الفلسفة الطاوية
الطاوية هي فلسفة وديانة صينية شعبية
رغم وجود جدل واسع حول بداية ظهور الطاوية، وحول شخصية مؤسسها، إلا أن جل الباحثين يرجعونها إلى الفيلسوف الصيني : لاو تزي و الذي قام بتأليف كتاب الـ ( طاو طي جنغ ) هو الكتاب الذي تعتمد عليه الطاوية بشكل رئيسي و الذي يُعتبر رموزا غامضة لا يمكن أن تُفهم إلا على ضوء الشروح الموضِّحة؛ و يعتبر (شوانغ تزي) هو المؤسس الثاني الطاوية
مبادئ الفلسفة الطاوية :
-ترتكز الفلسفة الطاوية على مبدأ الـ ( طاو ) الأبدي، وإليه تنسب، فجميع المفكرين الصينيين قد أخذوا بفكرتي الـ ( طاو ) و الـ ( يانغ ) و الـ ( ين ) بأشكال مختلفة تتناسب ورؤيتهم الفلسفية للإنسان والمجتمع.
-قدمت فلسفة لاو تزي" علي أن الخلاص لا يمكن أن يتحقق بمحاولة إصلاح الأوضاع العامة و بالعمل الاجتماعي ، وإنما يكون بالابتعاد عن الحياة الاجتماعية، هذا الخلاص هو خلاص فردي منبعث من داخل النفس الإنسانية المنصاعة لقيادة الـ(طاو ) Dao - الأبدي السرمدي ،
-أما عن فلسفة "شوانغ تزي" فقد قامت أيضًا على أساس مبدأ وحدة الإنسان مع الـ ( طاو ) حيث يرى فيها تحقيق الحرية الفردية المؤدية إلى التحرر الكامل من قيود الحياة المادية .
-الطاو في اللغة الصينية القديمة يعني الطريق أو الطريقة أو السبيل أو الصراط أو النهج.
-يشبه المفهوم ( طاو ) - إلى حد كبير - العقل الأول عند فلاسفة اليونان وكذلك الـ ( براهمان ) عند الهندوس ، كما أن فلسفة الطاوية في ابتداء الكون تشبه نظرية التسلسل الفيضي . فالـ ( طاو ) يولِّد واحدا ، ومن الواحد يتولد الاثنان ومن الاثنين الثلاثة ومنها كل الموجودات.
-يأتي الـ ( طاو ) في كتاب الـ ( طاو طي جنغ ) على ثلاثة معان إجمالية :
1- الـ ( طاو ) بمعنى : طريق الحقيقة المطلقة ، وهو بهذا المعنى لا يمكن تعريفه أو رؤيته أو حتى تصوره بشكل واضح ، فهو غير محدود ، وبلا حدود أو شكل . هو مبدأ كل شيء . والـ ( طاو ) بهذا المعنى هو ما تحدثنا عنه سابقا ، وهو المعنى الأساسي له الذي يفهم منه عند الإطلاق
2- الـ ( طاو ) بمعنى : طريق الكون ، فهو المعيار والإيقاع وهو القوة وراء الطبيعة كلها والذي يسري بداخلها. هو روح وليس مادة . وهو طاقة لا تنفد ، يزداد تدفقا كلما استُمد منه . إنه خيّر ويهب الحياة للكل ، إنه " أم العالم " .
3- الـ ( طاو ) هو طريق الحياة البشرية حال انسجامها بـ ( طاو ) الكون.
-إن المفاهيم التي اكتسبتها هذه اللفظة تجعلها قابلة لتفسيرات شتى ، لكن الأساس يبقى أن الـ ( طاو ) هو مطلق الطاويين و هو مبدأ كل شيء ومآله ، لكنه لا يخرج عن مقتضى الكون والطبيعة الكونية
-لما برزت مع الطاوية فكرة الـ ( طاو ) الأول اعتُبرت الـ ( ين ) والـ ( يانغ ) متولدة عنه خاصة في تعاليم شوانغ تزي، المؤسس الثاني للطاوية، وتبعه على هذا القول جميع المفكرين الصينيين التقليديين من بعده، حيث يعتبرون هذه القوة الغامضة هي مبدأ العالم والكون، وأن الكون قد جاء إلى الوجود كنتيجة للتفاعلات بين قوتي الـ ( ين ) والـ ( يانغ ).
-يعد التوحد مع الـ ( طاو ) هو الهدف الرئيس في الفلسفة الطاوية ، حيث لا يمكن للإنسان أن يحقق السعادة والاستقرار النفسي إلا عن طريق هذه الوحدة . " وقوام الموقف الطاوي هو أن حيل البشر وأفاعيلهم تُفضي إلى الشر والتعاسة، ويتعين عليهم للعثور على السلام والرضا أن يتبعوا طريق الكون، أو ( طاو ) الكون، وأن يحققوا التوحد مع هذا الـ ( طاو ) ".
الفرق بين الفلسفة الطاوية والديانة الطاوية
ما سبق بيانه هو الفلسفة الطاوية بينما الديانة الطاوية تختلف في بعض الأمور عن الفلسفة الطاوية و إن كانت تأثرت بها إجمالاً؛ فقد بدأت الطاوية كفلسفة بحتة ولم تتخذ الطابع الديني إلا في القرن الثاني للميلاد تقريباً، عندما حُوِّلت بعض الأفكار والفلسفات القديمة إلى ما يشبه المعتقدات الدينية .
ويُذكر أنه لما يأس بعض تلاميذ لاو تزي من إدراك العقل البشري لكنه الـ (طاو) لم يجدوا بداً من أن يعلنوا أن ما لم يدرك بالعقل يدرك بواسطة السحر، ومن هنا نشأ مذهب الطاوية الديني، وهو مزيج من قواعد سحرية وتعاليم تصوفية.
ويعد شانغ المؤسس الحقيقي للديانة الطاوية. ففي عام 142 م ادعى شانغ داو لنغ أن لاو تزي ظهر له وأطلق عليه اسم المعلم المقدس وأمره بتأسيس فرقة : المعلمين القدسيين وهي أول حركة دينية طاوية.
تعليقات
إرسال تعليق