المشاركات

عرض المشاركات من فبراير ٢٢, ٢٠٢٤

الإنسان و الوجود \ عبد الرحمن شكري

صورة
  ما أحقر حياة الفرد من البشر في هذا الوجود الذي ليس له حد ولا نهاية! انظر إلى هذه الأرض التي تحملنا، أليست هي فَلكًا صغيرًا من أفلاك كثيرة لا تعد ولا تحصى؟ وهذا النظام الشمسي، أليس هو جزءًا صغيرًا من الوجود؟ أليس هو نظامًا واحدًا من أنظمة فلكية كثيرة؟ إني كلما فكرت في ذلك أحسست ضآلة الإنسان وحقارته، فيصغر الناس في عيني حتى يصيروا في حجم النمل أو أقل. فهب أن نملة تشكَّت وقع الأقدام، أليس ذلك مثل تشكي الإنسان ظلم الأقدار وامتعاضه منها؟ وماذا يهم الكون أنه يتألم ويشقى؟ ألسنا نهزأ ونسخر من شكاية النمل؟ وكأني بروح الوجود تهزأ بشكايتنا، وكأني بقوى الوجود تسخر منا. كلما فكرت في ذلك تملكني اليأس والملل، وصغر عندي كل عظيم جليل من الناس، أو من أمور الحياة، أو من العلوم والآراء والآداب، وأرى أن الحياة عبث، وأنها فكاهة غثة، فأود لو أريح نفسي من الاهتمام بما تستلزمه من الأشياء الحقيرة، والأعمال الحقيرة، والمساعي الحقيرة، والقيام والقعود، والكلام والسكوت، والنوم واليقظة، واليأس والأمل. فقد تمر بي ساعات أمقت فيها هذه الأشياء كلها، وغيرها من أمور الحياة مقتًا شديدًا. وسبب ذلك كله أني أحس الحياة إحساس