عندما تربط السعادة بالآخرين وبالمظاهر وبالثروة
عندما تربط السعادة بالآخرين وبالمظاهر وبالثروة: لن تعيش أبدا سعيدا. لقد صادفت التعساء فقط من هذه الطينة، سواء الأغنياء منهم أم الفقراء الطامحين إلى ذلك الغنى. السعادة الحقيقية لا توجد سوى في أعماقك، إنها ثمرة الوعي بالبساطة، أو البساطة دون وعي. إيمان عميق بالذات باعتبارها هباء، وثقة في النفس باعتبارها عدما، واستمتاع داخلي بالوجود أكثر مما هو خارجي. ليس ما يحدث الفارق هو أن تكون غنيا أم فقيرا، بل كيف ترى العالم، وكيف تفكر في صمت، وكيف تصاحب عزلتك. عزلتك الداخلية الوجودية طبعا (حتى وأنت وسط جمع غفير)، التي يجب أن تتحول إلى ملاذ وراحة وجنة وليس العكس. أما الوعي فمفتاح للسعادة كما هو مفتاح للشقاء أيضا. المرآة نفسها التي تنظر فيها إلى نفسك عابسا، أو مبتسما. تتعلم مع الوقت أن السعادة ليست هي الفرح المستمر، ولا القهقهات والانشراح والحبور ولا إلغاء الحزن، فالواقع بني بيد سرية على المتناقضات التي بعضها يكمل بعض، وبعضها يمنح المعنى والقيمة لبعض. بل السعادة شيء آخر. لا علاقة لها بفرح ولا بحزن. إنها: ثبات الأعماق بحياد ضد سيول الحياة (في كل حال تعيشه أو ظرف يمر بك سواء إيجابا أم سلبا)، إغراءاتها وخداعها البصري، مظاهرها المزيفة وسطحها المتحرك الذي لا يثبت على حال. تشبث بقيم الخير والجمال غير المشروطة وبالمحبة والعدالة والحرية.
وهي بذلك بالمجان، وهذا هو ما يجعلها أبعد ما يكون عن الاهتمام، وما يجعل الناس أيضا أبعد ما يكون عنها.
مرارا أجد السعادة فقط في: العودة إلى البيت، إغلاق الغرفة، التنصل من أغلب ثيابي، والجلوس وحيدا مع نفسي أطول مدة ممكنة، أقرأ أو أكتب أو أحلم أو أغفو.
إنها تقريبا فقط: الجلوس مع النفس.
- محمد بنميلود
تعليقات
إرسال تعليق