الوعي و الإفراط في الإدراك
هناك دراسات نشرها الطبيب النفسي الاسكتلندي ر. د. لينج R D Laing عام ١٩٦٧ في كتابه (Politics of Experience) ترى أن الجنون قد يكون بوابة إلى مستويات عليا من الوعي و الإفراط في الإدراك، أو ما أسماه hypersanity، وهي أحد أصعب الأحاسيس التي تداهم الإنسان عندما يدرك بعمق كل ما يحيط به في العالم الداخلي والخارجي فيما لا يشعر به سواه، مما يفاقم شعوره بالغربة و عدم الإنتماء و البؤس.
كافكا : «إذا كان هناك ما هو أشد خطورة من الإسراف في المخدرات، فمن دون شك هو الإفراط في الوعي وإدراك الأشياء ..تبدأ حياتك بمحاولة فهم كُل شيء وتُنهيها محاولاً النجاة مما فهِمت»
دوستويفسكي: «أقسم لكم أيها السادة أنّ شدة الإدراك مرض، مرض حقيقي خطير! وإنّ إدراكاً عادياً كافٍ من أجل سعادة الإنسان»
سيوران: «الوعي لعنة مُزمنة وكارثة مهولة، إنه الإقصاء الحقيقي، فالجهل وطن والوعي منفى»
يقال أن الألم العظيم يجعل الذهن متقداً و يفتح بوابة الوعي، وقد يقود أحيانًا إلى الانتحار أو الجنون. ربما لأن بحثنا المستمر عن المعنى و الراحة من المعاناة يحفزنا على التخلي عن نماذجنا العقلية و قناعاتنا الراسخة التي نعتقد أنها جذر الألم ، و إستبدالها برؤى فلسفية و روحية جديدة قد تغير منظورنا بالكامل وطريقة وجودنا في هذا العالم.
يقول الفيلسوف و الطبيب النفسي نيل بيرتون في كتابة "فوق العقلانية (Hypersanity)":
"غالبًا ما يأتي الألم العظيم مصحوبًا بإحساس متزايد بالإدراك وحث شامل على فهم معاناة المرء ، وهذا بدوره يمكن أن يفتح الأبواب أمام المعنى و البصيرة والسكينة. لقد وجدت أن الألم العظيم هو إنذار روحي على مدار الساعة. يرن صراخها "استيقظ!" و تتطور العادات الروحية استجابة لذلك الإنذار. ليتحول المرء من حالة غياب الوعي والامتثال للنمط السائد إلى حالة الحضور الكامل والأصالة يتطلب الأمر كسر الحدود ، والألم العظيم له قدرة فريدة على هدم تلك الحدود "
الرافعي: "دقّةُ الفهمِ للحياة تُفسدُها"
أبو ماضي: "الحسُّ مجلبةُ الكآبة و الأسى"
كيركغارد: "كلما زاد الوعيُ زادت حدةُ اليأس"
تيشخوف: "كلما إزداد وعي المرء، إزداد بؤسه و شقاؤه"
تورغينيف: "من يعرف المزيد تداهمه الشيخوخة مبكراً"
هايدغر: "كلما ارتفع مستوى الوعي، زاد استبعاده من العالم"
تعليقات
إرسال تعليق