المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2025

تربية المقهورين \ باولو فريري

صورة
  زوجة تقتل زوجها، آباء يعاقبون أبناءهم بالضرب حتى الموت، وطالب يقتل معلّمته... هذا العنف المتزايد في مجتمعاتنا ليس عفويًا؛ بل هو نتاج واقع اجتماعي عنيف وظالم، يدعمه أولئك الذين يتحكمون بالسياسة المحلية والعالمية. في كتابه "تربية المقهورين"، يقول باولو فريري: "يُمارس العنف في المقام الأول من يضطهد ويستغل ولا يعترف بالآخرين كأشخاص، وليس من يُضطهد ويُستغل ويُنكَر. ليس تمرّد هؤلاء على القمع هو ما يجعلهم عنيفين، بل كونهم ضحايا عنفٍ هيكلي يجعلهم في دائرة العنف". ينفجر العنف، عندما تتخلى الدولة عن واجباتها في خلق فرص تضمن كرامة المواطنين، بدلًا من ابتكار أساليب لمعاقبتهم، وعندما تصبح المدارس أسواقًا تجارية والمعلمون مجرّد مندوبي مبيعات، وعندما تتحوّل منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحات صراعٍ مليئة بمشاهد دموية، تنشر الكراهية، وتحرّض على القتل بلا رقيب ولا حسيب. نعيش في عالمٍ يُمجّد المجرمين ويُجرّم القتلة. وتتشفّى فيه الشعوب بمصائب غيرها، ولم تعد  مشاهد الموت وسفك الدماء يثير تعاطفهم مع من يُعانون خارج حدود أوطانهم. "عنف الظالمين يمنع المظلومين من أن يكونوا بشرًا كاملي...

لماذا نرفض كل ما يساعدنا؟ لماذا نخاف من كل ما يحررنا؟ ‎فلاديمير جيكارنتسيف

صورة
  لماذا نرفض كل ما يساعدنا؟ لماذا نخاف من كل ما يحررنا؟ ‎رفض كل ما يساعدنا: عندما تنصح شخصاً ما بقبول الأمور الموجودة في داخله، والتي يرفضها، يستيقظ في داخله شعور واضح بالخوف والرفض. فهو يخشى من أن تقبّله لهذه الأمور سيجعله على شاكلة الذين يقومون بها فيصبح بقية حياته مثلهم. فمثلاً إذا نصحت شخصاً طبيعياً بأن يتقبل غريزة القاتل في نفسه، فإنه ينفر منك وينظر إليك على أنك عدوه. ‎عندما ترفض وجود أمر ما في نفسك فهذا يعني أنك غير راغب بالنظر إلى الحقيقة، ويعني أيضاً أنك لا تسمح لها بالوجود. فإذا كنت لا تسمح لأمر ما بالوجود فإنه يختفي آلياً من حقل بصرك الداخلي ويظهر في الخارج. لأن العالم الخارجي يعكس حالتك الداخلية. ‎متى تستطيع أن تتقبل؟ ‎فقط عندما تعرف، فمعرفتك للشيء تجعله يفشل في فرض سلطته عليك، لأنك ستلاحظ دائماً محاولات كهذه فتسيطر على الوضع. إن قبول شيء في داخلك لا يعني أنك ستصبح كذلك وأنك ستعيش هذا الأمر في حياتك. إن قبولك للشيء الذي ترفضه وتقيّمه تقييماً سلبياً، سوف يدخل الحب والسلام إلى حياتك. ‎رفض كل ما يساعدنا ‎إن كل الأشياء الموجودة في حياتك الآن هي نتيجة لدخول أفكار معينة إلى رأ...

كتاب المتلاعبون بالعقول \ هربرت شيلر

صورة
  كتاب "المتلاعبون بالعقول" للمؤلف هربرت شيلر، والذي نُشر عام 1973، يقدم تحليلًا نقديًا عميقًا لكيفية تأثير وسائل الإعلام في تشكيل الوعي العام والسيطرة عليه في المجتمع الأمريكي، وكيف يتم تصدير هذه الآليات الثقافية إلى بقية دول العالم. يمكن تلخيص الأفكار الرئيسية للكتاب في النقاط التالية: 1. نقد صناعة الوعي: يرى شيلر أن هناك صناعة نشطة تعمل على إنتاج وتوزيع "وعي مُعلب" عبر وسائل الإعلام، حيث تقوم مجموعة من الشركات الكبرى والمؤسسات المؤثرة بصياغة الرسائل والمعلومات التي تصل إلى الجمهور. هذا الوعي ليس محايدًا بل يخدم مصالح هذه القوى المهيمنة. 2. تفكيك أساطير الإعلام: يكشف شيلر عن خمس أساطير رئيسية تروجها وسائل الإعلام وتعمل على تضليل الجمهور وإخفاء آليات السيطرة الحقيقية: * أسطورة الفردية والاختيار الشخصي: يتم التركيز على حرية الفرد واختياراته، مع تجاهل التأثيرات الهائلة للمجتمع ووسائل الإعلام في تشكيل هذه الاختيارات. * أسطورة الحياد: تدعي وسائل الإعلام أنها تقدم معلومات محايدة وموضوعية، بينما هي في الواقع تحمل أجندات خفية وتوجهات معينة. * أسطورة الطبيعة الإنسانية الثا...

قِصة المِعطف لنيكولاي غوغول، في المِعطف ضاع الإنسان !

صورة
  في المِعطف ضاع الإنسان ! قِصة المِعطف لنيكولاي غوغول .. هي حِكاية ذاك المِسكين المسلوب، "أكاكي أكاكيفيتش" الذي عاش في الظلّ، المُوظف الذي سُجن في زنازين الدواوين، وانحصر في زوايا السكون، لا يُفرِح إن حضر، ولا يُفتقَد إن غاب. عمله نسخ، وعيشه نسخ، وصوته نسخ، وروحُه مسخ منزوٍ في ركن مغلوب، يسير في دربِ الحياة مُتدثرًا بذلّ الوظيفة، ومُتوسّدًا صقِيع الحاجة، يعيش على هامِش الحياة، هادئًا، خانعًا، راضيًا بكلّ ما أتته الأيّام من فُتات .. وكانت مُشكلته الوحيدة أنّ البرد في روسيا لا يُطاق، والشتاء لا يُعانَق. يا ويحَ هذا الأكاكي ! نشأ في عالم ما عرف له قلبًا، ولا أفرد له صدرًا، وما شمّ نسيمَ الحياة يومًا، كأنّه نبتة يابسة في صخر جامِد، كان قلبُه كالماءِ الراكد، لا موج فيه ولا اضطراب، لا غضب ولا عِتاب، لا يملك من أمر دنياه إلّا معطفًا باليًا، ومن أحلامِه إلّا أملًا واهيًا  في أن يقتني مِعطفًا جديدًا، يصونه من لسعاتِ الشتاء، ويُعيد له بعض كرامة بعثرها العراء .. آهٍ من أرض تضيق على الفقِير إذا أراد ستر عظم، أو وقاية جسم ! لقد جاع الأكاكي، وتجرّع مرارة الحرمان، وسار على رؤوس أصابعِه كي ...

ليس عليك أن تخاف من الموت؟ إبيقور

صورة
  تخيل جنازتك. كيف ستبدو؟ من سيكون فيها؟ ماذا سيقولون؟ لا بد أن ما تتخيله هو من منظورك الخاص. يبدو الأمر كما لو أنك ما زلت موجودًا هناك تشاهد الأحداث من مكان معين، أو ربما من الأعلى، أو على مقعد بين النادبين. الآن، يعتقد بعض الناس أن هذه إمكانية جدية، أننا في وسعنا بعد الموت أن نبقى على قيد الحياة خارج الجسد الفيزيقي باعتبارنا نوعًا من الروح التي قد تكون قادرة حتى على رؤية ما يجري في العالم. لكن بالنسبة إلى من يعتقد منا أن الموت ختامي، فثمة مشكلة حقيقية. في كل مرة نحاول فيها تخيُّل أننا غير موجودين، فعلينا فعل ذلك عبر تخيل أننا موجودين، ونشاهد ما يجري في حين أننا غير موجودين. سواء أكنت قادرًا على تخيل موتك الخاص أم لا، فيلوح أنه من الطبيعي كفايةً أن تكون في الأقل خائفًا قليلًا من عدم الوجود. من ذا لن يخاف من موته الخاص؟ إن كان ثمة أي شيء ينبغي لنا أن نكون قلقين حياله، فهو هذا بالتأكيد. يبدو معقولًا تمامًا أن تغتمّ حيال عدم الوجود حتى لو كان هذا سيحصل بعد سني عديدة. إنه أمر غريزي. قلة من الناس على قيد الحياة لم تفكر قطّ في هذا عميقًا. جادل الفيلسوف اليوناني القديم إبيقور (270-341 ق....

معرفة النفس \ العلم المرح "نيتشه"

صورة
  يقول نيتشه في العلم المرح : ننسى دائماً أن أشياء كبيرة وأشياء جميلة كثيرة لا ينبغي النظر إليها إلا عن بعد ، ومن الأفضل من تحت ، لا من فوق ، هكذا فقط يمكنها أن تحدث تأثيراً ،  ولعلك تعرف أناساً من حولك لا يحبذون النظر إلى أنفسهم إلا عن بعد ، كي يشعروا بأنفسهم محتمَلين أو جذّابين، أو مانحي قوّة .. إن معرفة النفس هي ما لا ينبغي أن ننصح به هؤلاء الناس ! برأيي ما طرحه هو واقعي جداً ، معرفة النفس سلاحاً ذو حدين ، فالغوص العميق في الذات قد يكشف ضعفها، تناقضاتها و هشاشتها ، وربما زيف بعض القناعات التي يبني عليها الإنسان صورته عن نفسه، وهذا قد يكون صادماً ومدمراً للبعض، خاصةً أولئك الذين يستمدون قوتهم من وهم صنعوه عن أنفسهم ، لذا الافضل بالنسبة لهؤلاء هو النظر إلى أنفسهم  عن بعد ، حيث تبدو صورتهم أكثر قوة وجاذبية.. ارى أن نيتشه هنا يرفض الفكرة الشائعة بأن معرفة النفس دائماً مفيدة، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص يعيشون على مسافة ضرورية من حقيقتهم، لأن الاقتراب أكثر قد يجعلهم ينهارون أو يفقدون قدرتهم على التأثير في الآخرين ، وكأن هناك من يحتاج إلى الوهم ليبقى متماسكاً .. و يبدو ايضاً أ...

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

صورة
  الأبعاد الفلسفية لفيلم  أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل يحمل فيلم أنا لا أكذب ولكني أتجمل أبعادًا فلسفية عميقة تتعلق بالهوية، والحقيقة، والمظهر الاجتماعي، والصراع الطبقي. يمكن تحليل الفيلم فلسفيًا من عدة زوايا: 1. جدلية الحقيقة والمظهر يطرح الفيلم سؤالًا فلسفيًا حول العلاقة بين الحقيقة والمظهر، وهو سؤال شغل الفلسفة منذ أفلاطون حتى الفلسفة المعاصرة. بطل الفيلم، حمدي، يجد نفسه عالقًا بين واقعه الحقيقي وهويته الزائفة التي صنعها ليحظى بالقبول. هنا يظهر تأثير الفلسفة الظاهراتية (Phenomenology)، حيث يكون للظاهر قوة في تشكيل العلاقات الاجتماعية، حتى لو كان مخالفًا للحقيقة. 2. الهوية والاغتراب حمدي يعيش حالة من الاغتراب (Alienation)، وهو مفهوم ناقشه هيغل وماركس. إنه مغترب عن ذاته الأصلية، حيث يضطر إلى خلق هوية مزيفة ليتكيف مع محيطه. هذا يعكس إشكالية الوجود للذات مقابل الوجود للآخر عند سارتر، حيث لا يكون الإنسان ما هو عليه، بل ما يراه الآخرون فيه. 3. الصراع الطبقي وإشكالية العدالة الاجتماعية الفيلم يبرز بشكل واضح الصراع الطبقي، حيث يجد حمدي نفسه مضطرًا إلى التزييف بسبب فجوة اقتصادية ضخمة ...

لوحة "حوار تحت الأرض" لستيفانو دي ستاسيو (1991)

صورة
  دي ستاسيو معروف بأسلوبه الذي يمزج بين الواقعية والسريالية، مما يجعل لوحاته تبدو وكأنها مشاهد من حلم أو قصة غامضة غير مكتملة. في هذه اللوحة، نجد رجلًا وامرأة في ممر ضيق تحت الأرض، محاطين بأنابيب معدنية ومياه تجري بجانبهما. المشهد يثير التوتر، وكأنهما في موقف خطر أو يعيشان لحظة حاسمة. المرأة تمسك بمصباح يدوي، مسلطة ضوءه نحو فتحة، بينما يرفع الرجل يده أمامها كما لو كان يحاول إيقافها أو تحذيرها من شيء ما. لكن اللافت أن يده الأخرى تمتد داخل فتحة في الجدار، وكأنه يبحث عن شيء أو يحاول الوصول إلى شيء مجهول. هل يحاول فتح باب سري؟ أم أنه يتجسس؟ أم أن ما وراء الجدار أهم مما نراه أمامنا؟ الإضاءة الخافتة للمصابيح، المساحة الضيقة، والمياه المتدفقة كلها تضيف شعورًا بالحصار والقلق. كل عنصر في اللوحة يبدو وكأنه يحمل معنى خفيًا، لكن لا إجابة واضحة. إنها واحدة من تلك اللوحات التي تتركك مع تساؤلات أكثر من إجابات، مما يجعلها مشهدًا يثير الفضول ويشعل الخيال.