المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2025

اليوميات \ سوزان سونتاغ

صورة
  لا أشعر بالذنب لكوني منعزلة، علي الرغم من أنني قد أندم علي ذلك في بعض الأحيان لأن الوحدة مؤلمة. لكن عندما انخرط في هذا العالم أشعر وكأنني في فخ أخلاقي تمامًا. يشبه الأمر البحث عن الحب في بيت للبغاء.  سوزان سونتاغ، اليوميات هذه الفقرة  تعكس بشكل قوي بعض الموضوعات الرئيسية الموجودة في يوميات سوزان سونتاغ الشعور بالانعزال والوحدة: تعترف سونتاغ بعدم شعورها بالذنب لكونها منعزلة، لكنها في الوقت نفسه تعبر عن الألم المصاحب للوحدة. هذا التناقض يظهر صراعها بين حاجتها إلى العزلة للتفكير والإبداع، والشعور الإنساني بالرغبة في التواصل. النقد الذاتي والتساؤل: اعترافها بإمكانية الندم لاحقًا يدل على وعيها بتعقيد خياراتها وعدم يقينها التام بصحتها المطلقة. الشعور بـ "فخ أخلاقي" عند الانخراط في العالم: هذه الصورة القوية تشير إلى إحساسها بالتلوث أو الضياع الأخلاقي عند الانخراط في العالم الخارجي وعلاقاته. تشعر بأن العالم "غير نقي" أو "مبتذل" بطريقة ما، مما يجعل البحث عن شيء نقي كالحب فيه أمرًا صعبًا أو مستحيلًا ("البحث عن الحب في بيت للبغاء"). هذه المقتطفات تعطينا ل...

رواية "دميان" لهرمان هسه: رحلة نحو الذات

صورة
  تُعد رواية "دميان: قصة شباب إميل سنكلير" (Demian: Die Geschichte von Emil Sinclairs Jugend) للكاتب الألماني السويسري هرمان هسه، التي نُشرت لأول مرة عام 1919 تحت اسم مستعار هو "إميل سنكلير"، واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي تتناول رحلة البحث عن الذات والنضوج الروحي. تستكشف الرواية الصراع الداخلي للشاب إميل سنكلير وهو يتنقل بين عالمي الطفولة البريئة والنقاء، وعالم الكبار المليء بالظلام والغموض والتعقيد. تبدأ القصة مع إميل سنكلير، وهو فتى ينشأ في كنف عائلة متدينة ومستقيمة تمثل "عالم النور". يشعر سنكلير بالانجذاب نحو "عالم الظلام" المتمثل في الخدم والقصص الغريبة التي يسمعها. يتورط سنكلير في كذبة مع فتى متنمر يُدعى فرانتس كرومر، مما يجعله أسيرًا لابتزازه وخوفه. يمثل كرومر أول تجسيد لعالم الظلام الذي يقتحم حياة سنكلير الهادئة. يظهر في حياته ماكس دميان، وهو طالب جديد أكبر منه سنًا بقليل، يتمتع بشخصية غامضة وقوية وحكمة تتجاوز عمره. يساعد دميان سنكلير على التحرر من قبضة كرومر من خلال فهمه العميق لطبيعة الخير والشر، ويقدم له تفسيرًا مختلفًا لقصة قابيل ...

أزمة الهوية في عالم مُنمّط: نظرة على فكر إريك فروم

صورة
   أزمة الهوية في عالم مُنمّط: نظرة على فكر إريك فروم يرى إريك فروم أن الإنسان المعاصر يعيش في خضم أزمة هوية عميقة، حيث تتلاشى ملامح الذات الأصيلة تحت وطأة متطلبات مجتمع استهلاكي يسعى لقولبة الأفراد وفقًا لمعايير السوق والنجاح المادي. في هذا السياق، يُجبر الفرد على ارتداء "أقنعة اجتماعية" زائفة تخفي جوهره الحقيقي، مما يؤدي إلى شعور بالاغتراب وفقدان الذات. لقد تحول الإنسان، في نظر فروم، إلى سلعة تُقاس قيمتها بمدى توافقها مع متطلبات السوق، وبقدرتها على تحقيق "النجاح" بمفهومه السطحي. هذا التحول يُفقده إحساسه الفردي الفريد، ويجعله يعيش في حالة من التماهي مع الآخرين، باحثًا عن القيمة والاعتراف في عيون المجتمع بدلًا من اكتشافها في أعماق ذاته. 1. إن المشكلة الرئيسية للإنسان المعاصر ليست أنه غير سعيد، بل أنه لا يعرف كيف يكون سعيدًا.  يشير فروم هنا إلى أن الأزمة ليست مجرد غياب السعادة، بل فقدان القدرة على تعريفها وتحديد مصادرها الحقيقية. المجتمع الاستهلاكي يفرض نماذج زائفة للسعادة مرتبطة بالاستهلاك والمكانة الاجتماعية، مما يُضلل الفرد عن السعادة الحقيقية التي تنبع من النمو ا...

الإنسان الأخير \ باربرا ستيغلر

صورة
  ولأنّ الإنسان هو الكائن الحيّ الأكثر مواجهةً للفوضى فهو "الأشجع"، و"الأكثر قسوةً"، و"الأشدّ معاناةً" فإنّه في الوقت ذاته الأكثر تحصينًا ضدّها، والأشدّ تهديدًا بأن يُغلق على نفسه داخلها إلى الأبد. ومن هنا تنبع استحالة تحديد ماهيّة الإنسان، إذ هو الكائن الأكثر انفتاحًا على الممكن، وفي الوقت ذاته الأكثر تحصّنًا ضدّه. ولهذا، رأى نيتشه إمكانيّة ظهور "الإنسان الأخير".  غير أنّ هذا "الأخير" لا ينبغي فهمه على أنّه نهاية الإنسان (أو آخر أفراد الجنس البشريّ قبل فنائه)، بل هو ذلك الذي لم يَعُد يحدث له شيء، ولا يعترضه جديد، بل هو الذي يُعطّل، بشكلٍ دائم، إمكانيّة المستقبل، حتى يصير ذلك سِمَةً لعصرٍ بأسره. وبما أنّ الإنسان خالٍ، من حيث الماهية، من جوهرٍ ثابت، فهو يحمل في داخله أيضًا أعظم الأخطار: خطر الإغلاق التامّ أمام كلّ ما يفيض عليه من إمكانات الوجود. فهو، وإن كان "شجاعًا"، قد يتملّكه اليأس، وإن كان "قسِيًّا على نفسه"، قد يلجأ إلى الحنوّ الذاتيّ على جسده، وإن كان "يعاني من فرط التناقضات"، فقد يؤثر، في نهاية المطاف...

خيانة المثقفين \ جوليان بيندا

صورة
خيانة المثقفين  هو كتاب للفيلسوف الفرنسي جوليان بيندا نُشر عام 1927. يعتبر هذا الكتاب من الأعمال البارزة التي تناولت موضوعات فلسفية وأدبية حول دور المثقفين في المجتمع وعلاقتهم بالسلطة. خلاصة الكتاب: في هذا الكتاب، يطرح جوليان بيندا نقدًا حادًا لما يسميه "خيانة المثقفين"، حيث ينتقد المثقفين الذين ضحوا بالقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية من أجل دعم الأنظمة السياسية أو الأيديولوجيات التي تتسم بالقوة والقمع. يرى بيندا أن المثقفين في العصور الحديثة قد تحولوا من مدافعين عن الحقيقة والعدالة إلى أتباع للسلطة وأدوات لها. أهم المحاور في الكتاب: 1. المثقفون والسلطة: يناقش بيندا كيف أصبح المثقفون في العصر الحديث يخدمون الأنظمة السياسية بدلاً من الوقوف ضدها. يراهم في النهاية يتحولون إلى أدوات تُستخدم لخدمة السلطة. 2. تدمير القيم الإنسانية: يُدين بيندا كيف أن المثقفين أصبحوا يعبرون عن أفكار وأيديولوجيات تُخدم مصالح السلطة في مقابل المبادئ الأخلاقية والإنسانية. 3. تأثير الأنظمة السياسية: ينتقد الكتاب بشدة تواطؤ المثقفين مع الأنظمة السياسية الاستبدادية في فترة ما بين الحربين العالميتين، خاصة...

لوحة فنية تُصور (كوزيت) وهي إحدى شخصيات رواية البؤساء

صورة
  من أعظم وأصدق المقدمات يبدأ فيكتور هوجو في البؤساء  ما دامت قيمة الانسان تتدهور في الطبقات الدنيا وتسقط المرأة بسبب الجوع ويهزل الطفل بسبب الجهل فإن البؤس سيبقى وستكون القوانين بذاتها سببآ لهلاك المجتمع لوحة فنية تُصور (كوزيت) وهي إحدى شخصيات رواية البؤساء  رُسمت بواسطة إيميلي بايارد  عام 1862م ..  اشتهرت هذه اللوحة حتى أصبحت أيقونة لرواية فيكتور هوجو البؤساء،  وسر قوتها هو حجم المكنسة الهائل الذي يفوق قامة الطفلة كوزيت   وكأن الرسام يقول  إن من الجرم أن يحمل المكنسة كائن يبلغ طوله نصف طولها  لقد لخّص كل ما أراد فيكتور هوجو قوله بخصوص إنتهاك الأطفال في لوحة واحدة .

الذات ليست شيئاً نكتشفه في أعماقنا ( نيتشه \ هيغل )

صورة
  الذات ليست شيئاً نكتشفه في أعماقنا، بل شيئاً يتكوّن في احتكاكنا بالعالم .. كل فكرة تمرّ بك، كل شخص تقابله، كل علاقة ، كل لحظة دهشة أو صراع .. تكشف لك جانباً جديداً من ذاتك .. أنت لا تعرف نفسك تماماً ، حتى تراها خارجك - في اختياراتك، في ردود أفعالك، في ما تحب وما ترفض.. لهذا يقول نيتشه في كتاب الفجر:  لن يعرف الإنسان نفسه إلا بعد معرفته لكل شيء ، لأن الأشياء هي تخوم الإنسان ! أي أن كل ما حولك يرسم حدودك، ويكشف لك حقيقتك.. أما هيغل في كتاب (فنومينولوجيا الروح)  يتفق مع ذلك و يرأى أن الإنسان لا يصبح (ذاته) إلا حين يصطدم بغيره، حين يُقارن نفسه مع الآخرين ويُقاوم وينتزع اعترافاً .. فنحن نكتشف ذكاءنا حين نرى من هو أغبى، ونكتشف هشاشتنا حين نصطدم بمن هو أقوى ! و المرء يتأكد من تفوقه حين يرى من دونه ، ويشعر بنقصه حين يواجه من يفوقه .. لكن نيتشه وسّع هذه الرؤية : ليس فقط الآخر من  يعكسك، بل كل شيء حولك : المدن، الذكريات، الطقوس، الأفكار ، كلها مرايا للذات. بأختصار : كل ما هو خارجك .. يحمل جزءاً منك ! ولهذا حين نربّي طفلًا، لا يصح أن نعزله عن العالم بدافع الخوف المفرط عليه ، ...

أستأنس بصحبة غرباء الأطوار

صورة
  أستأنس بصحبة غرباء الأطوار والاستماع لأفكارهم أولئك المهمشين، غير التقليديين ، المنعزلين، غير المنمطين، المنسيين، المنبوذين ، غالباً هذه النوعية من الناس صهرتهم تقلبات الحياة فخرجوا منها أكثر أصالةً و جمالاً. تجذبني طريقتهم الفريدة في رؤية الحياة. أفكارهم تتحدى المألوف وتغوص في أعماق التجربة الإنسانية. ربما لأنهم يمتلكون شجاعة استثنائية تمكنهم من مواجهة الظلام والعودة منه بأفكار جديدة وملهمة تفيد من حولهم. قالت عنهم الكاتبة الأمريكية ليديا يوكنافتش في (مانيفستو المهمشين): "إذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص الذين لديهم القدرة على الوصول إلى قاع المحيط ، والقدرة على السباحة في المياه المظلمة دون خوف ، والقدرة المذهلة على النجاة من معتركات الحياة  ، فلديك أيضا القدرة على جلب شيء جديد إلى السطح يساعد الآخرين بطريقة لا يمكنهم تحقيقها بأنفسهم، المهمشين و غرباء الأطوار لديهم تلك القدرة الفريدة على المرور من خلال الأحزان، المآسي و الصدمات و الظهور من الجهة الأخرى أكثر قوة"