المشاركات

عرض المشاركات من يناير ٢٥, ٢٠٢٤

المشي فلسفة

صورة
  لعل أزمة عالمنا المعاصر تكمن في محدودية أفقه وضيقه. فعلى رغم انفتاحنا على العالم بأسره من خلال تطور وسائل أو شبكات التواصل الاجتماعي المستمر والتطور التكنولوجي السريع، نبقى مأسورين ومحدودين في مكان وزمان خاضِعَين للهندسة والقياس. من غرفة ضيقة، ومن خلال شاشة صغيرة، نطل على عالم وهمي تبقى الشاشة حاجزاً بيننا وبينه، كما تبقى حجاباً للفكر الذي يختبر أمامها محدوديته، فنعيش على مسافة من الأشياء من دون لقاء فعلي يلمس داخلانيتنا. في ظل هذه الأزمة، شدد بعض الكتاب وعلماء النفس والفلاسفة على أهمية المشي الذي ليس مجرد رياضة كما يقول الكاتب الفرنسي المعاصر فريدريك غرو في بداية كتابه "المشي: فلسفة". فالسير على الأقدام يحرر الإنسان المعاصر ويشكل خلاصاً له، إذ يفكك القيود الاجتماعية والحواجز التي تحول دون لقائه مع نفسه ومع الطبيعة المحيطة به. فالمشي معنى واختبار لمفهوم فلسفي شغل الفلاسفة منذ القديم وما زال يشغلهم، وهو مفهوم "الحرية". يرى بعض الفلاسفة أن فن المشي لا ينبغي يتعلق بهدف أو رغبة في الوصول إلى وجهة معينة ، بل أن يمارس من أجل التجربة الجماليّة الخالصة التي لا غرض منها ،

أين كلّ شيء شكّلني وألّفني على ما أنا عليه؟ الدكتور شريف مبروكي

صورة
  مع التقدّم شيئاً فشيئاً في السنّ لم يعد ما يُضني النفس ويُكربها هو انحسار المستقبل وشحوب أفاقه، "فالمستقبل شيءٌ نادرٌ" كما يقول رونيه شار ولا ضنك العزلة وضعف الرغبة في الالتحام بأشياء العالم والاشتباك العبثي مع مفاهيمه وترهاته، ولا خيانات البدن المتلاحقة، ولا خيبات الأمل الضرورية لحيوية العقل، فهذه كلّها من طبيعة الأمور ومن جوهر الصيرورة، بل ما يضني حقاً هو الشعور" بانتهاء الماضي وتلاشيه التدريجي" من حولك،  وكأنّ المرء قد انبثق لتوّه من هوة سحيقة سرعان ما اختفت وأخذت معها كلّ شيء، وكأنّها لم تكن.  فيتساءل أين كلّ شيء شكّلني وألّفني على ما أنا عليه؟ أين كلّ ذلك الذي كنته؟ أين هم؟ أين كلّ تلك النساء والرجال الذين تقاطعت معهم،؟ أين عوالمي، أين أحلامي، أين عبثي ومراهقتي وحماقاتي؟أين غبائي الجميل، وعفويتي الطائشة؟  فيدرك أنّ الإنسان، رغم انّه مقذوف به نحو المستقبل، هو في الواقع رهينة ماضيه، نعم ولا شيء آخر، وتلك هي تراجيديته الأساسية.  وإذا عدتُ إلى برغسون (وغالباً ما أفعل) فسأقول أنّ "الإنسان" لا يعيش الحاضر أبداً، بل هو يقيم دوماً في ماضٍ مستمرّ في الحاضر (

لوحة الرأسان \ أوغست ليرو

صورة
   الرأسان ، هي لوحة رائعة.  تم إنشاؤه في عام 1898 بواسطة أوغست ليرو على جانب واحد من طاولة منحلة، تتشبك زوج من الأيدي غير المجسدة حول رأس مقطوع الرأس حديثًا.  في كل مكان، يشبك المتفرجون، العديد من النبلاء، أكتافهم مع بعضهم البعض ويرتعدون في مزيج من الصدمة والخوف والرهبة.  من الأعلى، شخصية مهيبة، ربما منحوتة، أو ربما نوع من القوة، تشير عن قصد بسيف حاد نحو مسرح الجريمة. وعلى جانب واحد من الطاولة، يخلق وميض الضوء المسبب للعمى مسارًا تخرج منه صورة ظلية سوداء غامضة. أوغست ليرو (الأخ الأكبر للرسام الأكثر شهرة جورج بول ليرو)، وهو يصور مشهدًا وحشيًا من عالم آخر، من الفن التاريخي الغامض.