المشاركات

عرض المشاركات من أبريل ١٩, ٢٠٢٠

أوكتافيو باث / جـدليـّة العـزلـة

صورة
 يمثل الجنين، وهو وحيد في العالم المحيط به، حياةً خالصة، حياة في حالتها الخام، تدفقا جاهلا بذاته. حينما نولد، نقطع الصلات التي تربطنا بالحياة العمياء، التي عشناها في رحم الأم، حيث لا فاصل هناك بين الرغبة والإشباع. فإحساسنا بالحياة يعبر عنه كانفصال وقطيعة، كتيه وسقوط في بيئة معادية وغريبة. وبقدر ما ننمو، بقدر ما يتحول هذا الإحساس البدائي إلى شعور بالعزلة، وبعد ذلك إلى وعي: فنحن محكومون بالعيش في عزلة، لكننا محكومون أيضا بتجاوز عزلتنا واستعادة الصلات، التي كانت تربطنا بالحياة في ماض فردوسي. كل جهودنا تسعى إلى محو العزلة. هكذا يملك الإحساس بالعزلة دلالة مزدوجة: فمن جهة يدل على الوعي بالذات، ويدل من جهة أخرى على الرغبة في الخروج من الذات. إن العزلة، وهي شرط حياتنا، تبدو لنا كامتحان وتطهر، وفي نهايتها يختفي القلق والتيه. فالامتلاء والاجتماع، وهما راحة وسكينة وانسجام مع العالم، ينتظراننا في نهاية متاهة العزلة. إن اللغة الشعبية تعكس هذه الازدواجية، بمطابقتها بين العزلة والحزن. أحزان الحب هي أحزان عزلة، فالمشاركة والعزلة والرغبة في الحب تتعارض وتتكامل. وقدرة العزلة على الإنقاذ تكشف عن فكر

العقل / ديفيد هيوم

صورة
 يرى هيوم أن العقل يتألف من إدراكات حسية : انطباعات و أفكار. الانطباعات هي مانطلق عليه إجمالا اسم الإحساسات والمشاعر والانفعالات، والأفكار هي مانسميه الخواطر العقلية. الأولى قوية مفعمة بالحياة، والثانية ليست غير نسخ باهتة عن الأولى. - الانطباعات نوعان : انطباعات الحس الأولية وتنشأ في الروح عن علل مجهولة، وانطباعات التفكير الثانوية التي تنشأ نتيجة لأفكارنا. فالنفور مثلا ينشأ عن فكرة الألم، وهذه بدورها نسخة لانطباع الألم الأولي. - الأفكار نوعان : بسيطة و مركبة، الأفكار البسيطة نسخ من الانطباعات البسيطة. والأفكار المركبة مزيج من الأفكار البسيطة، ولا يتحتم أن تعكس أي مزيج فعلي من الانطباعات، وإذا فعلت ذلك كانت مجرد تذكرات، أي أننا مثلا نستطيع أن نفكر في ( التنين ) وفي أشياء أخرى لم ندركها قط. فأفكارنا المركبة جميعا تبنى من أفكار أبسط مشتقة من الانطباعات. يقول هيوم أن قولنا هذا لايختلف عن قولنا بأن ليس ثمة أفكار فطرية، فأفكارنا جميعا مستمدة من التجربة، وموضوعات أفكارنا مقصورة على ماقد وقع لنا في الخبرة، أو مانتصور أنه قد يقع لنا فيها بواسطة الحواس أو الشعور الباطني.  

 ألبير كامو.. مقتطفات من كتاب أسطورة سيزيف

صورة
 ليست هناك إلا مشكلة فلسفية هامة واحدة ألا وهي مشكلة الانتحار. فالحكم عما إذا كانت الحياة جديرة بأن تعاش أم لا، إنما يرتفع إلى الجواب على المسألة الأساسية في الفلسفة وتأتي كل مسألة أخرى بعد ذلك. فإذا سألت نفسي كيف يمكنني أن أحكم بأن هذا السؤال أكثر أهمية من غيرها، فإنني أجيب بأن المرء يحكم عن طريق الأفعال التي تستتبع منه. عمري ما شاهدت إنسانًا ينتحرُ من أجل البحث الأنطولوجي. وإن جالليو الذي ذكر حقيقة علمية ذات أهمية كبيرة، نبذها بمنتهى السهولة حالما تعرضت حياته للخطر. وبمعنى ما من المعاني، حسنًا فعل. وما كانت هذه الحقيقة تستحق عناء المخاطرة. فسواء كانت الأرض هي التي تدور حول الشمس أو الشمس هي التي تدور حول الأرض فهي مسألة من قبيل عدم الاكتراث العميق. بل يمكننا أن نقول إنها مسألة عقيمة. ومن جهة أخرى أرى، أناسًا كثيرين يموتون بسبب أن الحياة عندهم تستحق أن تعاش. وأرى آخرين يذهبون ضحية القتل بسبب الأفكار أو الأوهام التي تزودهم بسبب كاف للحياة (وما يقال عنه سبب كاف للحياة هو سبب رائع للموت) ولهذا فإنني أخلص إلى أن معنى الحياة هو أهم مسألة تثير الإلحاح. -لم يحدث من قبل أن درس الانتح