فن العيش الحكيم \ آرثر شوبنهاور
الإنسان العامي تحده الأشياء الخارجية خلال بحثه المحموم عن المتع والشهوات من قبيل الثراء والمكانة والأسرة والأصدقاء والمجتمع وما شابه، فكل هذه الأشياء تحجب عنه النظرة البعيدة، وعليها يُقيم صرح سعادته الذي سرعان ما ينهار بالكامل عندما تحيق به خسارة أو تصيبه إحباطات وتلتف حوله خيبات الأمل. يجوز القول عن هذا الشخص وأمثاله بأن نقطة جاذبيتهم تقع خارجهم، لذلك لا عجب إن كانت أمانيهم ونزواتهم لا تستقر على حال ولا يقر لها قرار. فإذا ابتسم الحظ لأحدهم، بادر إلى إقتناء إقامات فاخرة أو خيول جميلة أو إلى إقامة الحفلات والولائم والقيام برحلات السفر، وفي كل هذه الحالات، يكون حريصاً أشد الحرص على التباهي بمظاهر البذخ باحثاً فيها عن إشباعات خارجية، مثله كمثل الكليل المُنهك الذي يبحث عبثاً عن الصحة والعنفوان المفقود في العقاقير والعلاجات الصيدلية، غافلاً عن أن مصدر هذا العنفوان إنما هو القوة الحية المنبعثة من دواخله.
تعليقات
إرسال تعليق