تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش

 



الإنسان السعيد هو من يقضي حياته دون آلام نفسية أو جسدية كبيرة، لا من يحصل فيها على متع وملذات كثيرة وكل من يتخذ من المتع و الملذات مقياسا للسعادة، فقد اتخذ المقياس الخاطئ لأن المتع والملذات تبقى دائما سلبية، و من الوهم أن نعتبرها طريقا لتحصيل السعادة.

 إن طلب المتع والملذات كثيرا ما ينقلب إلى ضده ليصبح شقاء يهدد حياة الإنسان. و على خلاف ذلك، فإن غياب الألم يعد معيارا صحيحا للحكم على السعادة، فمن كانت حياته خالية من الألم واكتمل ذلك بزوال الهموم عنه، أيضا، فقد نال جوهر السعادة الذي يصبح ما عداد وهما تافها.

يتعين على المرء، إذن، ألا يطلب الملذات المحفوفة بالآلام لأنه في هذه الحالة، إنما يضحي بما هو واقعي و إيجابي من أجل شيء وهمي و سلبي، بل من المفيد له أن يضحي بجميع الملذات في سبيل تجنب الآلام. ولا يهم، في كل الأحوال، أكانت الآلام سابقة على الملذات أم لاحقة عليها لأن المسرح كله هو مسرح تعاسة، ومن الحماقة أن يسعى المرء إلى تحويل هذا المسرح البئيس إلى فضاء للمتعة يبحث فيه عن اللذة بدل السعي إلى تجنب الألم. ومع ذلك، فإننا نرى أن كثيرا من الناس قد أصيبوا بهذه الحماقة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل