ، دافع "اللا موت'' يتجاوز الدورة (البيولوجية) من  الحياة والموت المستمران في الظهور والموت.  إن الدرس الحقيقي للتحليل النفسي هو أن الحياة البشرية ليست مجرد " حياة عادلة '': فالبشر ليسوا على قيد الحياة ببساطة ، إنهم مهووسون برغبة غريبة في الاستمتاع بالحياة بشكل مفرط ، وهم مرتبطون بشغف بالإفراط الذي يبرز ويعطل الحياة الطبيعية.  و مجرى الأمور.

الإخوة كارامازوف \ دوستويفسكي

صورة
   تحليل نفسي مرعب من دوستويفسكي:  لا تكذب على نفسك، إنّ من يكذب على نفسه، ويرضى بأن تنطلي عليه أكاذيبه يصبح عاجزا عن رؤية الحقيقة. فلا يعود يراها لا في نفسه ولا فيما حوله، وينتهي أخيرا إلى فقد إحترامه لنفسه ولغيره. وإذا أصبح لا يحترم أحدا أصبح لا يحب أحدا، فإذا هو من أجل أن يتسلّى، لأنّه أصبح بغير حب، يستسلم للأهواء ويندفع وراء الملذّات الخسيسة، ويصل إلى درجة الحيوانية، وما هذا كله إلا لأنه يكذب بغير انقطاع، يكذب على غيره وعلى نفسه.

الأنا آخر \ ليديا راميريز

صورة
  الأنا آخر I is an other * مقال لليديا راميريز نشرت في The Lacanian Review 10 كم هو عدد الآخرين الذين يشكلون أناي، وأقول أناي معتبرة ياء المتكلم مجرد استتباع لغوي لكلمة "أنا"، على اعتبار أن ما يمكن أن نعتبره مركزاً لجاذبيتنا، هو بكل تأكيد، خارج مجال سيطرتنا، وينتمي لآخر غير معروف؟ أشار جاك لاكان إلى ذلك في سيمناره الثاني قائلا:" الشعراء، كما نعلم جميعاً، لا يعرفون ما يقولون، لكنهم مع ذلك، يتمكنون من قول الأشياء قبل أي شخص آخر". آخذا كمثال عبارة أرثر ريمباود "الانا آخر". أعاد زمن الجائحة الذي نعيش به، إحياء تلك الفكرة التي قدمها لاكان، وهي أن البارانويا أساسية في تكوين الذات. " أكثر ما تم إساءة فهمه من قبل الإيغو هو بالضبط ما يشار إليه، أثناء التحليل، عند التكلم بالضمير "أنا" " (جاك لاكان السيمنار 2).    هذا الآخر المجهول هو اليوم موضع شك واتهام كونه يأوي فيروساً مميتاً. أن تولد في اللغة، وأن تدخل فيها من خلال تسجيل دخول يقدمه الآخر (الاخر كاسم المستخدم)، أن يتم التحدث بك من قبل الآخر قبل أن تبدأ بالنطق بكلماتك الخاصة، أن يتم تعريفك بكو

العصر الحديث \ جوزيه ساراماغو

صورة
  نشر جوزيه ساراماغو في كتابه (المفكرة) مقالة قصيرة، يصف فيها العصر الحديث الذي نعيشه، فيقول: في كل يوم تختفي أنواع من النباتات والحيوانات، مع اختفاء لغات ومهن. الأغنياء يزدادون غنى والفقراء دومًا يزدادون فقرًا. في كل يوم على حدة ثمة أقلية تعرف أكثر، وأخرى تعرف أقل. الجهل يتسع بطريقة مخيفة حقًا. في هذه الأيام نمر بأزمة حادة في توزيع الثروة. فاستغلال الفلزات وصل إلى نسب شيطانية، الشركات المتعددة الجنسية تسيطر على العالم. لا أعرف إذا ما كانت الظلال أم الخيالات تحجب الواقع عنا. ربما يمكننا مناقشة الموضوع إلى ما لا نهاية. ما هو واضح حتى الآن هو أننا فقدنا مقدرتنا النقدية على تحليل ما يحدث في العالم. إذ نبدو محبوسين بداخل كهف أفلاطون. لقد تخلينا عن مسؤوليتنا عن التفكير والفعل. فقد حولنا أنفسنا إلى كائنات خاملة غير قادرة على الإحساس بالغضب، وعلى رفض الانصياع، والقدرة على الاحتجاج التي كانت سمات قوية لماضينا الحديث – إننا نصل إلى نهاية حضارة ولا أرحب بنفيرها الأخير. إن مجمع التسوق (المول) هو رمز عصرنا. لكن لا يزال ثمة عالم مصغر ويختفي بسرعة، عالم الصناعات الصغيرة والحِرف. ففي حين أنه من الواض

الرغبة هي جوهر الإنسان \ سبينوزا

صورة
  الرغبة في فعل أي شيء ترتبط بالنتيجة التي سوف يحدثها للمرء، والنتيجة النهائية التي يريدها أي فرد من أي فعل هي الشعور باللذة والمتعة والمعنى، إن اعتبرنا أن المتعة الذهنية متعة فعلا وليست مجرد وهم. يمكن التأكيد على هذا الاستقراء من خلال عدة نماذج: -  العمل مثلا ليس غاية في ذاته، فالغاية منه كسب المال، والمال ليس غاية في ذاته، الغاية منه شراء الخدمات، والخدمات ليست لها غاية في ذاتها، فسبب وجودها راحة الإنسان ومتعته، والسؤال عن الغاية من متعة  الإنسان لا معنى له، لأن الغاية التي تتجاوز الإنسان لن يدركها إدراكا حقيقيا، وقد لا تعنيه فعلا، وربما تعني الآلهة أو أي كينونات أخرى إن وجدت.  - العلاقة بين الجنسين مثلا ليست غاية في ذاتها، فالهدف هو الجنس والاهتمام المتبادل والشعور بأن المرء مرغوب (ولو أنه دافع غير منطقي) ، أي تحقيق دوافع فيسيولوجية ونفسية.  يبقى إذا أن المتع الحسية والمعنوية والنفسية هي جوهر الفعل البشري، وما يؤرق أو يجعل تجربة  الإنسان في العيش مختلة بدرجة أو بأخرى هو إما:  - عجزه عن عيش ما يعتبره متعة وفق تكوين مزاجه، وهو ما يمكن تسميته الموانع الموضوعية لتحقيق الرغبة، مثل القانو

قطيع الماشية \ فريدريك نيتشه

صورة
    ‏تأمل في قطيع الماشية الذي يرعى أمامك: إنه لا يميز بين الأمس و اليوم، إنه يتقافز، و يأكل، ويسترخي و يجتر ما يأكله، ثم يتقافز مرة أخرى، وهكذا من الصباح حتى الليل ومن نهار إلى نهار، مقيداً باللحظة وسرورها أو استيائها، وبالتالي لا هو بكئيب، و لا يشعر بالملل. هذا مشهد صعب على الإنسان رؤيته، فعلى الرغم من أنه يحسب أنه أفضل من الحيوانات لأنه إنسان، فإنه لا يسعه إلا أن يحسدها على سعادتها ، فما تملكه، حياة لا تشعر بالملل أو الألم، و هذا هو ما يريده بالضبط، ومع ذلك لا يستطيع الحصول عليه لأنه يرفض أن يكون كحيوان.‏ قد يسأل إنسان حيواناً: "لماذا لا تتحدث معي عن سعادتك، بل تقف و تحدق إلى وجهي فقط؟". سيود الحيوان أن يجيب قائلاً: " هذا لأنني دائماً ما أنسى على الفور ما أردت أن أقوله"، لكنه نسي حينها هذه الإجابة أيضاً، وظل صامتاً: تاركاً الإنسان لدهشته.

ليس في وسعنا عمل شيء \ اميل سيوران

صورة
ليس في وسعنا عمل شيء. هكذا ظلت تلك العجوز التسعينية تردّ على كل كلامي ، على كل ما صرخت به في أذنيها حول الحاضر، حول المستقبل، حول سير الأشياء.. تركتُها ساخطاً عليها، و ما أن صرت في الخارج حتى انقلبت مشاعري رأسا على عقب ، العجوز على حق. كيف لم أُدرك فوراً أن مقولتها الرتيبة تلك تتضمن حقيقة، قد تكون أهم الحقائق على الإطلاق، بما إن كل ما يحدث يُنادي بها و كل ما فينا يرفضها.

12 Angry Men

صورة
  الخوف من المجتمع وعدم قُدرتك على قول رأيك صراحة في أي شيء ما هرباً من رؤية ردة فعل الآخرين المُخالفة لك حتى وإن كنت على صواب تجعل شخصيتك تضمحل وتضعف شيئاً فشيئاً مع الزمن حتى تختفي. أن تقف في وجه الجميع وتُعبر عن رأيك دائماً مهما كانت ردة فعل الآخرين تحتاج إلى قوة وجسارة وتحمل أقوالهم وردة فعلهم على ما قلت. المسير مع التيار سهل جداً وأغلب البشر يُفضلون أتباعه لسهولته ويتنازلون مع الزمن عن حقهم الشرعي في الإدلاء بأصواتهم. هذا العجوز يعلم تماماً هذا الشعور حيث عاش كل حياته كنكرة ولم يأخذ أحدهم يوماً برأيه أو نصيحته حتى نسي نفسه التي رآها في المُحلف رقم 8. دائماً قل رأيك ولا تخشى السُخرية لأنها يوماً ما ستتحول إلى مديح.

الفن \ كلايف بل

صورة
  إيه اللي بيخلينا نسمي لوحة لفان جوخ بـ "فن" وما يخليناش نقول على ترابيزة السفرة "فن"؟ دا سؤال بيطرحه كلايف بل في كتابه العظيم "الفن"، في محاولة ناجحة لتأسيس نظريته الفلسفية حول الجمال الفني. بيعتقد كلايف بل إن سبب أساسي هو المتلقي. متلقي الفن بيقدر يعرف إن لوحة فان جوخ فن، عناصرها وألوانها وأفكارها فن، في حين إن ترابيزة السفرة مش فن، أو حرفة يدوية تقليدية يمكن تعلمها طبقًا لقواعد معروفة ومقاسات محددة، ومن هنا كان في فرق أصلا ما بين "الرسم" و"الفن"، بمعنى إن مش كل رسم ممكن يطلق عليه فن، مش كل رسام فنان. كلايف بل بيوصل لمعضلة: هل كل متلقي هو متلقي جيد للفن؟ هل المسألة فقط في إيد المتلقي لوحده؟ هنا بيوصل كلايف لما سماه "التربية الجمالية". يقدر شخص عادي يحكم على أي عمل فني إنه فن، بس عشان يوصل لدا الفطرة لوحدها مش كفاية، محتاج يتربى تربية جمالية عشان يميز الفن والجمال اللي في العمل الفني. لكن من ناحية تانية، تم الاتفاق ضمنيًا وبالبديهة إن العمل الفني له شروط، اللي هي المعايير الفنية، اللي مش شرط يكون حد واحد حطه لكنه "الحس

البارانويا \ جاك لاكان

صورة
  "بشكل أدق، يمكن لنا أن نعرف البارانويا، كتحديد للجويسانس في ذاك المكان بالذات من الآخر الأكبر" يعيش البارانوئي في بحثه الدؤوب عن التفاصيل والمعاني الخفية في كل صغيرة وكبيرة، سواء في توهم المطاردة والملاحقة أو في نظريات المؤامرة، لذة بشكل مواز لمعاناته وألمه. فأن يشعر البارانوئي نفسه ملاحقا دوما، يعني أيضا أنه لا يغيب عن تفكير الآخر، فكأنه في ذهن الآخر (الأكبر) طوال الوقت، هناك دوما من يفكر فيه ويضع الخطط للايقاع به. تبدو تلك اللذة (الجويسانس) غير محدودة، قادمة من منبع المعنى الذي لا ينضب (الآخر الأكبر). لذلك لا يريد البارانوئي في الحقيقة أي علاج، فرغم كل معاناته إلا أنه يرى نفسه على علاقة خاصة مميزة مع الآخر الأكبر. وكأنه يدرك تماما مكان لذته تلك عند ذاك الآخر، وكأنه قادر على العودة لهذا المكان كلما يريد !!.

الحياة أقصر من أن نضيعها في العلاقات الاجتماعية \ أحمد خالد توفيق

صورة
  عامة أحاول ألا أصادق أحدًا على الإطلاق لأن الحياة أقصر من أن نضيعها في العلاقات الاجتماعية· اليوم يزورك إبراهيم الششماوي وزوجته وأطفاله الخمسة، ويقضي الأمسية كلها يحكي لك عن أمجاده ورئيسه الأحمق في العمل الذي لا يفهم أي شيء، بينما تنشغل زوجته في صفع هذا الولد القليل الأدب وضرب هذا و ركل ذاك، وينشغل الأطفال في تحطيم كل شيء تحبه أو تعتز به في البيت، وزوجتك تبتسم مؤكدة أن··· كراش ش ش! هذا صوت شاشة التلفزيون التي قذفها أحدهم بمطفأة السجائر· زوجتك تؤكد أنه لا مشكلة وأننا كنا نتمنى من زمن أن يتحطم هذا التلفزيون· وفي النهاية يرحلون كالمغول تاركين خرابًا وأرضًا محروقة، وعليك أن ترد الزيارة·· ونتيجة رد الزيارة أن يردوا الزيارة! لا·· لا يوجد شيء يستحق هذا كله· 

Amadeus (1984)

صورة
  في رواية "إبنة القس" لجورج اورويل فقدت دوروثي إيمانها بدون مقدمات، لكنها في نفس الوقت لم تفقد حاجتها الروحية للإيمان، نقطة تحول كانت و لا تزال تزداد جدلية كلما تمعن المرء في أمرها، و رغم عديد التبريرات إلا أن التفسير الأكثر منطقية كان جملة تحمل بداخلها سخرية كبيرة و كانت علي لسانها تمر ( ربما فقدت الإيمان مثل طفل توقف عن الإيمان بوجود الجن)، ربما يكون ذلك الجواب كافي حتي مرحلة ما و مُرضي كذلك لكن عندما تُثار القضية مرة أخري سيبحث العقل عن جواب يُرضى ربما يجده او لا لكن الحقيقة أنه لن يتخطاه بتلك السهولة، و لن تكون السهولة متمثلة في الشق الثاني من المعضلة و هي الحاجة الروحية الملحة للإيمان حيث و أن كل إنسان يبحث عن الإيمان بفكرة أو غيرها، و فكرة أن تحيا بلا إيمان تبدو مرعبة و مفزعة و في أغلب الأحيان لا يتقبلها عقل حتي لو حاول بتجاوزها أو نكرانها، حتى عندما حاول ساليري أرغمته مداركه علي الإيمان بشئ ما، و بغض النظر عن سبب فقده لإيمانه لا يمكن تجاهل حقيقة بحثه الذي لم يستمر كثيراً فأمسي يؤمن بجلاده، بمجده و حب الموسيقي له  و خشوعها، فوجدها حقيقة ساطعة سولت له أفكاره إعتناقها عن