المشاركات

عرض المشاركات من 2019

الإعتراف قصة قصيرة _ أنطون تشيخوف

صورة
كان النهار صحواً، صقيعياً...وكانت نفسي منشرحة، مغتبطة، كنفس حوذي أخطؤوا معه فأعطوه روبلاً ذهبياً بدلاً من عشرينية. كانت تنتابني رغبة في البكاء، في الضحك والصلاة...كنت أشعر أنني في السماء السابعة. فللتو قد جعلوا مني أمين صندوق! لم أكن أشعر بالفرح لأنه قد أصبح بإمكاني الإستيلاء. فأنا حينذاك لم أكن قد صرت لصاً بعد،ولو أن أحداً حينها قال لي أني سأصبح لصاً لدمّرتُه... بل كنت فرحاً لسبب آخر: هو ترقيتي في الوظيفة، والعلاوة التافهة في الراتب فقط لا غير. ثم إن هناك أمراً آخر كان يفرحني. فما إن أصبحت أمين صندوق حتى صرت أشعر كما لو إنني قد ارتديت نظارة وردية. فجأة أخذ يبدو لي أن الناس قد تغيروا. أي بشرفي. كلهم كما لو أنهم قد أصبحوا أحسن مما كانوا. الدميمون أصبحوا جميلين، والأشرار أصبحوا أخياراً، والمتكبرون أصبحوا متواضعين، ومبغضوا الناس أصبحوا من محبيهم. لكأن ذهني قد أشرق.صرت أرى في الإنسان خصالاً رائعة لم أكن أفترض وجودها من قبل فيه. كنت أقول وأنا أنظر إلى الناس وأفرك عيني: «غريب! إما أن أمراً ما قد حدث لهم،أو أنني كنت من قبل غبياً ولم أكن ألاحظ كل هذه الخصال. يا لروعة هؤلاء الناس!» وكان ممن

وودي آلن، كيف تتعامل مع أسئلة الحياة الكبرى؟

صورة
ليس لقسوة حياتنا إجابات متفائلة، مهما حادثك الفلاسفة ورجال الدين وعلماء النفس. محور الكلام هو دائماً أنّ الحياة لها أجندتها الخاصة، وأنّها تقفز فوقك ولا تبالي بك. يوماً ما، سننتهي كلنا بطريقة سيئة جداً. كلّ ما يمكن أن تفعله كفنان هو إيجاد شيء ما لتشرح لماذا تستحق الحياة أن تُعاش وما هي ايجابياتها. طبعاً، لا يمكنك أن تفعل ذلك من دون خداع الناس لأنّ الحياة في الحقيقة بلا معنى، فنحن نعيش حياة بلا معنى في كونٍ عشوائي. كلّ شيء أنجزته سيزول يوماً، الأرض ستنقرض والشمس ستنفجر، والكون سيختفي، ومعه ستموت أعمال شكسبير وميكلأنجلو وبيتهوفن. من الصعب جداً اقناع الناس أنّ ثمة جدوى من كلّ ما يعيشونه. استنتاجي أنّ الشيء الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو الترفيه وتشتيت العقل، فأنتَ عندما تشاهد مباراة في البايسبول أو فيلماً لفرَد أستَر، تفعل شيئاً يشتتك وينسيك الواقع. ما ينجح في تشتيتي هو أن أفكّر وأتساءل: يا إلهي، هل في امكاني أن أجعل ايما وباركر تمثلان هذا المشهد وكأنّ الأمر يعني شيئاً مهماً. إنها مسألة تافهة، واذا لم أحلّها سأنجز حتماً فيلماً سيئاً ولكنني لن أموت. هذا ما أفعله: ألهي نفسي وأشتتها

كنت أطمح الى أن أخرس اليوم، ولكن... كوبولا

صورة
كنت أطمح الى أن أخرس اليوم، ولكن..."، هذا ما قاله كوبولا قبل أن ينزل عليه الوحي فجأة ويقدم خطاباً تنويرياً من دون أن يلتقط أنفاسه الا بعد 12 دقيقة سحبة واحدة. "لا تخطئوا وتعتقدوا ان الفنان مسؤول عن فنه بمجرد ان لدى الفن القدرة على تغيير العالم. فالفنانون لا يملكون الكلمة الفصل في فنهم. اليوم، اذا أردتَ أن تعرف مَن الذي يقود العالم، فعليك أن تعرف مَن الذي يموّل الفنانين. انها الشركات الكبرى. لطالما أثارت الطبيعة اهتمامي. في الأدغال مثلاً، ثمة عشب قد يسممك وبالقرب منه ثمة عشب يداوي مرضك. لهذا، أجد انه ليس هناك أروع من ان تولد السينما التي أثرت كثيراً في البشر، في فترة التأكد من أخطار النووي. أشبّه حالنا ببروميثيوس الذي تمّ أسره لأنه سرق النار. النار نوع من استعارة للسينما. السينما يمكن أن تغيّر الكثير لكنها ليست حرّة. اللغة السينمائية ابتُكرت في القرن الماضي على يد رواد أتيحت لهم أن يجرّبوا، لكنهم اليوم لم يعودوا يتجرأون على الاختبار. طبعاً، جاء المسرح قبلهم بمئات السنين، ولكن لا شيء في المسرح يجعلك تستمد فكرة أن تصوّر لقطة شاملة ثم تنتقل فجأة الى كلوز آب. تخيّل كم كا

نهاية نهار – فرناندو بيسوا

صورة
أحيانًا أفكّر، بمتعةٍ حزينة، فيما لو كتب ذات يوم لهذه العبارات التي أكتبها، في مستقبلٍ منذ الآن لا أنتمي إليه، أن تحيا مقرونةً بالثناء، فَسَأكْتَسِبُ في النهاية الناس الذين “يفهمونني”، العائلة الحقيقية التي سأولد فيها وفيها سأغدو محبوبًا، لكن بعيدًا عن الوصول إلى الولادة فيها، سأكون قد متّ من زمنٍ طويل. سأغدو مفهومًا في الصورة المطبوعة فقط، حين لا يكون بإمكان الحبّ أن يعوّض مَن مات تلك المجافاة التي وحدها كانت من نصيبه عندما كان على قيد الحياة. ذات يوم ربما يدركون أنني، أكملت، كما لم يفعل أيّ شخصٍ آخر، واجبي منذ الولادة كترجمانٍ لجانب من قرننا هذا؛ وعندما يفهمون ذلك عليهم أن يسجِّلوا أنني لم أكن مفهومًا في الحقبة التي عشتها، وأنني عشت، مع الأسف، بين أشكالٍ من الجفاء واللامبالاة، وأنه من المؤسف أن يكون هذا ما حدث لي. والذي يكتب هذا سيكون، في الحقبة التي يكتبه فيها، غير فاهمٍ ولا مدرك، مثل مَن يحيطون به، لشبيهي في هذا الزمن المُستقبلي، ذلك لأنَّ الناس فقط يتعلمون من أجدادهم الذين ماتوا. ووحدهم الموتى من نعرف تعليمهم القواعد الحقيقية للحياة. في العشية التي أكتب فيها، توقّف المطر،

من كتاب اللاطمأنينة _ فرناندوا بيسوا

صورة
لو يأتي اليوم الذي أصير فيه آمناً من الناحية المالية، بحيث أستطيع أن أكتب وأنشر على سجيتي فإني أعرف بأني سأفتقد هذه الحياة المقلقة التي أكتب فيها بمشقة ولا أنشر على الاطلاق. لن أفقدها لأنها حياة فحسب، مهما كانت وضيعة، لن أحظى بها مرة أخرى أبداً، بل أيضاً لأن كل حياة تتحلى بمزايا خاصة ومتعة تخصها هي وحدها، وعندما نزاول حياة أخرى، حتى لو كانت خيراً من سالفتها، لن تكون تلك المتعة كما تخيّلناها، وستبدو تلك المزايا الخاصة أقل خصوصية، ريثما تضمحل ويبقى منها شيء نفتقده. لو أفلحت يوماً في تنكب صليب نواياي الى الجلجلة الخيّرة، فسوف أجد جلجلة أخرى في تلك الجلجلة الخيّرة، وسأفتقد الوقت الذي كنت فيه عبثياً، وضيعاً وناقصاً. بشكل من الأشكال سأكون أقل مما عهدته. أنا متعب. قضيت نهاراً طويلاً ممتلئاً بعمل أحمق في هذا المكتب المهجور تقريباً. موظفان غائبان بسبب المرض، والآخرون ليسوا هنا. أنا وحيد، باستثناء صبي المكتب في الخلف. أفتقد المستقبل الذي سألتفت فيه وأفتقد كل هذا، مهما كان سخيفاً. ثمة ما يستدرجني كي أتساءل أي آلهة تبقيني هنا، كأنني في خزينة موصدة، في مأمن من أحزان الحياة ومسرّاتها أيض

انك تحتاج _ عبدالله القصيمى

صورة
انك أحياناً لمحتاج إلى أن تكون وحشاً في قسوتك، إلى أن تصبح عيناك حجراً، وحواسك افتراساً وذنوباً، لكي تستطيع أن ترى إنساناً أو مجتمعاً كما هو بكل تشوهاته وآلامه وعاهاته وذنوبه وفضائحه وهمومه. وإنك لمحتاج إلى أن تخرج من كل حدود الإنسان، من كل ماضي الإنسان، من احتمالات الاحتشام والاغضاء والاستحياء والاشمئزاز والعطف والبكاء والرثاء، لكي تستطيع أن ترى الإنسان العربي يمارس فضائح أيامه الستة، أو تقتنع بانه قد مارسها، أيوجد إنسان بكل هذا الضعف؟ ايوجد قوم بكل هذا الضعف؟ لهم كل هذه الامكانيات والظروف والثروات والدعاوي؟ لهم كل هذه المحاياة والدلال العاليين؟ أيوجد من يستطيع أن يحدق فيهم، في وجوههم؟ وإننا أحياناً لنجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نرى بأبصارنا أو نقتنع بعقولنا، بقدر ما نجبن أو نرتجف أو نعاني أو نرفض أن نجرح أو نقتل بادوات قتالنا المختلفة. إن القدرة على الرؤية والاقتناع قد تكون تعبيراً من تعبيرات القدرة على الهجاء، والتحقير والتشويه والقتال والتعذيب، قد تكون جريئاً على أن ترى وتقتنع لأنك جريء على أن تهجو وتحقر وتشوه وتضرب. وقد تعجز عن هذا لإنك عاجز عن ذلك، قد تعجز عن الرؤ

سيزيف و العذاب الأبدي

صورة
سيزيف ، بحسب الأسطورة اليونانية ، هو ابن ايولوس اله الرياح وكان ملكاً علي سيلينا .اشتغل بالتجارة والإبحار ، وعُرف عنه أنه كان محارباً بارعاً وماهراً وتميز بالمكر والدهاء . لكنه كان مخادعاً وجشعاً ، وخرق قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف (النزلاء). كان ثريًا جدا ويتلاعب بالجميع ، وقد صوره هوميروس ومن تلاه من الكُتاب بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤماً. أغرى ابنة أخيه واغتصب عرشه. وكان زيوس كبير الآلهة عند اليونان يحبه ويحكي له أسراره ومغامراته النسائية ، وذات يوم أراد سيزيف أن يزيح زيوس من علي عرشه ، ففشى بأسرار زيوس ، حيث ذهب إلى إله النهر وقال له إن ابنتك إيجينا علي علاقة غير مشروعة مع الإله زيوس ، وأن زيوس قام باغتصابها. عندما علم زيوس بما فعله سيزيف قرر أن يعاقبه بإرساله الي الجحيم ليموت هناك. ولكن سيزيف استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس حين طلب منه أن يجرب الأصفاد والأقفال، ليختبر مدى كفاءتها. وحين جربها إله الموت قام سيزيف بتكبيله، وحين كبل سيزيف إله الموت منع بذلك الناس أن تموت. أحدث ذلك تمرداً وانقلاباً وثورةً وهياجاً، ولم يعد أحد من الب

المبدع _ فردريك نيتشه

صورة
إنّهم يحقدون أكثر من أيّ شيء آخر على ذلك الذي يكسر ألواح قيمهم القديمة .يدعونهُ المخرّب المجرم . لكن ذلكَ هو المُبدِع ! رفاقاً يُريد المبدع ,لا جُثثاً ولا قطعاناً ,ومؤمنين أيضاً . رفاق إبداع يريدُ المبدع , يخطّون قيم جديدة على ألواح جديدة . رِفاقاً يُريد المُبدِع ,أؤلئك الذين يعرفون كيف يشحذون مناجلهم . مُخرّبين سيدعونهم الناس ,ومُستهزئين بالخيرِ والشّر . لكنّهم ,هم الحاصدون والمحتفلون بالعيد ! رفاق إبداع يريد زرادشت ,رفاق حصاد ورفاق إحتفال بالعيد . ما الذي سيصنعهُ مع القُطعان والرُعاة والجثث ؟ لا راعٍ ولا حفّار قبور ينبغي عليّ أن أكون . هذهِ آخر مرّة أتحدّث فيها الى ميّت  !!!

البحث عن الحكمة والحقيقة و كهف الانسان _ افلاطون

صورة
كان أفلاطون يريد من خلال هذه القصّة المعبّرة أن يشير إلى حياة معلّمه سقراط الذي حكمت عليه أثينا بالموت سنة 399 قبل الميلاد لاعتراضه على أفكار اليونان القديمة. الرجل الذي خرج من الكهف ورأى الشمس لأوّل مرّة يرمز لسقراط. بينما الرجلان الآخران يرمزان لمجتمع أثينا في ذلك الوقت. وإذا وَجد إنسان نفسه محشورا داخل كهف يفتقر إلى مصدر للضوء، فإنه غالبا لا يستطيع أن يجد طريقا للخروج، وقد يتعرّض لخطر الموت إن لم يجد من يأخذ بيده وينقذه. فالانسان اكتشفه خارج الكهف كالسجين الهارب يُصدم من العالم الذي . ولبعض الوقت، يعتقد بأن ما رآه غير حقيقيّ، لكنه عندما يعتاد عليه يدرك أن نظرته السابقة إلى الواقع كانت خاطئة. ثم يبدأ في فهم عالمه الجديد ويعرف بأن الشمس هي مصدر الحياة. ثم يباشر رحلة فكرية يدرك في نهايتها أن حياته الماضية كانت بلا جدوى أو غاية. وعندما يعود إلى الكهف ليخبر زميليه عن العالم العجيب الذي رآه لأوّل مرّة خارج الكهف يرفضان كلامه بغضب. وعندما يحاول أن يحرّرهما من قيودهما يهدّدانه بالقتل. الفيلسوف أو المفكّر الباحث عن المعرفة خارج الكهف أو خارج الحواسّ. بينما الشمس تمثّل الحقيقة و

في جينالوجيا الأخلاق_ فريدريك نيتشه

صورة
نحن مجهولون بالنسبة إلى أنفسنا، نحن العارفين، نحن أنفسنا بالنسبة إلى أنفسنا: وإنّ لهذا سبباً وجيهاً. نحن لم نبحث أبداً عن أنفسنا، فأنّى لنا أن نجد أنفسنا يوماً ما؟ لقد صدق من قال لنا : "حيثما يوجد كنزك، ههنا أيضاً يوجد قلبك"، إن كنزنا إنما يوجد حيثما تكون خلايا نحل معرفتنا. لهذا نحن دوماً أثناء الطريق، ولدنا حيوانات مجنحة، جماعة لعسل الروح، لا نهتم حقاً من القلب إلا بأمر واحد .."ان نحمل إلى البيت" شيئاً ما. أما فيما يتعلق بالحياة، ب "ما عشناه من تجارب" مزعومة، فمن منا يتوفر لذلك حتى على الجد الكافي؟ أو الوقت الكافي؟ في هكذا قضايا، وهو ما أخشاه، نحن لم نكن ابداً على وجه الدقة "في صليب القضية"، لم تكن قلوبنا حينئذ هناك_ ولا حتى آذاننا! بل مثل من أَلهتهُ الآلهة وغرق في قاع نفسه، ومن دقت الساعة في أذنيه دقاً أزيزا، أثنتي عشرة دقة، بأن النهار قد انتصف، واستيقظ فجأة وسأل نفسه : ما الذي دق على وجه التحديد؟، هكذا نحن ايضاً نحك آذاننا أحياناً بعد الأوان ونتساءل، وقد آخذت منا الدهشة والحيرة كل مأخذ : ما الذي عشناه على وجه التحديد؟، بل أكثر من ذلك &q

كبرياء التاريخ في مأزق _ عبد الله القصيمي

صورة
ان  حرية النقد هي حليف دائم للأقوياء أكثر مما هي حليف للضعفاء. إن الكلمة خصم غير شريف للضعفاء وسلاح ضال ينطلق من أفواه وأجهزة القادرين على الكذبة ليفقأ ابصار الباحثين عن النور والعدل والصدق ويحطم أعصابهم. إن الكلمة مثل كل الأشياء تتحول إلى امتلاك بالقدرة . إن الكلام مثل السلاح حارس للقوة لا للحقيقة. إن الضعيف في المجتمع الحر حر بدون معنى الحرية او استعمال لها أو انتفاع بها، أما الأقوياء فإنهم أحرار في قول الحرية وفي استعمالها وفي القدرة على الانتفاع بها. إن حرية الضعيف كحرية مقطوع الرجلين في أن يمشي ويلعب كرة القدم. إن الحرية خطرة وكآبة وأسلوب من الفحش، ولكن فقد الحرية ليس أكثر جمالاً وبهجة وتهذيباً، ليست الحرية تطلعاً شعرياً إلى القمر المغازل للنجوم بفسوق وافتضاح. إن الحرية خطو فوق الأوحال والهموم والخناجر وتعامل مع النقائص والتفاهات والغباء وبحث بذيء عن العار والعيوب. لا يوجد في المجتمعات التي يحكمها الطغاة والثوار اعظم صبراً او بلادة من آذانها، كيف تستطيع أن تتحمل كل هذا الامتنان؟ إنهم يجرحونها كل ليلها ونهارها تجريحاً متواصلاً مهيناً، يحدثونها بكل وقاحة وغرور بكل الأساليب و

حكمة الصرصار_ محمد البوعيادي

صورة
قرابة الفجر ولم أنم بعد، وبجانبي بقايا نبيذ وسجائر مطفأة في وعاء بلاستيكي تنبعث منه رائحة احتراق خانقة، فتحت باب المنزل على مصراعيه وجلست أراقب سكون الليل في قرية ميتة، لا يظهر لي من بعيد سوى أضواء منازل متواضعة متفرقة وأشجار بلوط اغتالها الظلام تبدو مثل فواصل ونقط ترقيم فوق الجبل الصغير، وفي الداخل تنبعث موسيقى قديمة سكرانة، لم يكن لدي في الليل أي رفيق، فالجميع نائمون أو مستغرقون في أجسادهم العرقى. فرغت قنينتي لكن رأسي امتلأ. لم يكن أمامي وأنا جالس على عتبة الباب سوى مشهد القمر منتصفا في الغيم، حيث تبدو السماء كئيبة، وفي مشهد مهيب من السحب الرمادية التي تتشكل على هيئة حيوانات أسطورية، قفز صرصور اتجاه قدمي ووقف. كان يبدو مثل تنين ممسوخ، ربما كان يفترس الذين يشعرون بالملل في زمن سحيق. في لفافة المكسرات، كنت قرأت قبل سنوات طويلة أن الصراصير نجت من الإشعاع النووي في هيروشيما ونكازاكي وتشيرنوبيل أيضا، لكنها لم تنج من فضول البشر. ومن شدة الدعس والمطاردة خلف الصناديق وتحت الأفرشة وفي العليات، تعلم الصرصار بعض الدروس، وبإمكانه أن يعلمها للبشر كي يصمدوا أمام الخطر المحدق بهم، خطرهم

انك لست سوى ما تعيشه _ جون بول سارتر

صورة
من كتاب"الوجودية مذهب انساني" للفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر  ملخصا موجزا حوله بما انه كتاب من العيار الثقيل ... خلاصة الكتاب تكمن في قول الكاتب "انك لست سوى ما تعيشه" الفكرة الاساسية للوجودية تكمن في ان كل انسان عليه ان يحدد دوره و ان يخلق ظروفه بنفسه وان الوجود سابق على المهية ،لا تؤمن الوجودية بان هناك حقيقة واحدة بل عدة حقائق ولا هدف واحد بل اهداف ،ان الانسان واجب عليه ان يكون صاحب قرار وان تهتم بالانسان عامة وبوجوده ومن منطلق اساسي الطريقة الوحيدة في فهم الحقيقة والوصول اليها عن طريق التجارب الحية الذاتية للانسان وهذا يتطلب نشاط فكري . في البداية استخلصت ان سارتر ذهب يدافع عن الوجودية بمقابل من يقول انها فلسفة التشاؤم وعلى العكس من ذلك يعتبرها فلسفة متفائلة تجعل الانسان مواجها لذاته حر ويختار ويحدد ما يشاء لنفسه ، وعلى غرار ذلك يشرح ان هناك نوعين من الناس الذين يتبنون الفلسفة الوجودية ، هناك الوجوديون المسيحيون والوجوديون الملحدون وعلى رأسهم "هايدكر" و الاساس ان كلاهما يؤمن بان الوجود سابق للمهية... سارتر يقصد ان الانسان يوجد اولا ثم يتعر

التفكير الازدواجي \ جورج أورويل \ 1984

صورة
أرخي ونستون ذراعيه و ملأ رئتيه بالهواء ببطء ، بينما كان عقله ينزلق بمتاهات التفكير الازدواجي .. أن تعرف و أن لا تعرف ، أن تعي الحقيقة كاملة ، و مع ذلك لا تفتأ تقص الأكاذيب محكمة البناء ، أن تؤمن برأيين في آن و أنت تعرف أنهما لا يجتمعان و مع ذلك تصدق بهما . أن تجهض المنطق بالمنطق ، أن ترفض الألتزام بالأخلاق فيما أنت واحد من الداعين إليها . أن تعتقد أن الدايمقراطية ضرب من المستحيل ، و أن الحزب وصي عليها . أن تنسي كل ما يتعين عليك نسيانه ثم تستحضره في الذاكرة حينما تمس الحاجة إليه ، ثم تنساه مرة ثانية فوراً ، وفوق كل ذلك تطبق الأسلوب نفسه علي الحالتين . ذلك هو الدهاء الكامل ، أن تفقد الوعي عن عمد ووعي ، ثم تصبح ثانية غير واعٍ بعملية التنويم الذاتي التي مارستها علي نفسك . بل حتي إن فهم عباره التفكير الأزدواجي تستدعي منك اللجوء للتفكير الأزدواجي .

في بطلان الوجود- آرثر شوبنهاور

صورة
في عالم حيث كلّ شيء متبدّل، لا إمكان لدوام أيّ شيء، وحيث كلّ شيء ينجرف من ساعته في دُوَّامة التغير الهائجة، وحيث ينبغي للإنسان إن أراد أن يبقى منتصبًا على الإطلاق، أن يداوم على التقدم والتحرك، كبهلوانيّ على الحبل – في عالمٍ كهذا، تكون السعادة شيئًا محالًا يتعذّر تصوّره. - آرثر شوبنهاور مقالة «في بطلان الوجود»

أنا لم أشعُر يوما بأنني وحيدٌ- تشارلز بوكوفسكي

صورة
لم أشعُر يوماً ما بالوحدة ، فلقد كُنت مُنعزلاً فى غُرفتي دائماً ، وكثيراً ما فكرتُ فى الإنتحار وكُنت فى أوقات كثيرة أشعُر بالإكتئاب والكثير من المشاعِر المُزعجة . ولكن مع كُل ذلك لم أشعُر يوماً أن هُناك شخص ما ، يستطيع أن يدخُل عليّ غُرفتي ويُعالجنى مما أنا مُنزعج بشأنه أو حتى أي مجموعة من الأشخاص . بمعنى آخر فإنني دائماً ما لدي هذه اللهفة للوحدّة والإنعزال .سواء كُنت فى حفلة ما أو في ملعب كُرة وسط الحشود من الناس الفرحة ويحتفلون بشيء ما ،فإنني دائماً ما أشعُر بالوحدّة . وسوف أقتبس مقولة هنريك إبسن أن أقوى الرجال دائماً وحيدون . حسناً ، فإنني لم أفكر يوماً ، أنه لو جاء إلى غُرفتى بضع فتيات فاتنات شقروات وجعلوني أشعُر بالمُتعة فإنني سوف أشعُر بشعور أفضل ، لا فذلك لن يُساعدني إطلاقاً . أوه هذه هي ليلة العُطلة ، ماذا سوف تفعل الليلة؟ فقط سوف تجلِس هُنا؟ حسناً ، نعم . لأنهُ لا يوجد شيء بالخارج . فقط التفاهات والبشر الأغبياء المُختلطين بأشخاص آخرين أغبياء مثلهم ، لنترُكهم أنا و أنت فى غبائهم .وأيضاً فإنني لم أشعُر يوماً باللهفة للخروج للتسكُع ليلاً. أحيانا أختبئ وألتجأ للبارات لإننى لا

هذا هو الإنسان - نيتشه

صورة
تحسّبَاً لكوني سأضعُ البشريَّةِ عمّا قريبٍ أمامَ إلزاماتٍ جَسيمةٍ لم يُعرَف لها مثيلاً في السّابقِ ، فإنَّهُ يبدو لي منَ الضّروريِّ أن أقولَ لكم من أنا ؟ ، مع أنَّهُ من المُفترضِ ، في الواقعِ ، أن يكون الناسُ على علمٍ بذلكَ ، لأنني لم أدعْ نفسي أظلّ ( نكرةً ) . غير أنَّ عدمَ التناسبِ بين جَسامةَ مهمتي وحقارةَ مُعاصريِّ قد تجسّدَ في أنني بقيتُ لا أُسمَعُ ، بل ولا أُرَى حتّى. إنني أَحيا على الرَّصيدِ الذي كونتهُ لنفسي ، أنا مثلاً لستُ فزاعةً على الإطلاقِ ؛ ولا أنا غولٌ أخلاقيٌّ ، بل إنني من طبيعةٍ نقيضةٍ لذلك الصّنفِ من البشرِ الذين ظلَّ الناسُ يُقدِّسونهم حتى الآن كأمثلةٍ للفضيلةِ ، بل لأقولها بيني وبينكم ؛ إن ذلك بالذَّات هو ما يبدو لي أحدَ عناصرِ اعتزازي بنفسي ، فأنا تلميذٌ لديونيزوس ، وإني لأُفضِّل أن أكونَ مُهرِّجاً على أن أكون قديساً. - إن آخرَ مايُمكنُ لي أن أعِدَ به هو إصلاحُ البشريَّة ؛ كما أنني لن أُشيِّدَ أصناماً جديدةً ، وليعلمَ القُدامى مالذي يجلبهُ الانتصابُ على قدمينِ من صَلصالٍ ، تحطيمُ الأصنامِ هي حِرفتي. ومن يعرفُ كيفَ يتنفسُ الهواءَ الذي يملأُ كتاباتي ؛ يُدرِك أ

مشكلة سبينوزا

صورة
إن كان سقراط قد دفع حياته ثمنًا لمخالفته الآراء السائدة في عصره، فإن سبينوزا قد دفع ثمن تمسكه بآرائه الفلسفية والدينية، فطاله قرار (الحرم اليهودي) حتى مماته. فلم يتعامل مع يهودي مدة عشرين عامًا، بما في ذلك أخيه وأخته! لوحة سبينوزا والحاخامات تصور لوحة «سبينوزا والحاخامات» (1907)، للفنان البولندي «صموئيل هيرشنبيرج» الفيلسوف الهولنديّ اليهودي باروخ سبينوزا وهو مُستغرقًا في قراءة كتاب في طريق مرصوفٍ بالحصى. بعد أن صدر بحقه حُكم النبذ والطرد الذي أنزله الحاخامات بسبينوزا، والذي جاء فيه: “لقد قررنا إقصاء وطرد ولعن واحتقار المسمى “باروخ سبينوزا”، فلتنزل عليه اللعنة في نومه وصحوه، وأثناء دخوله وخروجه، وليحرمه الله من عفوه إلى الأبد، وليصب عليه جام غضبه ويسومه ألوان العذاب المذكورة في الكتاب؛ وليمحى اسمه من العالم”. ولكي يكتمل الحكم، أردفوا العقاب الإلهي بعقاب إنساني مقتضاه: “لا أحد يقدم له المساعدة، ولا أحد يقترب منه بأقل من أربعة أدرع، ولا أحد يقتسم معه نفس السقف، ولا أحد يقرأ له كتاباته”. تُظهر اللوحة كيف يمتثل الحاخامات لحكم النبذ ويرتدون في الخلفيّة مروَّعين من سبينوزا وكأنّه يم

أنطون تشيخوف _ الخال فانيا

صورة
سوف نعيش يا خالي فانيا. سنعيش عددا عديدا من الأيام و الأمسيات الطويلة. و سنتحمل بصبر تلك المحن التى ستبلونا بها الأقدار. سوف نكدح للآخرين الآن و فى شيخوختنا، دون أن نذوق طعم الراحة، و عندما يدنو أجلنا سنموت مذعنين، و هناك خلف التابوت سنقول إننا عانينا، إننا بكينا، إننا قاسينا المرارة، و سيشفق الله علينا، و سنرى يا خالي، يا خالي العزيز، حياة مشرقة، رائعة، جميلة، و سنفرح، و ننظر إلى بؤسنا الحالي بتأثر و ابتسامة، و نرتاح. إننى أومن يا خالي.. أومن بحرارة و قوة.. سنرتاح! سنسنمع ترانيم الملائكة، و سنرى السماء مرصعة بالماس، سنرى كيف تغرق كل شرور الدنيا، كل آلامنا فى بحر الرحمة، الذي سيغمر العالم كله، و ستصبح حياتنا هادئة رقيقة عذبة كالحنان. أنا أومن، أومن.. يا خالي فانيا المسكين، أنت تبكي..أنت لم تعرف الفرح فى حياتك، لكن مهلا، مهلا يا خالي فانيا..سوف نرتاح..سنرتاح!

ثلاثة مشاعر _ برتراند راسل

صورة
ثلاثة مشاعر، بسيطة لكنها غامرة بقوة، تحكمت في حياتي: اللهفة للحب، البحث عن المعرفة، والشفقة التي لا تطاق لمعاناة البشر. هذه المشاعر، مثل العواصف العظيمة، عصفت بي هنا وهناك، في مسار صعب المراس، على محيط عميق من الكرب، يصل إلى حافة اليأس البعيدة. سعيت للحب، أولًا، لأنه يأتي بالبهجة الشديدة – والبهجة شيء عظيم لدرجة أنني مستعد أن أضحى بباقي عمري من أجل ساعات قليلة من هذه السعادة. سعيت إليه، ثانيًا، لأنه يخفف الوحدة – هذه الوحدة الشنيعة التي تجعل الوعي المرتعش للشخص ينظر من على حافة العالم إلى الجحيم البارد المبهم الخالي من الحياة. سعيت إليه، أخيرًا، لأنه بالتوحد مع الحب رأيت، بصورة صوفية، الرؤية المتنبئة للجنة التي تخيلها القديسين والشعراء. هذا ما كنت أسعى إليه وبرغم أنه ربما يبدو جيدًا جدًا بالنسبة لحياة بشرية، هذا هو ما وجدته، أخيرًا. بشغف مساوي سعيت إلى المعرفة. تمنيت أن أفهم قلوب البشر. تمنيت أن أعرف لماذا تلمع النجوم. وحاولت أن أدرك القوة الفيثاغورية التي تسيطر فيها الأرقام على تدفق الأشياء. قليل من هذا، وليس الكثير، استطعت أن أحققه. الحب والمعرفة، بحسب ما كانا ممكنين، قاداني

حكم نيتشه الأربعة

صورة
ان أول حكمة بشرية أعمل بها هي أن أستسلم لخداع الناس فلا أضطر إلى الوقوف أبداً موقف الحذر لأن في الناس من يخدعون. ولو أنني وقفت هذا الموقف في العالم أكان يتسنى للإنسان أن يثقل منطادي فيمنعه من الانفلات والانطلاق إلى أبعد الآفاق؟ إن إغفالي للحذر إنما هو عناية تسهر علي لإيصالي إلى ما هو مقدور. إذا أنت امتنعت عن الشرب من كل كاس فإنك هالك ظمأ، فإذا أردت أن تبقى طاهراً بين الناس فعليك أن تتعود الاغتسال بالماء القذر. لكم ناجيت قلبي، فقلت له: صبراً أيها القلب الهرم، إنك لم تفلح بهذه النقمة فتنعم بها كأنها نعمة. وهذه حكمتي البشرية الثانية: إنني أداري المغرور بأكثر مما أداري الفحور، لأن الغرور الجريح مبعث كل النائبات، في حين أن العزة الجريحة تستنبت جرحها ما هو خير من إذا لم يحسن الممثلون لرواية الحياة أدوارهم فيها فخير لك ألا تشهدها؛ وليس أمهر من أهل الغرور في التمثيل لأنهم يقومون بأدوارهم وكل إرادتهم متجهة إلى اكتساب رضى المشاهدين وإعجابهم، وهم لا يدخرون وسعاً في سبيل خلق شخصيتهم وتمثيلها، لذلك يلذ لي أن أنظر من خلالهم إلى الحياة فهم خير دواء للسوداء. إنني أداري أهل الغرور لأنهم

نحن الوحيدين جدًا كـ آخر طفل على الأرض في مدينة الموتى

صورة
نحن الوحيدين جدًا , لا نجتمع إلا في صفحات كاتب سودوي يعرف عن الوحدة..نحن أبناء حزن “فرانز كافكا” ، فلسفة “نيشته” ، اكتئاب “دستوفيسكي” و عبثية “البير كامو”..نحن كل الكتابات الحزينة التي كتبها أُدباء مجهولون كانوا يعانون من الوحدة و الحزن ، نحن مقطوعة حزينة لعازف انتحر من الاكتئاب ، نحن الخطوط التي رسمها “ڤان جوخ” بيدٍ مرتعشة قبل أن ينتحر ، الكلمات الأخيرة لـ “دليدا” قبل انتحارها و الرعشة الأخيرة لـ “غاندي” قبل أن يُغتال..نحن أصحاب الجداريات الحزينة في الأزقة و الحواري ، قاطني العشوائيات الفقيرة المزينة بالكذب والنفاق ، نحن أولئك الذين نُسلوا من كل من كان يعاني من متلازمات الخوف و اضطرابات الاكتئاب..نحن أولئك الذين يجلسون في الصفوف الأخيرة في المحاضرات لا يلاحظ أحد وجودنا و لا يهتم أحد بغيابنا ..نحن أصدقاء الليل و الحزن و الاكتئاب ، نحن من لا يعرف أحد حقيقتنا و مهما اقترب منا أحد لا يحظى إلا بالقليل جدًا عنا..نحن الوحيدين جدًا الذين لا يملكون شخص يبكون معه على الأشياء التافهة قبل الهامة ، نحن أولئك الذين اعتادوا الفقد و الألم و الوجع ، الذين يتألمون لبكاء الأطفال ، للمشاهد الدموية

لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده \ فان جوخ

صورة
مقطع من رسالة انتحار فان جوخ لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده ... عزيزى ثيو: إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة... إننى أتعفن مللا لولا ريشتى وألوانى هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد.. كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن.. ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التى يتعثر بصرنا بها كل يوم. كل الألوان القديمة لها بريق حزين فى قلبى. هل هى كذلك فى الطبيعة أم أن عينىّ مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها. فى قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألوانى أن تظهرها، فى حقول (الغربان) وسنابل القمح بأعناقها الملوية. وحتى (حذاء الفلاح) الذى يرشح بؤسا.. ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة... للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها فى الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك. اليوم رسمت صورتى الشخصية ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسى: أيها الوجه المكرر، يا وجه فانسان القبيح، لماذا لا تتجدد؟ أبصق فى المرآة وأخرج... واليوم قمت بتشكيل وجهى من جديد، لا كما أرادته الط

الزوال _ سيغموند فرويد

صورة
هناك مقال عظيم كتبه "سيغموند فرويد" يسمى "عن الزوال" وفيها يستشهد بمحادثة اجراها مع الشاعر "ريلكيه" عندما كانا يسيران بجانب حديقة جميلة، وفجأة بدا على "ريلكيه" أنه على وشك البكاء! سأله فرويد ماذا بك؟ انه يوم جميل وهناك نباتات جميلة من حولنا، وهذا رائع! ريلكيه قال: حسنا لا أستطيع تحمل حقيقة أنه في يوم ما كل هذا سيفنى! كل هذه الأشجار، كل هذه النباتات، كل هذه الحياة تسير إلى الاضمحلال، يذوب كل شيء في اللامعنى.. عندما تفكر في أن الزوال او عدم الثبات هو شيء حقيقي فعلاً. لعل أعظم مشكلة وجودية هي الكون، وأنا حقيقة صدمت بهذا... ربما هذا السبب أنه عندما نحب، نشعر بالحزن نوعا ما، هناك حزن في الوصول للنشوة، الأشياء الجميلة أحيانا تجعلنا نشعر بالقليل من الحزن وذلك لأن ما يشيرون إليه هو (الإستثناء)، رؤية شيء أكبر .. رؤية لما وراء الأبواب المغلقة، حفرة لنسقط فيها، ولكن بشكل مؤقت.. وأعتقد بنهاية المطاف، أنها مأساة. هذا هو السبب في أن الحب يملأنا بالفرح والكآبة في وقت واحد، هذا هو السبب أنه أحيانا أشعر بالحنين على شيء لم أفقده بعد، لأنني أرى زواله! وكيف

عندما ينطفئ وَهج الحُرية _محمد أحمد

صورة
عندما ينطفئ وَهج الحُرية، وتَمرض الإنسانية، ويَزول الوعي، ويَسود الفِكر السَلبي أو المتعفن أو الرِجعي أو الجاهل ...بدون أي محاولة للتَشكيك به في المجتمعات التقليدية المحتقرة لكل أساليب الحياة أي بمعنى أغلقت علىٰ أنفسها برفض كل مصادر الإنسانية والحرية الفكرية وحرية الأفراد بتقييدها أو تحريمها أو رفضها بكل السبل لا بدّ أن يخرج كل تنويري أو مثقف من جحره مخاطراً بحياته وبكل أشيائهُ الجميلة لإشعال وهج الحرية وإنقاذ الإنسانية وأحياء الوعي ونشر الثقافة بكافة فروعها واختصاصاتها سواء إن كانت عن طريق الكوميدية أو بكل جدية .. فإن هذا العاتق يقع عليه وإن لم يخرج من جحره فلن تسامحه إنسانيته أو ضميره أو ما هو عليه، يجب عليه أن يخرج من كهفه صارخاً لاعناً بوجه الحكام والزعماء والقيادات ، يجب عليه أن يخرج بكل قوة معلناً الثورة على كل الأفكار الرجعية المتخلفة. ... حين تسيطر المذاهب والتقاليد والأعراف والانتماءات والموروثات بكل قسوة وظلم ومهانة وطغي وتبلد على المجتمعات والأفراد وحتى الأفكار والمؤسسات التعليمية والطبية والعلمية والفنية، حينئذ يكون ناتج تلك السيطرة مجتمعات منغلقة على أنفسها بكل أسا

قصة قصيرة للكاتب الإسباني رافائيل نوبوا بعنوان (أخي بابلو)

صورة
لم أسامح أبدًا أخي التوأم الذي هجرني لست دقائق في بطن أمي، وتركني هناك، وحيدا، مذعورًا في الظلام، عائما كرائد فضاء في ذلك السائل اللزج، مستمتعا إلى القبلات تنهمر عليه في الجانب الآخر. كانت تلك أطول ست دقائق في حياتي، وهي التي حددت في النهاية أن أخي سيكون الإبن البكر والمفضل لأمي. منذ ذلك الوقت، صرت أسبق بابلو في الخروج من كل الأماكن: من الغرفة، من البيت،من المدرسة، من القداس، وحتى من السينما مع أن ذلك كان يكلفني مشاهدة نهاية الفيلم. في يوم من الأيام، التهيت، فخرج أخي قبلي إلى الشارع، وبينما كان ينظر إلي بابتسامته الوديعة، دهسته سيارة. أتذكر أن والدتي لدى سماعها صوت الضربة هرعت من المنزل ومرت من أمامي راكضة تصرخ باسمي، ذراعاها ممدودتان نحو جثة أخي. أنا لم أصحح لها خطأها أبدا !

ما لا أُحبُّهُ في المُجتَمَعِ المُعاصِر، كينونة الإنسان ، إريك فروم

صورة
هناك أشياءَ كثيرة أكرهُها في المجتمعِ المُعاصِر ، و أولاً أودُّ أن أعبِّر عن كرهي لحقيقةِ أنّ كلّ شيء وكلّ شخصٍ تقريباً للبيعِ. ليس فقط السِّلَع والخدمات ، بلّ الأفكار ، الفنّ ، الكتب ، الأشخاص ، القَناعات ، الشعور ، الابتسامة كلّها تحوَّلت إلى سِلَعٍ ، وكذلك الإنسانُ كلُّه ، بكلِّ جوارحهِ وإمكانياتهِ. يترتّب على ذلك أن قلَّة قليلة من النّاسِ يمكنُ الوثوقَ بها. لا يقتضي بالضرورة أني أقصد عدم النّزاهة في العملِ أو الاستخفاف بالعلاقات الشخصيّة ، بل أقصد شيئاً أعمق : عندما يكون الإنسان للبيعِ ، كيف نثق أنّه سيكون غداً هو نفسه الذي نعرفهُ اليوم ؟ كيفَ أعرف من هو ؟ أو لِمن سأمنَحُ ثقتي ؟ كيف أثِقُ أنّه لن يقتلني أو يسلبني ؟  فكرة أخرى وثيقةَ الصّلة بسابِقتها : ينزع الجيل الجديد لامتلاكِ طبع تشكَّل بقوّة بفعلِ الأنماط التقليديّة والحاجة إلى تكيُّف ناجح. يميل الكثيرون من الجيل الشابّ إلى عدم امتلاك طَبعٍ على الإطلاق ، ولا أعني بذلك أنّهم غير نزيهين ، بل إنّهم يعيشون عاطفيّاً ، ويتكلّمون فكرياً من الفمّ إلى اليدّ. يُشبِعون حاجاتهم فوراً ، وهم قليلو الصّبر على التعلُّم ، ولا يستطيعون ا

رؤية سينيكا للقلق وعلاجه من وجهة نظره

صورة
يعد سينيكا واحدا من أبرز فلاسفة القرن الأول، وقد أوضح بصورة أساسية المشكلات الأخلاقية التي إذا ما عولجت على نحو سليم، فإنها ستمكن الإنسان من بلوغ السعادة والأمن والخير، وبالإضافة إلى ذلك فقد حارب الانفعالات ودعا إلى لغة العقل المتزن، كما داعب سينيكا في رسائله أحد أكبر مخاوف عصرنا الحالي وأعراضه المزمنة وهو القلق الذي يفسد على المرء حياته. يتناول التقرير التالي نبذة عن رؤية سينيكا للقلق وعلاجه من وجهة نظره. "نحن في الحقيقة نعرف القليل عن الحياة، حتى أنه يصعب علينا التمييز حقا بين الخبر الجيد والسيء". هذا ما قاله الكاتب الأميركي الشهير كورت فونيغوت، ومن قبله كتب آلان واتس عن تعلم عدم التفكير من منطلق الربح أو الخسارة "إن الطبيعة برمتها هي عملية متكاملة من التعقيد الهائل، ومن المستحيل التيقن تماما إذا ما كان الشيء جيدا أو سيئا"، ومع ذلك، فإن معظمنا يقضون مساحات من أيامهم في قلق بشأن احتمال وقوع أحداث سلبية، وخسائر محتملة. في الثلاثينيات، قام أحد القساوسة بتقسيم القلق إلى خمس فئات من المخاوف، أربع منها خيالية والخامسة "مخاوف ذات أساس حقيقي"، تحتل

نعيش أو نموت - غييرمو ديل تورو

صورة
نحن نعيش أو نموت تحت طغيان الكمال والمثالية. مجتمعياً، نحن مدفوعين نحو بلوغ الكمال. بدنياً، جمالنا يجب أن يتوافق مع معايير قاسية وغير مألوفة. أن نتعامل ونعيش بطريقة محددة، لكي نظهر للعالم إننا نعيش بسعادة وصحة جيدة وإن حياتنا مليئة بالمسرات. يخبروننا، عبر إعلانات عديدة للشامبو أو نوع من المشروبات، أن نبتسم دائمًا وان لا نظهر قلقنا. وأنا أشعر أن أكثر هدف ممكن تحقيقه في حياتنا هو إن نحظى بالحرية التي يمنحنا إياها افتقارنا للكمال. وليس هنالك قديسٌ راع لعدم الكمال أو المثالية مثل الوحش. سنحاول ببأس شَدِيد لكي نكون ملائكة. لكن أنا أعتقد إننا كي نعيش حياة متزنة وحكيمة يجب أن نتقبل الجانب الوحشي في أنفسنا وفِي الآخرين كجزء من كوننا بشر. عدم الكمال، ان نتقبل واقع إننا لسنا مثاليين، يقودنا للتسامح ويحررنا من النماذج الإجتماعية التي تبدو لي مريعة وظالمة. - غييرمو ديل تورو

البشر

صورة
البشر، كصنف من الكائنات، يقومون بشكل مستمر وبكل طريقة موجودة، بمقارنة أنفسهم بالآخرين، والذي، بالنسبة لطبيعة وجودهم القصيرة، يبدو كشذوذ وفي واقع الأمر مضيعة للوقت. رغم ذلك، هذا هو الدافع المؤثر خلف كل تقدم إنساني إجتماعي، التقدم في صحتهم العاطفية وإحساسهم بالسعادة، وللأسف، أعظم مآسيهم أيضاً. كما لو إن شيئاً كان قد ساعدهم على العمل والعيش بشكلٌ جيد قد فُقد منهم، وهم يسعون في تعطش لذلك الشيء المفقود بوسائل غريبة متعددة، ولا شيء منها ينفع. والمآساة الأعظم هي أن القليل منهم يدركون أنهم مصابون بهذا المرض. وهذا يبدو غريباً أيضاً لأنه شيءٌ واضح. بالتأكيد أنه يقتلهم، ورغم ذلك يساعد باستمرارية نظامهم الاجتماعي والاقتصادي. إنهم أناس مليئين بالجمال لكنهم يملكون مشكلة فظيعة. - دونالد ميلر

اعترافاتِ جان جاك روسّو

صورة
إنَّني مُقدِمٌ على مشروعٍ لم يسبقهُ مثيلٌ ، ولن يكونَ لهُ نظيرٌ ، إذ أنَّني أبغي أن أعرِضَ على أقراني إنساناً في أصدقِ صور طبيعته ، وهذا الإنسان هو أنا ، أنا وحدي ! فإنِّي أعرِفُ مشاعِرَ قلبي ، كذلكَ أعرِفُ البشرَ ، ولستُ أراني على شاكِلَةِ غيري ممَّن رأيتُ ، بل إنّني لَأجرُؤُ على أن أعتقِدُ بأنني لم أُخلَقُ على غرارِ أحدٍ ممّن في الوجودِ. وإذا لم أكُن أفضلَ منهم ، فإنّي على الأقلّ أختلِفُ عنهم. ولن يتسنّى البتّ فيما إذا كانت الطبيعةُ قد أصابت أو أخطأت إذ أتلَفَت القالَب الذي صاغَتني فيه إلّا بعدَ قراءةِ هذه الاعترافاتِ. فإذا ما انطلقت آخرُ صيحاتِ بُوقِ البعثِ ، عندما يُقدَّرُ له أن يَدويّ ، فلسوفَ أمثُلُ أمامَ الحاكِمِ العادِلِ ، وهذا الكتابُ بين يديّ ، ولسوفَ أقول في رباطةِ جأشٍ : هذا ما فعلتُ ، وهذا ما فكَّرتُ ، وما كُنتُ. لقد رويتُ في كتابي الطّيّبَ والخبيثَ على السّواءِ بصراحةٍ ، فلم أمحُ أيّ رديء ، ولا انتحلتُ زوراً أيّ طيبٍ ، وإذا كنتُ قد استخدمتُ بعضَ التزويقِ الفارغِ - بين وقت وآخر - فما ذلك إلّا لأملأ فراغاً نشأ عن نقصٍ في الذاكِرةِ. لقد صوّرتُ نفسي على حقيقتها : في ض

يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا

صورة
يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا ، حقيقتانِ ترفضهما الأغلبية ؛ لأنّ الأغلبيةَ تناُم كلَّ الوقتِ الذي تحياهُ وتخشى أنْ تستيقظَ لحظةَ الهلاك . العزلةُ هي إحدى مدارسِ الموتِ التي لنْ يصلها العاميُّ أبدًا ، الكمالُ لا يكونُ خارجها ، بل هو أحدُ جوائزِ العزلة . و إذا كانَ لابدَّ منْ تقسيمِ البشر ، فهم ينقسمونَ إلى ثلاتِ أنواع : المسرنمون ، وهم وحدة ؛ و العقلاءُ و الحساسونَ وحدةٌ أخرى ، إنهم أولئك الذين يعيشونَ حياتهم على جبهتين ، و الذين - رغم علمهم بما ينقصهم - يبحثونَ عمَّا هو بعيدُ المنالِ و لنْ يجدوهُ أبدًا ؛ ثم الروحانيون ثنائيو الولادة ، الذين يتجهونَ نحوَ الموتِ بخطواتٍ متساوية ، ليموتوا في نفسِ الوقتِ وحيدينَ و كاملين . لا يختارونَ الزمانَ ولا المكانَ و لا الطريقة ، معلنينَ بذلك رفضهم للطوارئِ و الإحتمالات . إن المسرنمين همُ الوثنيون ، العاقلونَ و الحساسونَ هم المؤمنون ؛ أما الروحانيون ثنائيو الولادة ، فهم يعشقونَ ما لا يقدر على تخيّلهِ الأوائل ، و ما لنْ يستطيعَ تصوّرهُ العاقلاء الحساسون ، إنّهم بشرٌ كاملونَ و هكذا لن يذهبوا بحثًا عمَّا وجدوه ، بل و لنْ يحبوه ، لأنهُ يكمنُ بداخله

مصباح ديوجين

صورة
ديوجين يوناني عاش في أثينا خلال القرن الثالث قبل الميلاد وكان يلقب نظراً لأسلوب حياته، بالـ ( Cynic) وهي كلمة إغريقية تعني بالإنكليزية (dog) ومن هنا جاء اسم الاتجاه الفلسفي المعروف بالـ (Cynicism) أو الكلبية، وأُعتبر ديوجين أحد أهم الفلاسفة الكلبيين. بالنسبة للكلبيين فقد كانوا يرون أن السعادة هي المقدرة على التخلي عن كل شيء.. وأنها تتحقق بالعيش وفقاً للطبيعة وعبر تحقيق الاكتفاء الذاتي بالاستغناء عن كل ما هو زائد عن الحاجة .. طبعاً لا يعتبر المذهب الكلبي مدرسة فلسفية منظمة بكل معنى الكلمة وإنما كان طريقة حياة أكثر من كونه نظام فلسفي.. كانوا يرفضون كل ما هو سائد من أعراف وقوانين وعادات وتقاليد ولم تكن نظرة الناس إليهم تهمهم في شيء. أمضى جل حياته داخل برميل مسكنا له وكان يوقد مصباحا في واضحة النهار ويمشي في شوارع أثينا مدعيا انه يبحث عن الإنسان الفاضل الحكيم، الإنسان الذي لا يوجد بين سكان المدينة . اختار ديوجين ان يعيش حياة الحرية والتحرر رغم انه سجن وعذب وبيع مرة للقراصنة في سوق العبيد وتهكم من بائعيه ليقول لهم خذوني أيها العبيد فانتم في حاجة لسيد. لم يكن يملك أي شيء، وكان

إن كنت ستحاول فاذهب حتى النهاية ، وإلا فلا تبدأ ! - تشارلز بوكوفسكي

صورة
إن كُنْت ستحاول، فأذهب حتى النهاية. خلاف ذلك، لا تبدأ حتى. هذا قد يعني خسارة الصديقات الحميمات، الزوجات، أقاربك، وربما ستخسر عقلك حتى. قد يعني ذلك أن لا تأكل لثلاثة أو أربعة أيام. وقد يعني أن تتجمد على مقعدٌ ما في الحديقةٌ العامة. قد يعني حبسك في السجن. وقد يعني ذلك تعرضك للازدراء. وقد يعني السخرية والعزلة. العزلة هي الهبة. كل الآخرين هم اختبار لقدرة تحملك، لمقدار رغبتك الحقيقة في فعلها. وستفعلها، على الرغم من الرفض وأسوأ الاحتمالات. وستكون أفضل من أي شيءٌ آخر يمكنك تصوره. إن كنت ستحاول، فأذهب حتى النهاية. لا يوجد شعورًا مشابهٌ لذلك. ستكون وحيداً برفقة الآلهة، والليالي ستشتعل بلهيب النيران. ستخوض الحياة مباشرة نحو الضحكة المثالية. أن هذا وحده هو القتالٌ الجيد في الوجود. - تشارلز بوكوفسكي

الوهم _ إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّاك والبربري»

صورة
بعد عِشرة طويلة مع الشك، تصيرُ إلى شكل معين من الكبرياء: إنك لا تعتقد بأنك موهوب أكثر من الآخرين، إنما تعتقد بأنك أقل سذاجةً. حتى لو كنت تعرف أن فلانًا ذو مَلَكَات ومؤهلات تبدو هذه الخاصة بك بإزائها تافهةً، فإن هذا لا يشكل لديك أي فرق – إنك ستعتبره شخصًا، [إذ هو] غير ملائم لجوهري، وَحِلًا في اللا جدوى. حتى لو كان قد خاض في بلايا لا عدّ لها ولا اسم، فإنه سيبدو لك على الرغم من ذلك قد فشل في مجابهة الفريد، في مجابهة الخبرة الأساسية التي حزتها من الموجودات، من الأشياء، من الحياة. الطفل، الأطفال كافة، غير قادر على رؤية ما رأيته أنت وحدك، أنت، أكثر الفانين تحرّرًا من الوهم، دون أوهام بالنسبة إلى الآخرين وبالنسبة إلى نفسك. غير أنك ستستبقي وهمًا واحدًا على أي حال: ذلك الوهم المحكم والمتأصل في أن ليس لديك أي وهم. لن يمكن لأحد أن يخلّصك منه، إذ لن يكون لأحد في عينيك استحقاقُ أن يكون محرّرًا من الوهم بقَدْرك. مواجِهًا كونًا من المغفلين، فإنك سترى إلى نفسك متوحّدًا، مع عاقبة أنك غير قادر على فعل شيء لأيٍّ كان، كما لا يقدر أحد على فعل شيء لك. _إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّا

سنكون أصدقاء حين نفهم أننا لاشيء - محمد البوعيادي

صورة
سنكون أصدقاء حين نفهم أننا لاشيء، مفترقين أو مجتمعين، لا نكاد نشكل شيئا. يمكننا  أن نتحدث حين نعي أن اللغة غاية في ذاتها،  يمكننا أن نسكر معا حين نعلم أن الموت سكرة كبرى، وأن الحياة صحو خاطف، يمكننا  أن نتصالح مع الحميمية التي تشكل إلهاء جيدا، حين نعلم أن كلا منا كان من الممكن،  بفضل صدف زمكانية، أن يكون شخصا آخر. يمكننا أن نتجاوز كل التفاهات إذا علمنا  أننا أشد تفاهات الآلهة سخفا. وربما لا حاجة لنا سوى بالقليل من السخرية من المهزلة  التي صنعتها بنا الطبيعة، أجسادا ورغبات وأفكارا ولغات ونورونات تحترق عبثا. - محمد البوعيادي

معنى الحياة - فرويد

صورة
كتب فرويد في إحدى رسائله إلى ماري بونابارت بعثها إليها يوم 18 غشت 1937 ما يلي: نكون مرضى بمجرد ما نبدأ في السؤال عن معنى الحياة وقيمتها، ذلك لأن الاثنين (المعنى والقيمة) لا وجود لهما من الناحية الموضوعية. ما نكون بصدده في هذه الحالة هو أننا ببساطة نبوح بأن لنا مخزونا غير مشبع من الطاقة الرغبية، مخزونا يحصل أن يضاف إليه شيء يشبه الاختمار فيفضي بنا إلى الحزن والكآبة. أخشى أن يكون تفسيري هذا غير مناسب؛ لكوني ربما صرت ممعنا في التشاؤم. أتذكر بالمناسبة أكثر الوصلات الإشهارية الأمريكية وقاحة وشعبية. إنها تقول: 'لماذا يتعين عليك أن تعيش إذا كانت مراسم دفنك لا تزيد عن عشرة دولارات؟ !'.