المشاركات

عرض المشاركات من مارس ٨, ٢٠٢٤

أعمق الساعات صمتًا \ فريدريك نيتشه

صورة
  ماذا جرى لي؟ لقد سادني الاضطراب؛ فأضعت هداي وأراني مندفعًا بالرغم مني إلى الرحيل والابتعاد عنكم وا أسفاه. أجل، على زارا أن يعود إلى عزلته، غير أن الدُّب يرجع إلى مغارته كئيبًا حزينًا، ماذا جرى لي ومن تُرى يضطرني إلى الرحيل؟ إنها «هي» مولاتي الغاضبة، لقد كلمتني فأعلنت لي إرادتها، وما كنت ذكرت لكم اسمها حتى اليوم، هي أعمق ساعاتي صمتًا وهي نفسها مولاتي القاهرة، كلمتني أمس. وسأقص عليكم ما جرى فلا أخفي عنكم شيئًا؛ كيلا يقسو قلبكم عليَّ وأنا أفاجئكم برحيلي عنكم. أتعلمون ما هي خشية من يستسلم للكرى؟ إنه الذعر يستولي على الإنسان من رأسه إلى أخمص قدميه؛ لأن أحلامه لا تبتدئ ما لم تنسحب الأرض من تحته. إنني أضرب لكم أمثالًا، فأصغوا إليَّ: أمس عند أعمق الساعات صمتًا خلت الأرض من تحتي وبدأت أحلامي. وكان العقرب يدبُّ على ساعة حياتي في خفقانها، وما كنت سمعت من قبل مثل هذا السكوت يسود حولي ويروع قلبي. وسمعتها «هي» تقول لي، ولا صوت لها: إنك تعرف هذا يا زارا. فصحت مذعورًا عند سماعي هذه النجوى، وتصاعد الدم إلى رأسي. فعادت هي تقول، ولا صوت لها: أنت تعرف هذا يا زارا، ولكنك لا تعلنه. فانتفضت وأجبت بلهجة الم

لوحة The Human Condition \ رينيه ماغريت

صورة
  لوحة "The Human Condition"  للفنان البلجيكي الشهير رينيه ماغريت رسمها سنة 1933 في أول نظرة نلقيها على اللوحة، تظهر لنا على انها مجرد لوحة عادية تصور مظاهرطبيعية، لكنها أعمق من ذلك .. بكثير. اثنان من المواضيع المفضلة لماغريت كانا "الwindow painting" و "painting within a painting"، هنا يقوم بجمع الثيمتين معا بطريقة عبقرية لتعطي معنى أكثر عمقا و فصاحة.  ماجريت كان مهووس بفكرة الrepresentation أو إزاي الفنان أو أي شخص عادي بينقل نظرته عن العالم الخارجي. في اللوحة مثلاً واضح إن مفيش تواصل بشكل مباشر مع المشهد الطبيعي لأنه متشاف من داخل مكان (جسم الإنسان) ومن خلال فتحة على العالم الخارجي (العين). ومش بس مفيش تواصل مباشر مع العالم الخارجي، ده كمان الصورة اللي بتوصلنا من خلال العين (الشباك\الباب) بتتغير وتترسم بشكل تاني وتتعرض في دماغنا على إنها هي نفسها المنظر الطبيعي وعلشان كده اللوحة المرسومة بتعوض اللي مفقود من المنظر الطبيعي وبتحجبه في نفس الوقت. وكأن ماجريت بيقولنا إن الإنسان عمره ما هيقدر يشوف الواقع كما هو لإنه متأثر أولاً برؤيته المحدودة (محدودية العين

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

صورة
  بينما نمضي في حياتنا اليومية، نعيش ما يبدو لنا أنه تيَّار مستمر من أحداث اللحظة الراهنة، ومع ذلك فإننا في الواقع لا نُدرك الأحداث المادية في العالم إلا «بعد» وقوعها بقليل. وفي الحقيقة، إن إحدى أكثر النتائج إثارةً للفزع في علم الأعصاب هي أن الوعي غالبًا ما يكون «آخِر مَن يعلم». تنتقل المعلومات البصرية، والسمعية، وأنواعٌ أخرى من المعلومات الحسية عبر العالم (وعبر جهازنا العصبي) بسرعاتٍ مختلفة. فالموجات الضوئية والموجات الصوتية التي تنبعث لحظة ملامسة كرة التنس لمضربك، على سبيل المثال، لا تصل إلى عينيك وأذنيك في الوقتِ نفسِه، وكذلك يحدث التأثير الذي تشعر به يدُك الممسكة بالمضرب في لحظةٍ زمنية مختلفة عنهما. ومما يَزيد الأمور تعقيدًا، أن الإشارات التي تتلقَّاها يداك وعيناك وأذناك تنتقل مسافاتٍ مختلفةً عبر الجهاز العصبي للوصول إلى دماغك (فيداك بعيدتان عن دماغك أكثر من بُعد أذنَيك عنها مثلًا). وفقط بعد تلقِّي الدماغِ جميعَ المدخلات ذات الصلة، تجري مزامنة الإشارات وإدخالها إلى تجربتك الواعية من خلال عمليةٍ تسمَّى «الربط»؛ وبواسطة هذه العملية ترى، وتسمع، وتشعر أن الكرة ترتطم بالمضرب في اللحظة ذ