المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠٢١

الجريمة والعقاب/ دوستويفسكي 

صورة
   لطالما ترسخ في ذهني مشهد كلما قرأت كلمتي "الجريمة والعقاب" أن أحدًا يُنفذ فيه حكم قاسٍ لارتكابه جريمة ما. لكن الأديب الروسي الكبير فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي طير ذلك المشهد من رأسي.. الجريمة والعقاب، هو اسم أهم رواية كتبها دوستويفسكي، ويصنفها البعض من أهم عشرة كتب في التاريخ. _______ قرب نهاية الأصيل، أي قبل المغيب بقليل، يتمشى شاب في ريعان شبابه، لا يدري إلى أين هو ذاهب بالتحديد ولا يهتم، فقط سار بخطى وئيدة لا يلوي على شيء، لكنه كان يخاطب نفسه حول أمر احتل له في عقله مكانًا في الآونة الأخيرة، هذا الأمر هو ارتكاب جريمة. لكن الفتى، واسمه راسكولينكوف، وهو طالب سابق، لا يعدها جريمة، كان يعتبرها خدمة سوف يقدما للإنسانية. وتلك الخدمة هي قتل عجوز مرابية، ومعنى مرابية أنها تقرض الناس أموال بفائدة ومقابل رهن ما، ودائمًا ما كان الرهن شيء ثمين عزيز لدى المقترض، وإن لم يرجع المقترض ما اقترضه خلال فترة زمنية محددة، يكن الرهن من حقها حسب الاتفاق، وغالبًا ما كان يحدث ذلك نظرًا لتعثر حال المقترض. راسكولينكوف، شاب ذكي، نبيل، ذو مروءة، يسعى لخدمة الناس من دون أن ينتبه ...

لا يمنح الإسم هوية للبطل عند بيكيت

صورة
    لا يمنح الإسم هوية للبطل عند بيكيت. فكما هو الشأن عند يونسكو، نحن لا نعرف مهنة الشخصية ولا انتماءها الإجتماعي، لأنها شخصية منبوذة ومهمشة، بل لا جذور لها. إن البطل في مسرحيات بيكيت مجرد شخص مسكين، لاتاريخ له، وهو مصدر غموض وابهام. وهوية البطل وجب البحث عنها في جسده وفي الفضاء الركحي وفي علاقته بالآخرين. - يحتل الزوجان أو الرفيقان لوحدهما الخشبة ويهيمنان على الفضاء الركحي. فلا وجود لشخصيات ثانوية في مسرح بيكيت : ففي مسرحيتي "في انتظار غودو" و"نهاية اللعبة" يتعلق الأمر بمواجهة بين رفيقين. وفي مسرحية "الأيام الحلوة" يتواجا الزوج ويلي والزوجة ويني في صحراء نائية، ورغم أن العلاقة بينهما هشة ومنفصمة فإنهما مع ذلك يتعايشان ويوجدان. - وشخصيات بيكيت في الغالب ما تتحرك في فضاء مغلق وتخشى اجتياح واحتلال شخص ثالث لفضائهما،هذا الإحتلال الذي يشكل خطرا على العلاقة الهشة التي تجمع بينهما، بل إن العلاقة السادية-المازوخية هي شرط أولي لإستمرار حياة الزوجين أو الرفيقين: إن هذه الكائنات التائهة أبديا، تقضي وقتها في التنابز والتصارع وتبادل الإتهامات. وهناك عنصر مشترك بين الأ...

الزهرة في الصخرة / بقلم د. روان عصام يوسف

صورة
  كثيراً ما أتوقف أمام الآية الكريمة التى تقول: ” ويخلق ما لا تعلمون ” وأتساءل ألا تضع كلماتها المقدسة مفتاحاً للتفكير والتفكر فيما حولنا وما هو الذي لا نعلمه .. وذات مرة وانا اتصفح احد مواقع التواصل الاجتماعي اذ أنني أري أمامي صورة تتجسد بها كل الكلمات المقدسة التي وردت في هذه الاية .  ارى امامي زهرة انبثقت من بين الصخور، لكي تعلن عن ولادتها وعن مدي قوة الطبيعة التي تشق طريقها ولو من بين الصخور , وأتسائل أي الزهور انت ..؟ فانت زهرة برية تخرج من بين الصخور لا تشبه اي زهرة اخرى فهي نادرة الوجود, ولدت لتشق الصخر وتتنفّس وترى الضوء متمردة على الواقع وعلى الطبيعة والظروف, رافعة رأسها وفاتحة عيناها الى السماء لتغير وجه السماء بنثر عطرها فيه, فتلك الزهرة البرية قوية على الظروف هي الزهرة النادرة البرية التي تأبى ان تمسها يد تزرعها فهي حرة وتأبى ان تتكل على احد يهتم بها تحفر جذورها بالصخر الصلب تنبت ما بين ضلوعه عنوة, هذه الزهرة هي بمثابة الامل بالنسبة لي, فمهما كانت الامال مستحيلة وتحقيقها اشبه بالمحال فلابد من وجود وسيلة لتحقيق هذه الامال حتي ولو كانت كل الظروف القاسية ضدي.  فه...

مسرحية الدرس ليونيسكو / د. علي خليفة

صورة
  تحول الحلم لكابوس في مسرحية الدرس ليونيسكو د علي خليفة في رأيي أن مسرحية الدرس ليوجين يونسكو تتشابه في بنائها مع الحلم الذي يتجاوز الحقائق ويصنع عالما خاصا به ولكن هذا الحلم ما يلبث أن يتحول لكابوس فإذا بالعالم الهادئ الذي أوجده يصيبه مس الكابوس فنرى بعض أشخاصه وقد تحولوا لسفاحين بعد أن كنا نراهم في صورة حالمة ففي هذه المسرحية تفتح الستار عن خادمة في منزل مدرس تستقبل تلميذة في الثامنة عشرة من عمرها بترحيب ثم يرحب بها المدرس ويسألها أسئلة سهلة بل ساذجة وتجيب عنها كسؤاله لها عن عاصمة فرنسا وسؤاله لها عن حاصل جمع واحد وواحد وما شابه ذلك من أسئلة لا تتناسب إلا مع التلاميذ الصغار لا طالبة في الثامنة عشرة من عمرها ويثني عليها المدرس ويعرف منها رغبتها في الحصول على دكتوراة شاملة في العلوم والآداب معا وبالطبع هذا عبث ولكنه مقبول في منطق الحلم ومع تتابع أحداث المسرحية نرى المدرس يقدم معارف مغلوطة للتلميذة عن أشياء كثيرة لا سيما في اللغات التي لا يرى فوارق بينها ولعل المؤلف يعني بهذا أنها تتشابه في كونها فقدت القدرة على إيجاد التواصل بين الناس ومع تتابع أحداث المسرحية تتحول عبارات الثنا...

راسكولنيكوف/ دوستويفسكي "الجريمةوالعقاب"

صورة
 ( سأقدم نصا يختصر بعمق القضايا الفكرية ذات الطابع الفلسفي الأصيل التي يطرحها دوستويفسكي في رواياته ، و النموذج اليوم هو بطله 'راسكولنيكوف' الذي يشخص من خلاله تيارا فكريا ومنهجا حياتيا ، استطاع دوستويفسكي أن يصوغه بفنه الرائع ).   إن ما كان يؤلمه إيلاما شديدا حتى جعله مريضا ، إنما الجراح التي أصيبت بها كبرياؤه ! .. لقد كان يمكن أن يسعد أشد السعادة لو كان في وسعه أن يتهم نفسه و أن يدين نفسه ! لو استطاع ذلك إذن لكان يمكن أن يحتمل الخزي و ان يحتمل العار ! و لكنه مهما تشتد قسوته في الحكم على نفسه ، فإن ضميره المتصلب كان لا يجد في ماضيه أية خطيئة فظيعة ، اللهم إلا أن تكون هذه الخطيئة هي أن ضربته قد أخفقت . صحيح أن هذا يمكن ان يقع لجميع الناس ، و لكنه كان يشعر بالخزي من أنه ضاع بمثل هذه العماوة ، بمثل هذه الحماقة ، بمثل هذا الانهيار ، و من أنه خاصة مضطر..أن ينصاع لحكم هذا القدر الأعمى ، و أن يخضع أمام سخافة هذا الحكم ، إذا هو أراد أن يسترد الهدوء و السكينة . إن قلقا لا موضوع له و لا غاية له في الحاضر ، و أن تضحية متصلة غير منقطعة في المستقبل ، ذلك كل ما ينتظره هنا على هذه ...

نيتشه برواية لو سالومي

صورة
   الكائن الأسمى لدي نيتشه هو من يتحملُ مشقة عملية التحرر ويعلنُ الحربَ على القناعات التي برأيه هي أعداء الحقيقة وأشدّ خطورةً من الكذبِ ، إذاً فإنَّ فحوى الرسالة التي كتبها لسالومي "على المرء أن يواجه عناء إنعتاقه من أغلاله هو، وأخيراً على المرء أن ينعتقَ من ذلك الإنعتاق أيضاً" يعكسُ مايصبو إليه نيتشه من التفوق على نفسه والذهاب بعيداً عن مُثله الأمر الذي يفسرُ التباين في أفكاره باختلاف المراحل التي عاشها بكل صخب وجودي وعنفوان معرفي والمبدأُ الأساسي في حياة مؤلف "أفول الأصنام" هو تفكيك المفاهيم الفلسفية القارة، لذلك لايصحُ الإستغراب من مواقفه المتناقضة حول الشخصيات التي صاحبها أو كانت بمثابة بارادايم بالنسبة له، ومن ثمَّ انقلبَ عليها إذ أن تكوينه العقلي يتميزُ بصفة الجدلية والنزوع إلى الخطاب السجالي فهو يصفُ منهجه لافتاً إلى أنَّ "هذا المفكر ليس في حاجة إلى من يدحضهُ ويفندهُ فهو يفعل ذلك بنفسه ببراعة متناهية" مايعني أنَّ التفكير هو وجه آخر للتقويض والنقد.واللافتُ في هذا السياق أنَّ حياة نيتشه الفكرية هي إمتداد لسيرته الحياتية وماعاناهُ من الأمراض الجسدية ا...