سيوران متحدثاً عن بيكيت


 

لفهم هذا الرجل المتقوقع على نفسه، يجب أن نركز على عبارة (تفكيك الذات)، الشعار الضمني لكل لحظاته، وكل ما يندرج تحتها من عزلة وتحفظ وعناد لهذا الكائن الانطوائي الذي يسعى بلا هوادة في مثابرة لا نهائية. في البوذية، يُقال عن الحذق الذي يسعى إلى التنوير أنه يجب أن يكون عنيداً مثل (فأر ينخر في تابوت)، فكل كاتب حقيقي يبذل جهداً مشابهاً، فهو المدمر الذي يُضيف إلى الوجود، ويُثري بتقويضه. (إن ما نملكه من وقتِِ على الأرض ليس مديداً بما يكفي لاستنزافه على أي شيء سوى ذواتنا)؛ ملاحظة الشاعر هذه تنطبق على من يرفض اللا جوهري والعرضي والآخر، وعليه فأن بيكيت أو فنه الأدبي المتفرد يشدد على أن يكون المرء ذاته. زد على ذلك، ليس هناك أنفة ظاهرية أو سمة أساسية تسم وعي المرء الفريد من نوعه، فلو لم تكن كلمة (الكياسة) قد وُجدت من قبل، لكانت اختُرعت لأجله. بالكاد يمكن اعتباره كائناً معقولاً لكنه مرعبٌ بكل تأكيد، لا يستخف بأحد ولا يدرك الوظيفة الصحية للضغينة وفضائلها المفيدة وميزتها التنفيذية. لم أسمعه يتحدث بسوءِِ ابداً عن أصدقاءِِ أو أعداء، وهو شكل من أشكال السمو الذي أشفق بسببه عليه، والذي عانى منه دون وعي. لو أنني حُرمتُ فضيلة الاحتقار، فأي مصاعبِِ ومتاعبِِ وتعقيداتِِ كنت سأواجه!.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل

تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش