الغوص في فلسفة العمل والإنشغال: قراءة متعمقة لمقولتي شكري والقصيبي

تمثل مقولتا الكاتب المغربي محمد شكري، "على المرء أن يبقى مشغولاً للحد الذي يلهيه عن تعاسته"، والوزير والشاعر السعودي غازي القصيبي، "العمل لا يقتل مهما كان شاقاً وقاسياً، ولكن الفراغ يقتل حتى أنبل ما في الإنسان"، رؤيتين متقاربتين في ظاهرهما، لكنهما تحملان عمقاً فلسفياً يستدعي التأمل والتحليل. كلتاهما تؤكدان على أهمية الانشغال والعمل كآليات لمواجهة تحديات الوجود الإنساني، لكنهما تنطلقان من منظورين مختلفين قليلاً في تشخيص الداء وتقديم الدواء. محمد شكري: الانشغال كآلية دفاعية ضد وعي التعاسة يرى شكري، الذي عرف بحياة صاخبة وقاسية صورتها سيرته الذاتية "الخبز الحافي"، أن الانشغال هو وسيلة للهروب من "الوعي بالتعاسة". التعاسة هنا ليست مجرد شعور عابر بالحزن، بل هي إدراك أعمق لمعاناة الوجود، للقلق الوجودي، وربما للعبثية التي قد تطغى على تفكير الإنسان إذا ما تُرك وحيداً مع أفكاره دون عمل يصرفه عنها. الانشغال عند شكري هو بمثابة "مخدر" إيجابي، درع واقٍ يحول بين الإنسان وبين الغرق في بحر سوداويته. فلسفياً، يمكن ربط رؤية شكري بالعديد من التيارات: الوج...