الإصغاء و الخلوة مع الذات \ إريك فروم
يُبين "إريك فروم" في كتابه "الإنسان من أجل ذاته" أن شرط الوجود الاجتماعي هو الوجود في البيت ! وشرط الإصغاء إلى الآخر هو الإصغاء إلى الذات. وإصغاء المرء إلى نفسه يواجِه في ثقافتنا الحديثة صعوبات جمّة. يقول فروم : "إن إصغاء المرء إلى نفسه شديد الصعوبة لأن هذا الفن يقتضي قدرة أخرى نادرة في الإنسان الحديث ، هي قدرة المرء على أن ينفرد بذاته ، ونحنُ في الحقيقة أنشأنا رهاب الانفراد ، ونفضِّل أتفه صحبة أو حتى أبغضها ، على أن ننفرد بأنفسنا. أعتقد أن الخوف من أن نكون وحيدين مع أنفسنا هو إلى حد ما شعور بالارتباك ، فنضيع بذلك فرصة الاستماع إلى ذواتنا ، ونستمر في جهلنا لأنفسنا".
على أنه لا مفرّ للإنسان الذي يود أن يتقدم في الحياة من أن يفهم نفسه بعمق إذا أراد أن يفهم الذين حوله و يفهم العالم. فالمعرفة النفسية ليست اختصاصاً قد نميل إليه أو لا نميل ، بل هي ضرورة لنا جميعاً مهما كانت توجهاتنا. يقول فروم : "كيف للمرء أن يعرف العالم ؟ كيف للمرء أن يعيش ويستجيب كما ينبغي إذا كانت تلك الأداة التي ستعمل ، والتي ستقرر ، مجهولة بالنسبة إلينا ؟ نحن المرشد والقائد لهذا ( الأنا ) الذي يتصرف على نحو ما لنعيش في العالم ، ونكوِّن القرارات ونولي الأولويات ، وتكون لنا قيم. فإذا كان هذا ( الأنا ) هذا الفاعل الأساسي الذي يقرر ويفعل ، لا نعرفه كما ينبغي فإنه ينجم عن ذلك أن كل أفعالنا وكل قراراتنا قد تمت بحالة نصف عمياء أو بحالة نصف متيَّقظة". ويقول : "إن التحليل النفسي ليس مجرد علاج ، بل وسيلة لفهم الذات. أي أنه وسيلة في فن العيش ، وهي في رأيي أهم وظيفة يمكن أن تكون للتحليل النفسي".
فن الإصغاء ، إريك فروم ، ترجمة محمود منقذ الهاشمي ، دار الحوار ، سوريا.
تعليقات
إرسال تعليق