يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع \ ميشال أونفري
يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع وتخرج إلى الناس حيث تنتمي، وحيث كانت تنتمي في العصور القديمة. لاحظ كيف تزدحم أعمال افلاطون بالناس، السمّاكين، الاسكافيين، المومسات المارات الخ. الفلسفة لا تخص مشرعين يقرأون الكتب المعينة ويتفلسفون خلال وقت دوامهم. أن تكون فيلسوفا يعني أن تتفلسف طوال الوقت: هذا هو التقليد الأنتيكي الذي أود العودة إليه والذي للأسف أخذ في التلاشي بعد صعود المسيحية. يجب القول إنني لا أعتبر أن المسيح كان شخصية تاريخية على الاطلاق- المسيح هو شخصية تبلورت في خيال الإنجيليين الذين لم يعرف كتّابها يوما المسيح، وبهذا خنق آباء الكنيسة الفلسفة التي دارت حول لحم هذا الشخص ودمه فصارت تمرينا وبحثا مجنونا في تفاصيل عجيبة، حيث تأتى عليهم إثبات تلك العجائب مثل الثالوث، القيامة والولادات العذرية. هكذا نحصل على ما يزيد عن عشرة قرون من الفلسفة رُسمت انطلاقا من الرغبة في إضفاء الشرعية على شيء لا يمكن إقراره. فلسفة الجامعات التي نعرفها هي تطوير لتقليد علم المسيحية لذا عندما تتحدث عن فيلسوف فرنسي- النظرية الفرنسية كما يقول الأمريكيون، وأعني فلاسفة مثل دولوز، غاتاري، ديريدا وليوتار الخ – فذلك له علاقة بأصحاب التنويم المغناطيسي تماما. مازلت أبحث عن زميل لي في الفلسفة او أي شخص آخر يمكنه أن يشرح لي مؤلف دولوز «آنتي أوديبوس/أوديب المضاد/الضد أوديب» . كتب فوكو عن الجنون انطلاقا من قراءاته في الأرشيف فهو لم يعرف حقيقة المجانين وواقعهم. وفي عودة أبعد إلى الوراء لدينا سارتر الذي أراد أن يحشد عمال السيارات في بيلانكور، لكن لا أحد منهم فهم ما قال هذا «المثقف الذكي صاحب النظارات» الذي لم يختلط يوما في حياته بعمال حقيقيين. إنه ليس التفكير، بل تمارين التكرار المستغلقة التي تعيد استخدام ذات الطروحات القديمة. أريد عوضا عن ذلك توفير هذه المدرسية، والتقليل من شأن النقاش بأجمله المليء بالمصطلحات الضمنية والثقيلة. لهذا أسعى في فلسفتي التاريخية القبض على التفكير الفلسفي الذي قام خارج هذا التقليد وعاداه.
ترجمة: دنى غالي
تعليقات
إرسال تعليق