الفن \ كلايف بل
إيه اللي بيخلينا نسمي لوحة لفان جوخ بـ "فن" وما يخليناش نقول على ترابيزة السفرة "فن"؟ دا سؤال بيطرحه كلايف بل في كتابه العظيم "الفن"، في محاولة ناجحة لتأسيس نظريته الفلسفية حول الجمال الفني.
بيعتقد كلايف بل إن سبب أساسي هو المتلقي. متلقي الفن بيقدر يعرف إن لوحة فان جوخ فن، عناصرها وألوانها وأفكارها فن، في حين إن ترابيزة السفرة مش فن، أو حرفة يدوية تقليدية يمكن تعلمها طبقًا لقواعد معروفة ومقاسات محددة، ومن هنا كان في فرق أصلا ما بين "الرسم" و"الفن"، بمعنى إن مش كل رسم ممكن يطلق عليه فن، مش كل رسام فنان.
كلايف بل بيوصل لمعضلة: هل كل متلقي هو متلقي جيد للفن؟ هل المسألة فقط في إيد المتلقي لوحده؟ هنا بيوصل كلايف لما سماه "التربية الجمالية". يقدر شخص عادي يحكم على أي عمل فني إنه فن، بس عشان يوصل لدا الفطرة لوحدها مش كفاية، محتاج يتربى تربية جمالية عشان يميز الفن والجمال اللي في العمل الفني. لكن من ناحية تانية، تم الاتفاق ضمنيًا وبالبديهة إن العمل الفني له شروط، اللي هي المعايير الفنية، اللي مش شرط يكون حد واحد حطه لكنه "الحس المشترك"، الاتفاق الجماعي، وهو الاتفاق القابل للكسر طول الوقت والخروج منه، لكن دا بيحصل عادة بشروطه وبفهمه، بفهم إيه هي الشروط اللي هتكسرها، والتقويض دا هيأسس لإيه (رغم إن التقويض نفسه مش لازم يتطلع للتشييد لكنه بيعمل كدا بالفعل).
كلام كلايف بل عن الفن التشكيلي هو كلام يمكن سحبه ببساطة على كل الفنون (خاصة السينما والأدب)، بالتأكيد في أفلام وكتابات بتتميز بالحد الأدنى من الجماليات مع نجاح جماهيري كبير أو العكس، وفي فنون رغم تحقيقها قدر كبير من الجمال والفن ما بتقدرش تتواصل مع الجمهور، جايز لأنها جديدة على ذائقته، لكنها بالتأكيد بتفتح سكة جديدة في الفن، ممكن أثرها يبان مع أجيال تانية (من هنا بتيجي أهمية أوليسيس لجيمس جويس، وشغل فيرجينيا وولف، وأعمال بورخس، وممكن أجيال تانية تقدّر الفن لأنهم اتربوا جماليا بشكل أفضل، ودا يفسر تقدير فان جوخ بعد موته، وكتير غيره).
الخلاصة اللي ممكن نوصل لها إن تلقي الفن موهبة، إن القراءة موهبة، إن سماع الموسيقى موهبة، ودي كلها مواهب نقدر نغذيها بالاطلاع الجيد أو ما يسمى بـ "التربية الجمالية".
تعليقات
إرسال تعليق