المشاركات

عرض المشاركات من يوليو ٨, ٢٠٢١

في المرآة \ عبد الوهاب مطاوع

صورة
  سامحه الله أوسكار وايلد !. فمنذ أن قرأت له روايته الشهيرة «صورة دوريان جراي» منذ أكثر من عشرين سنة .. فتح أبواب الجحيم أمامي ، وعلمني هواية التفرس في وجوه الآخرين لاستجلاء حقيقتها .. وأفسد علي بعض معايري فأصبحت أرى الأسود أبيض والأبيض أسود والجميل قبيحا ، والقبيح جميلا .. _ففي هذه الرواية اللعينة روى أوسكار وايلد قصة لورد شاب ثرى وسيم بريء الملامح ، سعی يوما إلى فنان ، ليرسم له صورة فرسمه الفنان كما رأته عيناه : وجها بريئا جميلا وملامح طفولية ، وعلق دوریان جراي اللوحة في قصره ، وعاش حياته ولم يكن بريئا كما يبدو في ملامح وجهه ، ولا نبيلا كما يوحي مظهره ، وإنما كان وغدا أنانيا شريرا ، لا ترده قيود ، ولا تحكمه قيم. فخدع فتاة أخلصت له وتخلى عنها فانتحرت ، ومضى في الدنيا يجرى وراء أهوائه ولا يقيم وزنا لأخلاق ولا قيم ولا صداقة ، وكلما ارتكب جريمة جديدة أو أذى انساناً آخر نظر إلى وجهه في المرآة فرأى نفسه فيها شابا بريئا وسماً كما كان ، وحين التقي به شقيق فتاته التي حطم حياتها منذ عشرين سنة لينتقم منه لشقيقته ويقتله أنقذه من الموت نفس هذا الوجه البريء ، فقد توسل له دوریان جراي - کاذبا - ...

إعتراف تولستوي

صورة
  جاء في إحدى القصص الشرقية القديمة أن رجلاً كان يطارده وحش بري شرس، فلجأ الرجل إلى بئر لا ماء فيها لينقذ نفسه من شر الوحش. ولكنه لسوء حظه لم يدخل البئر حتى رأى في قعرها تنيناً فاغراً فمه ليبتلعه. فأخذ الرعب بمجامع قلب الرجل المسكين ولكنه لم يجرؤ على الخروج من البئر خوفاً من الوحش، ولا على النزول إلى البئر خوفاً من التنين. ولذلك عمد إلى غصن شجرة صغيرة كانت نابتة في شق من شقوق البئر. ولكن التعب أخذ من ذراعيه مأخذه فأدرك أنه هالك لا محالة، لأن الموت كان ينتظره في الأمرين جميعاً. ولكنه ظل متعلقاً بالغصن، وفيما هو ينظر إلى جذع الشجرة التي كان متعلقاً بها رأى جرذين : الواحد أبيض والثاني أسود يدوران حول جذع الشجرة، وهما يقرضانه بهمة ونشاط. رأى الرجل كل هذا وأدرك أن الغصن سيقع قريباً فيقع هو في فم التنين الذي كان يترقبه بفارغ الصبر. ولكنه رأى في الوقت نفسه بضع نقط من العسل على أوراق الشجرة  فمد لسانه وشرع يلحسها متناسياً شقاءه كله. هكذا اتعلق أنا بغصن شجرة الحياة، عارفاً أن تنين الموت ينتظرني، وهو على أتم الاستعداد ليمزقني ارباً ارباً. ولا أدري لماذا قُدر لي أن اتحمل كل هذه المشقات. ...