الإنسان المتفوق \ فريدريك نيتشه
أعلنوا من قبل أن بهلواناً سيقوم هناك بالألعاب، فوقف زارا في الحشد يخطبه قائلاً: إنني آتٍ إليكم بنبأ الإنسان المتفوق، فما الإنسان العادي إلا كائن يجب أن نفوقه، فماذا أعددتم للتفوق عليه؟ إن كلاٍّ من الكائنات أوجد من نفسه شيئاً يفوقه، وأنتم تريدون أن تكونوا جزرًا يصد الموجة الكبرى في مدها، بل إنكم تؤثرون التقهقر إلى حالة الحيوان بدل اندفاعكم للتفوق على الإنسان، وهل القرد من الإنسان إلا سخريته وعاره؟ لقد اتجهتم على طريق مبدؤها الدودة ومنتهاها الإنسان، غير أنكم أبقيتم على جلﱢ ما إن الصحراء تتسع وتمتد فويل لمن يطتتصف به ديدان الأرض، لقد كنتم من جنس القرود فيما مضى، على أن الإنسان لم يفتأ حتى اليوم أعرق من القرود في قرديته. ليس أوفركم حكمة إلا كائن مشوﱠش لا يمت بنسبه إلى أصل صريح، فهو مزيج من النبات والأشباح، وما أدعو الإنسان ليتحول إلى شبح أو إلى نبات. لقد أتيتكم بنبأ الإنسان المتفوق. إنه من الأرض كالمعنى من المبنى، فلتتجه إرادتكم إلى جعل الإنسان المتفوق معنى لهذه الأرض وروحًا لها. أتوسل إليكم، أيها الإخوة بأن تحتفظوا للأرض بإخلاصكم فلا تصدقوا مَن يمنونكم بآمال تتعالى فوقها، إنهم يعللو...